تركيا تخطط لبناء قاعدة فضائية في بلد عربي لاختبار الصواريخ بعيدة المدى

كشفت وسائل إعلام تركية مقربة من الحكومة، عن مشروع غير مسبوق تسعى أنقرة لتنفيذه في الصومال يتمثل في إنشاء أول قاعدة فضائية تركية خارج الأراضي الوطنية، لاختبار الصواريخ بعيدة المدى وتعزيز حضورها في سباق الفضاء العالمي.

تركيا تتجه لإنشاء قاعدة فضائية في الصومال

وذكرت صحيفة Türkiye، أن المشروع يُعد “خطوة حاسمة” نحو ترسيخ مكانة تركيا كقوة فضائية صاعدة، مشيرة إلى أن العمل في المشروع سيبدأ قريباً، على أن يكتمل خلال عامين.

وبحسب التقارير، خُصصت منطقة ساحلية استراتيجية على المحيط الهندي بمساحة 900 كيلومتر مربع لإنشاء القاعدة، بتكلفة استثمارية متوقعة تبلغ نحو 350 مليون دولار، فيما تشير مصادر أخرى إلى أن الرقم قد يصل إلى 6 مليارات دولار، ما يعكس حجم الطموح التركي في هذا المجال.

ومن المتوقع أن يتيح المشروع لتركيا تنفيذ تجارب على الصواريخ الباليستية والفضائية من موقع استراتيجي ذي ميزات نادرة.

توسّع متصاعد في الحضور التركي بالصومال

يأتي هذا المشروع ضمن سياق استراتيجي أوسع يشمل تعزيز النفوذ التركي في الصومال.

ففي عام 2017، افتتحت أنقرة قاعدة “Turk SOM” العسكرية قرب العاصمة مقديشو، والتي تُعد أكبر قاعدة تركية خارج البلاد، بتكلفة تجاوزت 50 مليون دولار.

وتقوم هذه القاعدة بتدريب وحدات النخبة الصومالية مثل “الغوغور” و”الحرامقاد”، وقد خرّجت أكثر من 10 آلاف جندي حتى الآن.

وفي أبريل 2025، أرسلت تركيا دفعة إضافية من 500 جندي إلى الصومال، بعد أن جدد البرلمان التركي تفويض نشر القوات هناك، في إطار عمليات دعم مكافحة تنظيم “القاعدة” المرتبط بحركة الشباب.

كما تُستخدم مسيرات تركية من طراز “بيرقدار TB2″ و”آقنجي” في تأمين القاعدة وميناء مقديشو، ضمن منظومة أمنية متكاملة.

لماذا اختارت تركيا الصومال لإنشاء قاعدتها الفضائية؟

يرى محللون أن القرار التركي بإنشاء قاعدة فضائية في الصومال لم يكن عشوائياً، بل يعكس حسابات جيوسياسية وتقنية دقيقة.

يتمتع الصومال بموقع جغرافي استثنائي قرب خط الاستواء، ما يمنح الصواريخ دفعة إضافية عند الإطلاق ويُقلل من استهلاك الوقود، وهي ميزة مهمة في سباق الفضاء.

كذلك، تُوفّر السواحل الصومالية الواسعة والمناطق غير المأهولة ظروفاً مثالية لتجارب إطلاق الصواريخ دون تعريض السكان أو البنية التحتية للخطر.

كسر الاحتكار الفضائي للدول الكبرى

وتُعد هذه الخطوة امتداداً لعلاقات تركية أفريقية متنامية، إذ عملت أنقرة خلال العقد الأخير على تعزيز حضورها في القارة عبر مشاريع بنية تحتية وتنموية وعسكرية.

ويحمل المشروع أبعاداً سياسية وتقنية، ويعكس رغبة تركيا في كسر الاحتكار التقليدي للفضاء الذي كانت تحتكره قوى كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، إلى جانب منافسة النفوذ الفرنسي التقليدي في أفريقيا.

ويندرج المشروع ضمن رؤية شاملة لدمج أدوات القوة الصلبة والناعمة في السياسات الخارجية التركية، كما أن الصومال يمثل بوابة استراتيجية نحو المحيط الهندي والبحر الأحمر، ومن ثم فإن القاعدة الفضائية ستمنح أنقرة نقطة ارتكاز في واحدة من أهم مناطق النفوذ في العالم.

طموحات فضائية متصاعدة

المشروع الجديد يأتي في سياق برنامج “الفضاء الوطني التركي”، الذي أطلقه الرئيس رجب طيب أردوغان عام 2021، ويضم 10 أهداف كبرى من بينها إرسال أول تركي إلى الفضاء.

كما تسعى تركيا لتأسيس “ميناء فضائي” خاص بها وتطوير نظام تحديد المواقع المحلي، فضلاً عن زيادة الاعتماد على القدرات الوطنية في صناعة الأقمار الصناعية، مثلما حدث مع إطلاق “تركسات 5 بي” في 2021 و”تركسات 6 إيه” في يوليو 2025.

شراكات وتمويلات محتملة

رغم الطابع الوطني للمشروع، أشارت تقارير إلى أن تركيا تبحث عن شركاء دوليين لتمويل القاعدة الفضائية، وسط ترجيحات بأن تكون دولة الإمارات أحد أبرز المرشحين للمشاركة، في ظل التقارب السياسي والتعاون الصناعي المتزايد بين أنقرة وأبوظبي.

تحديات من تردي الوضع الأمني في الصومال

ورغم الطموح، لا يخلو المشروع من تحديات، أبرزها الوضع الأمني الهش في الصومال، وانتشار الجماعات المسلحة، وصعوبة تأمين المنشآت الضخمة على المدى الطويل.

غير أن تركيا تمتلك تجربة طويلة في العمل في بيئات صراعية، وتتبنّى استراتيجية متعددة الأبعاد تجمع بين العمل الأمني والدعم التنموي، مما يعزز فرص إنجاح هذا المشروع الطموح.

نقلة في الطموح التركي

يُمثل مشروع القاعدة الفضائية التركية في الصومال نقلة نوعية في الطموح الجيوسياسي والتقني التركي، ويجمع بين الحضور العسكري، والاستثمار الفضائي، والرؤية الاستراتيجية نحو أفريقيا. وبينما قد تواجه أنقرة تحديات لوجستية وأمنية، فإنها تراهن على أن الصومال سيكون منصة جديدة لانطلاق تركيا إلى فضاء النفوذ العالمي.

اقرأ أيضاً.. عصابات مخدرات في الخطوط الأمامية تقاتل مع أوكرانيا.. لماذا تسللت عناصر التهريب للمشاركة في الحرب؟

زر الذهاب إلى الأعلى