تقارب سوريا والمغرب يطيح بمعاقل البوليساريو من دمشق.. ما القصة؟

في تحوّل دبلوماسي لافت، أقدمت السلطات في سوريا على إغلاق المقرات التي كانت تشغلها جبهة “البوليساريو” في دمشق، وذلك بحضور رسمي لوفد مغربي رفيع المستوى.
الخطوة التي وصفت بـ”التاريخية”، جاءت لتؤكد رفض سوريا الاعتراف بالجبهة الانفصالية، وحرصها على تمتين العلاقات الثنائية مع المغرب على أسس الاحترام المتبادل والسيادة الوطنية.
إعادة فتح سفارة المغرب في سوريا
القرار السوري لم يكن معزولًا، بل جاء بالتزامن مع زيارة بعثة تقنية مغربية إلى العاصمة دمشق، من أجل استكمال الترتيبات المتعلقة بإعادة فتح سفارة المملكة المغربية التي أُغلقت منذ العام 2012، في ظل تداعيات الحرب السورية.
وتأتي هذه التحركات تنفيذًا لتعليمات العاهل المغربي الملك محمد السادس، التي أعلنها خلال القمة العربية ببغداد في 17 مايو/أيار، حيث أكد أن إعادة افتتاح السفارة “سيساهم في فتح آفاق أوسع للعلاقات التاريخية بين البلدين”.
تعهد من حكومة سوريا لـ المغرب
وفق وسائل إعلام فإن وفد مشترك ضم مسؤولين من وزارتي الخارجية في البلدين، قام بمعاينة الإغلاق الفعلي لمكاتب البوليساريو، في إشارة سياسية مباشرة إلى نهاية رمزية لوجود الجبهة داخل الفضاء السوري.
ونقلت وكالة المغرب العربي للأنباء عن السلطات السورية تأكيدها التزامها بـ”احترام السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة”، ورفضها لأي دعم مباشر أو غير مباشر لكيانات انفصالية.
ما وراء إغلاق مكاتب البوليساريو في سوريا؟
بحسب مراقبون فإن الخطوة تُقرأ في سياق إقليمي أوسع، يتضمن بداية انفتاح سياسي بين المغرب وسوريا بعد سنوات من الجفاء،
كما تأتي في ظل تغيرات داخل سوريا نفسها بعد سقوط نظام بشار الأسد في نهاية 2024، وصعود حكومة انتقالية جديدة بدأت بالكشف عن ملفات حساسة، من بينها نشاطات موالية لإيران، وتورط مقاتلين من البوليساريو في القتال إلى جانب النظام السابق.
قوات بوليساريو يقاتلون في صفوف الأسد
تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية كشف أن مئات من عناصر البوليساريو تلقوا تدريبات عسكرية في إيران، قبل أن يتم إرسالهم إلى سوريا للانخراط في صفوف المقاتلين الموالين للأسد، ضمن شبكة تشبه نموذج “حزب الله” اللبناني وميليشيات الحشد الشعبي في العراق.
وبحسب الصحيفة، فإن هؤلاء لا يزالون قيد الاحتجاز لدى أجهزة الأمن السورية الجديدة.
هل تعترف سوريا بمغربية الصحراء؟
يرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تمهد لإعلان سوري رسمي يعترف بمغربية الصحراء، خاصة مع تزايد المواقف العربية الداعمة لوحدة المغرب الترابية. فالرباط تعتبر قضية الصحراء “بوصلة سياستها الخارجية”، وأي تحول إيجابي في موقف دمشق من شأنه أن يفتح صفحة جديدة في علاقات البلدين، بعد سنوات من التباعد بفعل تحالفات متناقضة.
ووفق تقارير يبدو أن إغلاق مكاتب البوليساريو في دمشق ليس مجرد قرار إداري، بل محطة فاصلة في مسار جديد تتقاطع فيه المصالح الإقليمية، وتُعاد فيه قراءة التحالفات على أسس أكثر واقعية وانفتاحًا.
اقرا أيضا
إسرائيليون تضامنوا معهم.. كيف أشعلت صورة “جوعى غزة” الغضب ضد حكومة نتنياهو؟