تسرب جليد النار.. تهديد مناخي وجيولوجي جديد لكوكب الأرض 

القاهرة (خاص عن مصر)- اكتشف العلماء سحبًا ضخمة من غاز الميثان تتسرب من قاع البحر، وتنشأ من مادة تُعرف باسم جليد النار أو هيدرات الميثان.

وفقا لتقرير صنداي تايمز، أثار الاكتشاف المذهل تحت الصفائح الجليدية في القارة القطبية الجنوبية مخاوف جديدة بشأن تغير المناخ والاستقرار الجيولوجي.

يؤدي تسرب جليد النار، هذا المركب المجمد، المخزن بكميات هائلة تحت قاع البحر، إلى تسريع الانحباس الحراري العالمي أو حتى إحداث موجات تسونامي إذا أصبح إطلاقه خارج نطاق السيطرة.

لطالما أذهل هيدرات الميثان الباحثين بسبب خصائصه الفريدة. فعند إحضاره إلى السطح، يمكن إشعال قطع من المادة المجمدة، مما أكسبه لقب جليد النار. ومع ذلك، فإن أخطر خصائصه تكمن في تركيبته – الميثان هو أحد أقوى غازات الدفيئة، مع إمكانية ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 30 مرة أكبر من ثاني أكسيد الكربون.

تسرب جليد النار
توضيحية – صنداي تايمز

تسرب جليد النار: انبعاثات غاز الميثان

لأول مرة، تمكن العلماء الإسبان من تحديد تسرب جليد النار، وهي انبعاثات واسعة النطاق من غاز الميثان من قاع البحر في القارة القطبية الجنوبية.

توصل الفريق، بقيادة الجيولوجيين ريكاردو ليون وروجر أورجيليس، إلى هذا الاكتشاف خلال رحلة استكشافية حديثة. وفي حين تم بالفعل تسجيل أعمدة غاز الميثان في القطب الشمالي والبحر الأسود، إلا أن وجودها في القارة القطبية الجنوبية لم يكن معروفًا من قبل.

تنشأ هذه الأعمدة، التي يصل ارتفاعها إلى 350 مترًا ويمتد طولها إلى 700 متر، من أعماق تبلغ حوالي 750 مترًا تحت مستوى سطح البحر. وإذا وصلت الانبعاثات إلى الغلاف الجوي، فإنها ستمثل عاملًا لم يتم حسابه من قبل في توقعات المناخ.

أكد ليون أن “هذا يمثل متغيرًا جديدًا، نظرًا لحجمه، يجب أخذه في الاعتبار عند تصميم سيناريوهات المناخ المستقبلية”.

اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي يساعد في التنبؤ بالأوبئة المستقبلية والوقاية منها

تهديد للمناخ والاستقرار

لا يزال العلماء يحققون فيما إذا كان الميثان المنبعث يصل إلى الغلاف الجوي أو يذوب في مياه البحر قبل أن يطفو على السطح. إن عدم اليقين يجعل من الضروري تقييم الآثار المحتملة على الانحباس الحراري العالمي.

كما وجد الفريق أن الذوبان التدريجي للغطاء الجليدي في القارة القطبية الجنوبية يتسبب بشكل غير مباشر في تسرب الميثان عبر خطوط الصدع على طول قاع المحيط. تحدث هذه العملية، المعروفة باسم الارتداد المتساوي، عندما ترتفع الكتل الأرضية بعد تخليصها من وزن القمم الجليدية الذائبة.

تسرب جليد النار

فهم تسرب جليد النار

يظل الجليد الناري مستقرًا تحت الضغط العالي ودرجات الحرارة المنخفضة، ولكن مع تغير الظروف البيئية، يبدأ في عدم الاستقرار، ويتحلل إلى الماء والميثان الغازي. ثم يتصاعد هذا الميثان عبر قاع البحر في شكل أعمدة.

قدر الفريق وجود تركيزات عالية من الجليد الناري تحت منطقة تبلغ مساحتها 5000 كيلومتر مربع حول جزيرة الملك جورج وجزيرة الفيل في القارة القطبية الجنوبية.

التحقيق في الروابط مع تغير المناخ

في حين أن إطلاق الميثان من الجليد الناري هو عملية جيولوجية طبيعية، فإن السؤال يبقى ما إذا كان تغير المناخ الناجم عن الإنسان يعمل على تسريعها. حذر روجر أورجيليس من الاستنتاجات المبكرة: “نحن لا نعرف حتى الآن ما إذا كانت هذه العملية مرتبطة بأي شكل من الأشكال بتغير المناخ الناجم عن الإنسان.

ربما تسارع فقدان الجليد من الذروة الجليدية الأخيرة بسبب النشاط البشري الأخير، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من التحليل”.

سيستمر البحث، الذي أجري كجزء من مشروع Ice Flame التابع لوزارة العلوم الإسبانية، في تحليل عينات الرواسب والمياه التي تم جمعها أثناء الرحلة الاستكشافية لتحديد مدى وتأثير انبعاثات الميثان.

إمكانية حدوث تسونامي وانهيارات أرضية

بالإضافة إلى آثاره المناخية، يمثل تحلل هيدرات الميثان أيضًا خطرًا جيولوجيًا كبيرًا. عندما يتحول الغاز من الشكل الصلب إلى الغازي، فإنه يتمدد 160 مرة في الحجم، مما قد يؤدي إلى إزاحة كميات هائلة من التربة. وقد ارتبطت هذه العملية بانهيارات أرضية تحت الماء وموجات تسونامي سابقة.

يُعتقد أن انهيار ستوريجا الأرضي، وهو أكبر انهيار أرضي تحت الماء معروف في التاريخ، كان سببه زعزعة استقرار هيدرات الميثان منذ حوالي 8150 عامًا.

نداء لمزيد من البحث

إن اكتشاف أعمدة الميثان في القارة القطبية الجنوبية يؤكد على ضرورة فهم ديناميكيات الجليد الناري وتداعياتها الأوسع نطاقًا. ومع استمرار تغير المناخ في إعادة تشكيل المناطق القطبية، يجب مراقبة دور انبعاثات هيدرات الميثان عن كثب لتقييم المخاطر المحتملة على كل من البيئة والسكان البشر.

يؤكد العلماء أن البحث المستمر والتعاون سيكون ضروريًا لتحديد ما إذا كان من الممكن التخفيف من حدة هذا التهديد الجديد قبل تفاقمه.

زر الذهاب إلى الأعلى