تعهدات جديدة من دمشق| ماذا دار بين الشرع والمبعوث الأمريكي حول سوريا؟

في تطور دبلوماسي لافت، أعلن المبعوث الأمريكي حول سوريا عن تلقيه تعهدًا رسميًا من السلطات السورية الجديدة بقيادة أحمد الرئيس الشرع بالتعاون في ملف المواطنين الأمريكيين المفقودين في سوريا، في خطوة وُصفت بأنها “اختراق أولي” للعلاقات بين البلدين بعد أكثر من عقد من القطيعة والعقوبات.
الشرع يتعهد لـ المبعوث الأمريكي بالمساعدة في ملف أوستن تايس
قال توم باراك، المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا وسفير واشنطن في أنقرة، في منشورات على منصة “إكس”، اليوم الأحد، إن “الحكومة السورية وافقت على مساعدة الولايات المتحدة في تحديد أماكن المواطنين الأمريكيين أو رفاتهم، بهدف إعادتهم إلى بلادهم”، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تمثل “تقدماً قوياً إلى الأمام”.
A powerful step forward. The new Syrian government has agreed to assist the USA in locating and returning USA citizens or their remains. The families of Austin Tice, Majd Kamalmaz, and Kayla Mueller must have closure.
— Ambassador Tom Barrack (@USAMBTurkiye) May 25, 2025
ويُعد الصحفي الأمريكي أوستن تايس، المختفي منذ عام 2012 في سوريا، أحد أبرز حالات الاختفاء التي تُشكل أولوية لدى واشنطن، وقد أُدرج اسمه في عدة تقارير رسمية كرمز لملف الرهائن والمفقودين.
اجتماع الشرع والمبعوث الأمريكي في إسطنبول
جاء إعلان باراك عقب لقاء جمعه بالرئيس السوري أحمد الشرع، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في مدينة إسطنبول أمس السبت، ضمن مسار دبلوماسي يتزامن مع تخفيف العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا منذ عقود.
وأكد بيان صادر عن الرئاسة السورية أن الاجتماع تناول ملفات اقتصادية وسياسية وأمنية، وعلى رأسها تنفيذ قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، والتي استمرت لنحو نصف قرن.
وقال الرئيس الشرع خلال اللقاء إن “العقوبات لا تزال تمثل عبئاً كبيراً على الشعب السوري، وتُعيق جهود التعافي وإعادة الإعمار”، مشدداً على أهمية الدعم الدولي في هذه المرحلة الانتقالية.
خطوات أمريكية ملموسة خلال لقاء الشرع وباراك
وأوضح باراك أن بلاده بدأت بالفعل في اتخاذ إجراءات عملية لتخفيف العقوبات، في إطار تنفيذ مباشر لتوجيهات الرئيس ترامب. وتشمل هذه الخطوات إصدار إعفاءات واسعة بموجب “قانون قيصر”، وإطلاق رخص استثنائية من وزارة الخزانة الأمريكية لتيسير التبادل التجاري والاستثمار في سوريا.
ووفقاً لما أعلنه وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في وقت سابق، فقد جرى تعليق العقوبات المرتبطة بقانون قيصر لمدة 180 يوماً، إضافة إلى إصدار ترخيص خاص يحمل الرقم 25، يُتيح تسهيلات واسعة للقطاع الخاص والشركات الدولية الراغبة في دخول السوق السورية.
دعم الاستثمار وتهيئة المناخ الاقتصادي
من جانبها، عبّرت الحكومة السورية عن استعدادها لتقديم التسهيلات اللازمة لجذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة في مجالي الطاقة والبنية التحتية.
وأكد الوفد السوري أن بلاده تسعى لتوفير بيئة اقتصادية مستقرة وآمنة تُمكّن الشركات من العمل بحرية ضمن أطر قانونية واضحة.
ونقلت وكالة “سانا” السورية أن الرئيس الشرع أبلغ المبعوث الأمريكي بأن سوريا “تمد يدها” لكل من يرغب بالتعاون معها، بشرط احترام سيادتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
تفاهمات أمنية وعسكرية خلال لقاء الشرع والمبعوث الأمريكي
شمل اللقاء أيضاً مناقشة ملفات أمنية وعسكرية، حيث شدّد الشرع على رفض أي محاولات لتقسيم البلاد، وتمسك دمشق بوحدة الأراضي السورية، مع التأكيد على أهمية تنفيذ اتفاق فصل القوات مع إسرائيل لعام 1974 للحفاظ على الاستقرار في الجنوب.
كما ناقش الطرفان مستقبل التعاون في ملف الأسلحة الكيميائية، واتفقا على ضرورة التخلص الكامل منها، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، وفق المعايير الدولية.
وفي خطوة لافتة، ناقش الجانبان آليات التفاهم مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، حيث جرى طرح فكرة دمج هذه القوات ضمن مؤسسات الدولة الرسمية، بما يُعزز من وحدة القرار الوطني والسيادة السورية.
عودة العلاقات… ولكن بشروط
بيان الخارجية السورية رحّب بقرار إدارة ترامب بتخفيف العقوبات، واصفاً إياه بأنه “خطوة إيجابية لتخفيف المعاناة الإنسانية والاقتصادية”، لكنه شدد على أن أي تعاون مستقبلي يجب أن يستند إلى “الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا”.
وتبدو واشنطن حريصة على الاستفادة من الزخم السياسي الحالي لتحقيق تقدم في ملفات معلقة منذ سنوات، مثل ملف المفقودين، والتسوية السياسية الشاملة، ومكافحة الإرهاب، خاصة بعد الانسحاب العسكري الأمريكي من شمال شرق سوريا وتراجع النفوذ الإقليمي لإيران في بعض مناطق البلاد.
اقرا أيضا: استقالة محافظ السويداء بعد هجوم مسلح.. هل ينجح الشرع في استعادة هيبة حكومته؟