تصريح مثير للجدل يورط ترامب في معاداة السامية.. هل تعمد الرئيس الأمريكي الإساءة لليهود؟

أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة من الغضب والانتقادات، عقب استخدامه مصطلحًا مثيرًا للجدل خلال خطاب ألقاه في ولاية أيوا، حين أشار إلى بعض المصرفيين بوصفهم “شايلوك”، وهو مصطلح يحمل دلالات تاريخية ترتبط بالصورة النمطية لليهود كمراكمين للثروة وجشعين في الإقراض.

وقال ترامب خلال حديثه عن قانون خفض الضرائب والإنفاق الذي أقرّه الكونغرس مؤخرًا:”فكروا في هذا: لا ضريبة على الوفاة، لا ضريبة على التركات، لا حاجة للذهاب إلى البنوك والاقتراض، في بعض الحالات من مصرف جيد، وفي حالات أخرى، من شايلوك وأشخاص سيئين”.

من هو “شايلوك”؟ ولماذا يثير الحساسية؟

“شايلوك” هو شخصية يهودية خيالية في مسرحية “تاجر البندقية” لوليام شكسبير، تجسّد صورة المرابي الجشع الذي لا يرحم المدينين.

وقد تحولت الشخصية على مدى قرون إلى رمز يستخدم للإشارة إلى اليهود بطريقة سلبية، وهو ما يجعل استخدام المصطلح في الخطاب العام مثيرًا للغضب لدى العديد من المنظمات اليهودية.

ويُعتبر وصف أي جهة مالية أو فرد بـ”شايلوك” أمرًا محمّلًا بالتحقير والمعاني العنصرية، خاصة في سياق سياسي يتسم بالحساسية تجاه قضايا الكراهية الدينية.

رابطة مكافحة التشهير تصف تصريحات ترامب بأنها “خطيرة للغاية”

رابطة مكافحة التشهير أدانت استخدام ترامب للمصطلح بشدة، معتبرة أن ما صدر عنه “يستحضر صورة معادية للسامية راسخة منذ قرون تربط اليهود بالجشع والربا”، وفقًا لبيان رسمي صادر عن المنظمة.

وأضاف البيان أن استخدام مثل هذه التعابير “أمر خطير وغير مسؤول من شخصية بحجم الرئيس السابق”، داعية إلى “مواجهة الخطاب الذي يعيد إنتاج الكراهية التاريخية تجاه الأقليات الدينية”.

ردود فعل سياسية غاضبة بعد تصريحات ترامب

النائب الديمقراطي دانيال غولدمان، عن نيويورك، وصف تصريحات ترامب بأنها “معاداة سافرة لـ السامية”، مضيفًا على منصة “إكس”:”ترامب يعلم تمامًا ما يفعله… لا يمكن لمن يدّعي مواجهة معاداة السامية أن يروّج لأكثر صورها فظاعة”.

وقد فتح التصريح باب الهجوم السياسي مجددًا على ترامب، خصوصًا مع اقتراب الحملات الانتخابية وتصاعد الجدل حول المواقف من الأقليات والديانات.

ترامب ينفي علمه بمعنى الكلمة

في محاولة لاحتواء الغضب، دافع ترامب عن نفسه قائلًا إنه لم يكن يعلم بالخلفية الدينية أو التاريخية للمصطلح. وقال للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية:”أن تكون شايلوك يعني، لنقل، أن تقرض المال بفائدة مرتفعة. لم أسمع بالمصطلح بهذا المعنى من قبل”.

إلا أن هذا التبرير قوبل بتشكيك واسع، خاصة أن المصطلح سبق أن أثار جدلًا مشابهًا في أوساط سياسية أمريكية.

بايدن استخدم نفس الكلمة واعتذر

الحادثة تعيد إلى الأذهان واقعة عام 2014 عندما استخدم نائب الرئيس الأمريكي آنذاك، جو بايدن، نفس المصطلح خلال حديثه عن “المقرضين الانتهازيين”. وقد قدّم بايدن لاحقًا اعتذارًا رسميًا، واصفًا ما حدث بـ”سوء اختيار للكلمات”.

وقال أبراهام فوكسمان، الذي كان يرأس رابطة مكافحة التشهير في تلك الفترة: “نرى مجددًا ترسخ الصورة النمطية عن اليهود في المجتمع… من المؤسف أن تعود هذه اللغة إلى الواجهة”.

جدل حول تعريف معاداة السامية بعد تصريحات ترامب

في قلب هذا النقاش يتجدّد الجدل حول تعريف معاداة السامية الذي يعتمده “التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA)”، والذي تستخدمه مؤسسات أمريكية كمرجعية قانونية.

ووفق هذا التعريف:”معاداة السامية هي تصور معين لليهود يمكن أن يتجلى في كراهية تجاههم، وتستهدف مظاهرها أفرادًا أو ممتلكات أو مؤسسات دينية”.

لكن هذا التعريف يُنتقد بشدة من أكاديميين وحقوقيين يرون فيه أداة لتقييد حرية التعبير، خاصة فيما يتعلق بانتقاد سياسات إسرائيل.

هل تعمّد ترامب الإساءة لليهود ومعاداة السامية؟

في ضوء السياق السياسي والتكرار في استخدام تعبيرات مثيرة للجدل، يزداد التساؤل: هل كان تصريح ترامب مجرد زلة لسان، أم جزءًا من خطاب موجّه لكسب جمهور معين؟

بين محاولات الدفاع والاتهامات المتصاعدة، تبقى الكلمة التي قالها في أيوا تشكّل جولة جديدة في معركة سياسية وثقافية لا تهدأ داخل الولايات المتحدة.

اقرأ أيضا

سوريا تُصارع الموت رغم سقوط الأسد.. توثيق 73 مجزرة و2818 قتيلًا خلال 6 أشهر

زر الذهاب إلى الأعلى