تركيا تعتقل خمسة رؤساء بلديات في أحدث حملة قمع للمعارضة

اعتقلت السلطات التركية خمسة رؤساء بلديات وأصدرت أوامر اعتقال بحق عشرات المسؤولين في أحدث حملة قمع  للمعارضة تستهدف شخصيات معارضة، مع التركيز على رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.

وفقا لتقرير فاينانشال تايمز، يُنظر إلى هذه الخطوة، التي شهدت مداهمات للشرطة لمكاتب البلدية واعتقال العديد من القادة المحليين من حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي، على نطاق واسع على أنها أحدث محاولة من الرئيس رجب طيب أردوغان لإسكات منافسيه السياسيين وتشديد قبضته على السلطة.

حملة قمع تركيا للمعارضة واعتقالات لشخصيات بارزة

يوم السبت، داهمت الشرطة التركية عدة مبانٍ بلدية في أنحاء إسطنبول، واعتقلت ثلاثة رؤساء بلديات ونائبًا سابقًا عن حزب الشعب الجمهوري، وفقًا لوكالة أنباء الأناضول الرسمية. بالإضافة إلى ذلك، اعتُقل رئيسا بلديتين من حزب الشعب الجمهوري في محافظة أضنة جنوب البلاد، ليصل إجمالي عدد المعتقلين إلى 30.

أصدرت السلطات مذكرات اعتقال بحق عدد أكبر من مسؤولي المعارضة، مما كثّف سلسلة من حملات القمع منذ اعتقال إمام أوغلو في مارس.

أردوغان يتهم البلدية بالنشاط الإجرامي، وإمام أوغلو يرد

اتهم الرئيس أردوغان بلدية إسطنبول بالعمل كـ”منظمة إجرامية”، وذلك في أعقاب تهم الفساد والإرهاب التي وُجهت لإمام أوغلو في وقت سابق من هذا العام. إلا أن إمام أوغلو نفى هذه المزاعم نفيًا قاطعًا، وأدان أردوغان لاستخدامه القضاء كسلاح لقمع المعارضة ومنع أي تحدٍّ حقيقي لحكمه المستمر منذ 22 عامًا.

احتجاجات واسعة النطاق وتداعيات سياسية

أثار اعتقال إمام أوغلو أكبر موجة من الاحتجاجات المناهضة للحكومة شهدتها تركيا منذ أكثر من عقد. يتهم أنصار أردوغان ونشطاء المجتمع المدني أردوغان باتباع أساليب استبدادية، محذرين من أن هذه الحملة القمعية تشير إلى تآكل أعمق للمعايير الديمقراطية في البلاد.

تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن إمام أوغلو، البالغ من العمر 53 عامًا، من المرجح أن يهزم أردوغان في منافسة رئاسية مباشرة، مما يعكس استياءً عامًا متزايدًا من تعامل الحكومة مع الاقتصاد.

الاضطرابات الاقتصادية وردود فعل السوق

أثارت حملة قمع تركيا للمعارضة قلق المستثمرين الدوليين أيضًا، مما أجبر البنك المركزي التركي على إنفاق ما يقدر بنحو 50 مليار دولار من احتياطياته لتحقيق الاستقرار في الليرة، التي لا تزال عند أدنى مستوياتها القياسية.

انخفض مؤشر الأسهم الرئيسي في البلاد بنسبة 17٪ منذ سجن إمام أوغلو، مما يعكس مخاوف متزايدة بشأن سيادة القانون والحوكمة الاقتصادية.

استجابةً لارتفاع التضخم، الذي يبلغ حاليًا 38٪ سنويًا، اضطر البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة القياسي إلى 46٪، مما زاد من الضغط على اقتصاد تركيا البالغ 1.3 تريليون دولار. أظهرت البيانات الأخيرة تباطؤ النمو الاقتصادي في الربع الأول إلى 2% فقط، وهو معدل أقل من توقعات المحللين.

أقرا أيضا.. إسرائيل ترتكب جرائم حرب.. أولمرت يعترف ويدعو لوقف فوري للحرب التدميرية في غزة

رد فعل غربي خافت وضغط دولي محدود

على الرغم من الاضطرابات السياسية والاقتصادية، كانت انتقادات حلفاء تركيا الغربيين خافتة إلى حد كبير. ومن الاستثناءات البارزة ناتشو سانشيز أمور، مقرر البرلمان الأوروبي المعني بتركيا، الذي زار إمام أوغلو في السجن ودعا السلطات التركية علنًا إلى احترام سيادة القانون والإفراج عن رئيس البلدية المحتجز.

حملة قمع وتعبئة سياسية مستمرة

منذ مارس، سُجن مئات من مسؤولي البلديات وأعضاء آخرين في حزب الشعب الجمهوري في موجات اعتقال متتالية.

تؤكد الحكومة أن هذه الاعتقالات ليست ذات دوافع سياسية، بل تُظهر أن “لا أحد فوق القانون”. ومع ذلك، يجادل قادة المعارضة ومنظمات المجتمع المدني بأن هذه الحملة هي محاولة واضحة لقمع المعارضة السياسية قبل الانتخابات المقبلة.

ردًا على الاعتقالات الأخيرة، دعا رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، إلى اجتماع طارئ لمشرعي إسطنبول والمسؤولين المحليين للتخطيط للخطوات التالية للحزب في مواجهة ما يعتبره تهديدًا وجوديًا للديمقراطية التركية.

زر الذهاب إلى الأعلى