تعهد بتكرار التجربة بعموم سوريا.. ماذا قدمت حكومة الشرع في إدلب خلال 8 سنوات؟
أعلن أحمد الشرع القائد العام للإدارة السورية الجديدة أن العاصمة دمشق متأخرة في كل النواحي عما أنجزناه في محافظة إدلب، مضيفاً أنه: “بحكم تجربتنا الإدارية في إدلب سنتقدم في بقية محافظات البلاد”، وفق وسائل إعلام سورية.
وكان أحمد الشرع عن قد أعلن قبل أيام عن تكليف رئيس حكومة الإنقاذ في الشمال السوري محمد البشير بتشكيل حكومة تصريف أعمال، تقود مرحلة مؤقتة في البلاد.
حكومة تصريف الأعمال بين إدلب ودمشق
وضمت حكومة تصريف الأعمال، التي شكلها البشير شخصيات تسلّم أغلبها مناصب وزارية في حكومة الإنقاذ السابقة، التي مضى 8 أعوام على تشكيلها في مناطق شمالي سوريا، حيث أشرفت على إدارة إدلب وريفي حلب وحماة المتاخمين لها.
اقرأ ايضًا: طمأن إسرائيل وغازل الكرد.. هل يقدم الشرع أوراق اعتماده رئيسًا لسوريا الجديدة؟
ورغم الفروق الواضحة، بين تجربة حكومة الإنقاذ في إدلب، وتجربتها الجديدة في عموم سوريا، فإن الشرع أكد أن لدى حكومة البشير خبرات تدعم قدراتها على تسيير شؤون البلاد -في المرحلة الحالية- وإعادة الهدوء والاستقرار.
تركة نظام الأسد
من جانبه، أقر البشير أن حكومته ورثت من النظام المخلوع تركة إدارية ضخمة فاسدة، ووضعا ماليا سيئا للغاية، حيث لا يوجد غير الليرة السورية، وهي عملة لم تعد تساوي شيئا مقابل العملات الأخرى، متعهدا في تصريحات إعلامية، بمواجهة هذه التحديات، وتخطيها، والنجاح في تحسين الأوضاع مع مرور الوقت.
تحديات حكومة إدلب
تقييم تجربة حكومة إدلب وفق المعايير الطبيعية ل يكون أمرا منطقيا أو موضوعيا على الإطلاق خاصة أن التجربة كانت تصطدم بمعوقات كثرة ربما أبرزها وجود تعقيدات عاشتها المنطقة على خلفية تدخلات دولية وتجاذبات داخلية، فضلا عن عمليات القصف والهجمات اليومية التي كان يشنها النظام وحلفائه.
بجانب انهيار سبل الحياة نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية وانخفاض قيمة الليرة السورية، وتراجع الدعم الذي كانت تتلقاه من المانحين الدوليين.
ومما يزيد من حجم التحديات وجود 4.1 ملايين شخص، يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، بحسب تقارير الأمم المتحدة، منهم نحو 80% من النساء والأطفال، إضافة إلى معاناة أكثر من 3.2 ملايين شخص، من انعدام الأمن الغذائي.
توحيد المؤسسات بـ إدلب
لجأت حكومة الإنقاذ إلى توحيد المؤسسات والمجالس المدنية المحلية في جميع المناطق التي خضعت لإدارتها، واستبدلت بعض القائمين عليها، بوجوه جديدة، وفق سياسة تدعو للحفاظ على حالة من الاستقرار.
كما تسلمت إدارة المعابر الحدودية التي تربط مناطقها بتركيا، ومناطق النظام في الداخل، وأشرفت وزاراتها على القطاع الخدمي الذي كان يعاني من تدهور واضح في أدائه، إلى جانب قطاعات التعليم العالي والتربية والنقل والكهرباء والمياه والزراعة.
منع مظاهر التسلح
كما عملت على الحد من تجاوز الحركات والفصائل المسلحة في المنطقة، بعد أن منعت مظاهر التسلح داخل المدن والبلدات، وسعت للتقرب من الوجهاء والعشائر من أبناء المنطقة ومن ممثلي النازحين إليها، وكذلك المؤسسات الأهلية.
واستخدمت الحكومة سياسة الاحتواء والتقرب من المجتمعات المحلية المؤثرة، ومعالجة قضاياها بصورة هادئة، هدفت من ورائها إرسال رسالة تؤكد احترامها لحرية التعبير والانتقاد، في أجواء لم تكن متوفرة في المناطق التي كانت تقع تحت سيطرة نظام الأسد المخلوع.
الحركة التجارية
على الصعيد الاقتصادي، ساعدت الحدود المفتوحة مع تركيا، حكومة إدلب في مجالات عديدة، حيث ضمنت لها حركة تجارية وصناعية متواصلة، وأسهمت في اتساع نطاق الخدمات التي تقدمها، كما باتت الحركة الاقتصادية والتجارية أكثر حرية وديناميكية من مناطق النظام البائد، وبدأ يظهر نمط اقتصادي مزدهر في المنطقة.
الصعيد الخدمي
على الصعيد الخدمي، نجحت الحكومة رغم مواردها المحدودة في تلبية احتياجات مجتمعاتها المحلية، وتنفيذ مشاريعها الخدمية.
وأنجزت الحكومة وفق موقعها الإلكتروني مشاريع تأهيل وتعبيد لطرقات محورية وعادية، ومرافق خدمية يجري استخدامها منذ سنوات.
وقامت بإيصال التيار الكهربائي إلى كل بيت، ونفذت مئات المشاريع تنوعت بين صيانة الطرق، وتركيب الإنارة في الساحات والشوارع، وتأهيل ومد شبكات جديدة لمياه الشرب والصرف الصحي.
وأنجزت في عام 2023 نحو 710 مشروعات طرقية بطول 50 كيلو مترا، و1854 مشروع تمديد صرف صحي بطول 4 كيلومترات، و185 مشروع إنارة وتجميل وصيانة.
التعليم في إدلب
وفي مجال التعليم، أدارت وزارة التربية والتعليم، ووفرت الدعم اللوجيستي -وفق المصدر ذاته- لـ1658 مدرسة، بلغ عدد طلابها 474 ألف طالب وطالبة، يتلقون التعليم، إلى جانب 410 مدارس جرى إنجازها في مخيمات النزوح، و571 مدرسة للتعليم الخاص، تضم 109 آلاف طالب وطالبة.
تحديات الصحة
كما دعمت الحكومة برامج الرعاية الصحية الأولية، وزودت المراكز الصحية بما تحتاجه من أدوية ومستلزمات، في ظل ظروف الحرب والتهجير وانتشار الأمراض والأوبئة، مما حمّلها مسؤوليات كبيرة، على صعيد تأمين ما تحتاجه من أدوات وأدوية.
ومع ذلك بقيت مناطق الشمال السوري تشكو عدم وجود مراكز وأطباء وتجهيزات قادرة على التعامل مع الأمراض الخطيرة، مثل السرطان والكلى والتشوهات، والأمراض العصبية والقلبية وغيرها.
وبحسب منظمة أطباء بلا حدود، فإن ثلث المرافق الصحية في إدلب وريف حلب أوقفت أنشطتها، أو علقتها جزئيا، بسبب نقص التمويل.
وأوضحت المنظمة، في بيان لها، أن الدعم المالي الدولي للنظام الصحي شمالي سوريا يشهد تراجعا، في حين تتجاوز الاحتياجات الطبية في المنطقة الخدمات الطبية المتاحة بكثير، ويتحمل السكان العبء الأكبر بسبب الدعم المحدود الذي نجم عنه إغلاق بعض المشافي والمرافق الصحية.
احتجاجات واعتقالات بـ إدلب
على الصعيد الأمني، واجهت الحكومة احتجاجات شعبية نتيجة خفض المساعدات الأممية، وارتفاع الأسعار والضرائب، وانتشار الفقر وازدياد القبضة الأمنية ، واعتقال عشرات العناصر والقادة بتهمة التعاون مع روسيا ونظام بشار الأسد، إلى جانب اعتقال من وصفتهم التقارير بأصحاب رأي فقط، وعدم إطلاق سراحهم.
وفي مقابل ذلك، أجرت حكومة الإنقاذ وقيادة هيئة تحرير الشام لقاءات مع النخب المجتمعية ووجهاء البلدات والقرى، أبلغتهم فيها بتبني مطالبهم، والبدء بتنفيذها، في مسعى جاد لاحتواء الأزمة وارتداداتها، وصدرت قرارات شملت تخفيض بعض الرسوم والضرائب، والعفو عن جميع السجناء وغيرها.
نجاح ولكن
وبحسب مراقبين، فإن أداء حكومة الإنقاذ في إدلب يعتبر نجاحا، وذلك بالنظر إلى ما كانت تعيشه مناطق مجاورة، حيث أدارت مناطقها ضمن قوانين جرى استخلاصها من مبادئ الشريعة الإسلامية، واجتهادات هيئة تحرير الشام، في حين افتقر غيرها لهذه المركزية التي تقودها جهة واحدة وبمبادئ واضحة.
ويبقى السؤال: هل يمكن أن يكون نجاح حكومة الإنقاذ في إدلب مؤشرا على إمكانية تكرار هذا النجاح في عموم سوريا رغم اختلاف الظروف والأدوات؟