تفاهمات جديدة تفتح الباب أمام الانتخابات في ليبيا.. هل اقترب موعد الحسم؟

في خطوة لافتة على طريق إنهاء الانسداد السياسي في ليبيا، أعلنت لجنتا “6+6” واللجنة الاستشارية الليبية اتفاقهما على ضرورة تعديل الإطار الدستوري والقانوني، بما يسهّل تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة، تحظى بقبول شعبي واسع.

جاء ذلك في ختام اجتماع تشاوري استمر يومين، برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ضمن مسار جديد تسعى البعثة من خلاله لتوحيد الرؤى بين الأطراف الليبية المختلفة، تمهيدًا لإطلاق خارطة طريق سياسية جديدة.

قوانين “6+6” محل جدل في ليبيا

اللجنة المشتركة (6+6)، المنبثقة عن مجلسي النواب والدولة، كانت قد أعلنت في يونيو 2023 من مدينة بوزنيقة المغربية عن إصدار القوانين المنظمة للانتخابات، غير أن تلك القوانين واجهت رفضًا من عدة أطراف سياسية ومجتمعية، في ظل تمسك اللجنة باعتبار أن القوانين “نهائية ونافذة”.

التعديلات المقترحة الآن قد تشكل مخرجًا لتجاوز تلك الخلافات، خصوصًا بعد إقرار اللجنة بضرورة تضمين توصيات اللجنة الاستشارية ضمن الإطار القانوني الانتخابي المقبل.

دور اللجنة الاستشارية الليبية

اللجنة الاستشارية التي تضم 20 خبيرًا ليبيًا كانت قد تشكلت مطلع فبراير/شباط الماضي بمبادرة من بعثة الأمم المتحدة، بهدف وضع تصورات واقعية لحل الأزمة السياسية المتواصلة في البلاد.

وبعد سلسلة اجتماعات امتدت لثلاثة أشهر، قدمت اللجنة في مايو/أيار مجموعة من التوصيات التي اعتُبرت بمثابة نقطة انطلاق لحوار وطني شامل حول أفضل السبل لتجاوز الانسداد السياسي الحاصل منذ عام 2021.

ملامح التسوية السياسية

البيان الصادر عن بعثة الأمم المتحدة شدد على أن الطرفين اتفقا على ضرورة تعديل الإعلان الدستوري المؤقت، ومراجعة القوانين الانتخابية الحالية بما يضمن إجراء انتخابات نزيهة، ونتائج تحظى باعتراف واسع.

كما أكد الجانبان أهمية التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، تشمل تشكيل حكومة موحدة بتفويض انتخابي واضح ومحدد زمنيًا، واعتماد ضمانات محلية ودولية تعزز الثقة بين مختلف مكونات الشعب والمؤسسات السياسية.

البيان أشار أيضًا إلى ضرورة إدراج تدابير داعمة للحكم المحلي، وتعزيز أمن الانتخابات، وتحقيق المصالحة الوطنية، إلى جانب مكافحة الفساد وضمان الشفافية في إدارة المال العام.

التصعيد الأمني يهدد المشهد

رغم هذه التفاهمات السياسية، لا تزال الأوضاع الأمنية في غرب ليبيا تشهد توترًا متصاعدًا. فقد شهدت منطقة أولاد عيسى غرب طرابلس، الإثنين الماضي، اشتباكات مسلحة أسفرت عن مقتل رمزي عياد اللفع، أحد أبرز قادة المجموعات المسلحة، برفقة خمسة من مرافقيه، نتيجة خلاف عائلي.

الحادثة أعادت إلى الأذهان مقتل عبد الغني الككلي “غنيوة” في مايو/أيار الماضي، وأثارت مخاوف من تجدد الفوضى المسلحة، ما دفع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، القائد الأعلى للجيش، إلى عقد سلسلة من الاجتماعات مع قيادات عسكرية من المنطقة الغربية، شملت أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة “5+5” ولجنتي الترتيبات الأمنية والهدنة.

وتم خلال الاجتماعات بحث آخر التطورات، وسبل ضبط الوضع العسكري في العاصمة، ومنع تكرار المواجهات المسلحة بين التشكيلات العسكرية المختلفة.

تحذيرات من ضربات جوية وشيكة

وزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة أصدرت، مساء الأربعاء، بيانًا أعلنت فيه عزمها تنفيذ “ضربات جوية دقيقة” ضد “أوكار الجماعات الخارجة عن القانون” في مناطق لم تُكشف أسماؤها.

الوزارة دعت السكان إلى عدم الاقتراب من المواقع المشتبه باستخدامها كمخازن أو تمركزات لمسلحين متورطين في تهريب البشر والاتجار بالمخدرات، ما أثار قلقًا كبيرًا من تجدد المواجهات داخل طرابلس أو في محيطها.

الغموض حول طبيعة الأهداف والمناطق المستهدفة زاد من حالة التوتر، خاصة مع استمرار الانقسام الأمني بين قوات “حكومة الوحدة” وتشكيلات أخرى تابعة للمجلس الرئاسي أو تتبع أوامر غير مركزية.

أمل الليبيين في الانتخابات

تأتي هذه التطورات السياسية والأمنية في وقت يستمر فيه الانقسام الحكومي بين سلطتين، إحداهما حكومة أسامة حماد في بنغازي، المعينة من قبل مجلس النواب، والأخرى حكومة عبد الحميد الدبيبة المعترف بها دوليًا في طرابلس.

الليبيون يأملون أن تقود التفاهمات الأخيرة إلى انتخابات تنهي الفوضى والانقسام المستمر منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي وبناء الدولة.

وبينما ينتظر الشارع الليبي الإحاطة المقبلة لمبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، يظل السؤال معلقًا: هل تكون هذه التفاهمات بداية انفراج حقيقي، أم مجرد محطة جديدة في طريق طويل من المبادرات المؤجلة؟

اقرأ أيضا: عاصفة الاعتراف الدولي بفلسطين.. هل تنعكس على مفاوضات الهدنة في غزة؟

زر الذهاب إلى الأعلى