تعديلات شاملة على نظام رسوم الأراضي البيضاء 2025 في السعودية وتغييرات جذرية لكسر الاحتكار |تفاصيل اللائحة الجديدة

في خطوة جديدة تهدف إلى معالجة اختلالات السوق العقاري وتعزيز التنمية الحضرية المتوازنة، أعلنت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان في المملكة العربية السعودية عن مشروع اللائحة التنفيذية المحدثة لنظام رسوم الأراضي البيضاء والعقارات الشاغرة.
وتم طرح المشروع على منصة “استطلاع” التابعة للمركز الوطني للتنافسية لتلقي الآراء والملاحظات حتى 25 يوليو 2025. وتعكس هذه الخطوة نهجا تشاركيا تبنته الوزارة في إطار التزامها بـ تعزيز الشفافية وتوسيع دائرة المشاركة المجتمعية، تماشيا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 وبرامجها الإسكانية.
تحولات كبيرة في المعايير والرسوم: من 2.5% إلى 10%
وأبرز ما جاء في التعديلات الجديدة هو رفع الحد الأقصى للرسم السنوي على الأراضي البيضاء إلى 10% من قيمة الأرض، بعدما كان لا يتجاوز 2.5%. كما تم خفض الحد الأدنى للمساحة الخاضعة للرسوم إلى 5,000 متر مربع بدلا من 10,000 متر سابقا، في محاولة لتوسيع قاعدة الأراضي المشمولة وتقليص فرص التهرب من التطبيق.
وأوضح طارق بن عبدالله الشهيّب، المشرف العام على رسوم الأراضي البيضاء في الوزارة، وفي تصريح لـ”العربية بيزنس”، أن النطاق الجديد للتطبيق سيشمل جميع الأراضي الفضاء القابلة للتطوير داخل النطاق العمراني، بعد أن كانت مقتصرة على الأراضي السكنية أو التجارية.
تعديلات شاملة لضبط السوق ومكافحة الاحتكار
وتتضمن التعديلات أيضا إمكانية إصدار أكثر من لائحة تنفيذية، واحدة للأراضي البيضاء وأخرى للعقارات الشاغرة، التي ستصدر لاحقا خلال عام.
وتسمح هذه التعديلات بمرونة أكبر في التعامل مع فئات مختلفة من العقارات، وتزيد من فرص التملك والتطوير، خاصة في ظل تشجيع الشراكات بين ملاك الأراضي والمطورين العقاريين.
وتأتي هذه التحركات في سياق أوسع يهدف إلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب، والحد من الاحتكار والممارسات غير العادلة التي ساهمت في التضخم العقاري.
آلية متقدمة لتقدير الرسوم.. معادلات مرنة ومعايير فنية دقيقة
وكشفت المسودة عن خمسة معايير رئيسية لتطبيق الرسوم، أبرزها: وجود فجوة بين العرض والطلب، التضخم في الأسعار، نقص المعروض، احتكار الأراضي، ونسبة الأراضي البيضاء داخل المدن.
كما تنص اللوائح الجديدة على معادلة مرنة لتحديد الرسوم، تشمل نسبة أساسية (2.5%)، نسبة سنوية تصاعدية، ونسبة متغيرة ترتبط بتحولات السوق المحلي.
وتشكل الوزارة لجنة للتقدير تضم خبراء ومقيّمين معتمدين من الهيئة السعودية للمقيمين، وتصدر بقرار وزاري معايير العمل والمكافآت الخاصة بها، بالتنسيق مع وزارة المالية، مما يعكس جدية الوزارة في ضمان عدالة التقييم ودقته الفنية.
آليات صارمة للالتزام ومنع التهرب
وتشمل التعديلات الجديدة تفاصيل دقيقة بشأن إصدار الفواتير وتحصيل الرسوم، حيث يكون المكلف ملزما بسداد الرسم خلال 90 يوما من تاريخ التبليغ. وفي حال تأخر التطوير، يمكن فرض رسوم بأثر رجعي مع تحديد غرامات عند وجود مخالفة لأحكام اللائحة.
وتسمح اللوائح أيضا بمنح مهل إضافية للمكلفين بحسب طبيعة الأرض ومساحتها، مع تأكيد أن تطوير الأرض خلال المهلة الممنوحة يوقف تطبيق الرسم. أما إذا توقف تطبيق الرسم جزئيا، فيطبق على الجزء المتبقي بحسب ما تحدده الوزارة.
كما تضمن التعديلات إجراءات للتحقق من صحة البيانات والمخاطبات القانونية، وتعد جميع الإشعارات منتجة لآثارها النظامية فور التبليغ عبر القنوات الرقمية المعتمدة.
دور الوزارة والقطاع الخاص في التطبيق والمتابعة
وتحتفظ الوزارة بحقها في تحصيل الرسوم والغرامات باستخدام الوسائل التي تراها مناسبة، بما في ذلك الاستعانة بالقطاع الخاص. كما تلتزم بتحديد أوجه صرف العوائد المحصلة لدعم مشروعات الإسكان الوطني.
وإذا كانت الأرض مملوكة لأكثر من شخص، فكل مالك يكون مسؤولا عن سداد حصته من الرسم وفقا لنسب الملكية.
آثار إيجابية مرتقبة في السوق العقاري
ويتوقع مراقبون ومختصون أن يكون لهذه التعديلات أثر ملموس في كبح تضخم أسعار العقار، وزيادة المعروض من الأراضي المطورة والوحدات السكنية. كما يُنتظر أن تسهم في إزالة المعوقات أمام التطوير العمراني، وتحفيز حركة البناء، وتشجيع المستثمرين العقاريين.
ويرى طارق الشهيّب أن تطبيق النظام بهذه الصيغة المتقدمة سيحقق أهدافه الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن اللائحة النهائية لرسوم الأراضي البيضاء ستصدر خلال شهر، فيما ستتبعها لائحة العقارات الشاغرة بعد عام.
اقرأ أيضا.. ميدان الدرعية.. مشروع سعودي عملاق بـ2.25 مليار ريال يطلق ثورة تجارية
خطوة تنظيمية بمقاييس التنمية المستدامة
وتؤكد هذه التعديلات أن المملكة تمضي بثقة نحو إصلاحات هيكلية في السوق العقاري، تعتمد على الشفافية والعدالة والاستناد إلى معايير اقتصادية واجتماعية مدروسة.
وتعد مشاركة المواطنين والمطورين في منصة استطلاع مؤشرا على حرص الدولة على إشراك الجميع في صنع السياسات العامة، وتحقيق التوازن المنشود في قطاع حيوي وحساس كالعقار.