تغييرات واسعة في سوريا.. هل تخطط حكومة الشرع لبناء جهاز أمني جديد؟

تشهد سوريا تغييرات أمنية لافتة بعد إعلان وزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية عن تعيين قادة جدد لأجهزة الأمن الداخلي في معظم المحافظات.
يأتي ذلك بعد ساعات من الإعلان عن هيكلية تنظيمية جديدة شاملة، وُصفت بأنها بداية لإعادة بناء جهاز أمني حديث بديلاً عن المنظومة التي انهارت مع سقوط النظام السابق.
تعيينات وتغييرات أمنية جديدة في 12 محافظة بسورية
ونشرت وزارة الداخلية السورية، الأحد، عبر منصاتها الرسمية، أسماء وصور 12 ضابطاً برتب عمداء وعقداء، عُينوا لقيادة الأمن الداخلي في 12 محافظة سورية من أصل 14 .
واستثنيت من التعيينات محافظتا الحسكة والرقة، الخاضعتان لسيطرة الإدارة الذاتية الكردية شمال شرقي البلاد، وسط استمرار الجمود في المفاوضات مع دمشق حول مستقبل هذه المناطق.
ولم تكشف الوزارة عن آلية اختيار القادة أو معايير ترقيتهم، لكن وسائل إعلام تحدثت عن وجود ضباط خدموا سابقاً في صفوف “هيئة تحرير الشام”، الفصيل الجهادي الذي قاد الهجوم على العاصمة دمشق وأطاح بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
دمج للمهام الأمنية
وتزامنت التغييرات الأمنية مع إعلان وزارة الداخلية في سوريا، السبت، عن هيكلية تنظيمية جديدة شملت دمج جهازي الشرطة والأمن العام في جهاز موحد تحت مسمى قيادة الأمن الداخلي.
كما تضمنت الخطة تغييرات واستحداث إدارات أمنية متخصصة بملفات حماية الحدود، أمن البعثات الدبلوماسية في سوريا، ومكافحة المخدرات والاتجار بالبشر.
وفي سياق متصل، تم تعيين ستة معاونين لوزير الداخلية لتولي ملفات أمنية وإدارية ومدنية، في مؤشر على التوجه نحو ترسيخ بنية أمنية جديدة قائمة على التخصص وتعدد المهام، ضمن مسار بناء مؤسسات الدولة بعد المرحلة الانتقالية.
حلّ الأجهزة الأمنية السابقة
تأتي هذه الخطوات بعد إعلان السلطة الانتقالية، فور دخولها دمشق، عن حلّ الجيش وكافة الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق، في إطار ما وصفته بمشروع وطني لإعادة تأسيس الدولة السورية على أسس جديدة بعيدة عن القمع والفساد والولاء الشخصي.
لكن بعض القرارات، لا سيما ترقيات نهاية ديسمبر 2024 التي شملت ستة جهاديين أجانب، أثارت موجة انتقادات داخلية وخارجية، وشكوكاً حول طبيعة التوازنات الجديدة داخل مفاصل السلطة.
واشنطن تضغط لإبعاد المقاتلين الأجانب
في هذا الإطار، كشف مصدر سوري مطلع بحسب “وكالة الصحافة الفرنسية” أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، خلال لقائه الرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض مطلع مايو، شدد على ضرورة إبعاد المقاتلين الأجانب عن مؤسسات الدولة، معتبراً ذلك شرطاً أساسياً لمواصلة الدعم السياسي ورفع العقوبات.
وأشار المصدر إلى أن دمشق كانت قد أرسلت رسالة رسمية إلى واشنطن تتعهد فيها بتجميد ترقيات الجهاديين الأجانب ومراجعة ملفاتهم، إلا أن البيت الأبيض اعتبر ذلك غير كافٍ، وطالب بخطوات تنفيذية واضحة على الأرض.
هل تبني دمشق جهازاً أمنياً جديداً ؟
تشير مجمل المؤشرات إلى أن السلطة الانتقالية في سوريا تسعى إلى بناء جهاز أمني جديد كلياً، يستند إلى هيكلية مختلفة، ورؤية أكثر مؤسسية وانفتاحاً، رغم ما يحيط بها من تعقيدات سياسية وضغوط إقليمية ودولية.
لكن نجاح هذه المحاولة سيعتمد – وفق خبراء – على مدى قدرة الحكومة الانتقالية على ضبط السلاح غير النظامي، ودمج الفصائل، والتفاهم مع القوى المحلية، وعلى رأسها الإدارة الذاتية، بما يضمن وحدة القرار الأمني وبسط الاستقرار في جميع أرجاء البلاد.
اقرا أيضا
تعهدات جديدة من دمشق| ماذا دار بين الشرع والمبعوث الأمريكي حول سوريا؟