تفجير كنيسة دمشق يؤكد بقاء الخطر.. هل تؤجل داعش انسحاب القوات الأمريكية من سوريا؟

أعاد الهجوم الذي استهدَف كنيسة مار إلياس في سوريا، التذكير بخطر تنظيم “داعش”، ودفع مسؤولين أمريكيين إلى تأكيد ضرورة الإبقاء على القوات الأمريكية في المنطقة، رغم خُطط الانسحاب الجزئي التي أعلنها البيت الأبيض في وقت سابق.

وفي جلسة استماع عقدها مجلس الشيوخ لتأكيد تعيينه قائدًا للقيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، قال نائب الأدميرال براد كوبر، إن التنظيم الإرهابي لا يزال يمثل تهديدًا حقيقيًا، مشددًا على أن “الوجود العسكري الأمريكي، ولو جزئيًا، يبقى ضرورة استراتيجية لمواجهة هذا الخطر المتجدد”.

بقاء القوات الأمريكية في سوريا ضرورة أمنية لا سياسية

بحسب وسائل إعلام، فإن الذي يشغل حاليًا منصب نائب قائد “سنتكوم”، قال بوضوح، إن الولايات المتحدة لا تزال تقود جهود مكافحة تنظيم “داعش” في سوريا والعراق.

وأضاف: “أي قرار بشأن القوات الأمريكية سيكون قائمًا على تقييم الوضع الميداني، لا على رغبات سياسية عابرة”، مؤكدًا أن “داعش يزدهر في بيئات الفوضى، وما دامت تلك الفوضى قائمة، فإن الانسحاب قد يكون مغامرة غير محسوبة”.

ورأى أن الحكومة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس أحمد شرع، “تمثل شريكًا أساسيًا في التصدي للتنظيم”، معتبرًا أن تحقيق الاستقرار في سوريا يخدم الأمن القومي الأمريكي بالدرجة الأولى.

تقليص القوات الأمريكية في سوريا قيد المراجعة

في وقت سابق، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أنها بصدد خفض عدد القوات المنتشرة في سوريا إلى أقل من ألف جندي خلال الأشهر المقبلة، ضمن خطة “إدماج مدروسة” تهدف لإعادة توزيع القوات على مواقع أكثر فاعلية.

ويأتي هذا القرار تنفيذًا لتوجيهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أكد مرارًا التزامه بـ”السلام من خلال القوة”، مع الحفاظ على القدرة على توجيه ضربات دقيقة ضد بقايا تنظيم الدولة.

لكن تصريحات كوبر أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، أظهرت وجود مراجعة فعلية لهذه الخطط، خاصة بعد الهجمات الأخيرة، ومنها تفجير كنيسة دمشق، والذي اعتبره “دليلًا واضحًا على أن التهديد ما زال قائمًا”.

شراكات محلية لـ القوات الأمريكية في سوريا

القوات الأمريكية تتوزع في سوريا بين قواعد في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية – قسد” في الشمال الشرقي، وقاعدة التنف في الجنوب الشرقي، والتي تتعاون مع فصيل “جيش سوريا الحرة”.

وقد أكد كلا الفصيلين التزامهما بدعم الوجود الأمريكي، رغم محاولاتهما الاندماج في التحالف الإسلامي المعارض الذي أطاح بنظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي.

ولا تزال القوات الأمريكية تعلن بشكل دوري عن عمليات نوعية تستهدف قيادات “داعش” في البادية السورية ومناطق أخرى، في إطار استراتيجية “الردع الدائم” التي تتبناها القيادة المركزية الأمريكية.

من معركة الموصل إلى خلايا البادية

منذ عام 2014، أطلقت الولايات المتحدة حملتها ضد تنظيم “داعش” بعد اجتياحه الواسع لمناطق في العراق وسوريا، حيث قادت ضربات جوية مكثفة وعمليات دعم بري للفصائل المحلية، أبرزها “قسد” و”الجيش العراقي”.

ورغم إعلان النصر على “خلافة” التنظيم في الموصل أواخر 2017، ثم في الباغوز السورية في مارس 2019، لا تزال خلاياه النائمة تشكل تهديدًا في المناطق الريفية والصحراوية.

وتواصل القوات الأمريكية تنفيذ غارات جوية وعمليات إنزال تستهدف مقرات وقادة التنظيم، بهدف منع عودته إلى المشهد، خصوصًا بعد التقارير التي تحدثت عن محاولات إعادة تنظيم الصفوف في مناطق الشمال الشرقي وسهول دير الزور.

 انسحاب مؤجل حتى إشعار آخر

وبحسب تقارير فإنه رغم الإعلان عن تقليص محتمل للقوات الأمريكية في سوريا، فإن المعطيات على الأرض، لا سيما بعد تفجير كنيسة دمشق، تعزز من احتمالات التريث وإعادة تقييم الخطط.

ويري محللون أن “داعش” وإن خسر أراضيه، لم يفقد القدرة على إثارة الفوضى، وهو ما يجعل أي انسحاب أمريكي محفوفًا بالمخاطر في هذه المرحلة.

اقرأ أيضًا: خمسون عامًا من التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط.. كيف غيرت واشنطن وجه المنطقة؟

زر الذهاب إلى الأعلى