تهديدات أوروبية بعد الضربات الإسرائيلية.. هل تفتح طهران باب العودة إلى الاتفاق النووي؟

تتسارع وتيرة التحركات الدولية بشأن الاتفاق النووي الإيراني، في ظل تصاعد الضغوط الأوروبية واشتداد التوترات الإقليمية، خاصة بعد الضربات الجوية التي استهدفت منشآت عسكرية إيرانية خلال الأسابيع الماضية.
وفي هذا السياق، أعلنت وكالة “تسنيم” الإيرانية شبه الرسمية أن إيران والدول الأوروبية الثلاث – بريطانيا وفرنسا وألمانيا – اتفقت على مبدأ استئناف المحادثات النووية، وسط استمرار المشاورات لتحديد الزمان والمكان.
مفاوضات مرتقبة وسط تصعيد سياسي
الاتفاق المبدئي على استئناف المحادثات جاء بعد اتصال هاتفي جمع وزراء خارجية الترويكا الأوروبية ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وهو الاتصال الأول من نوعه منذ الهجوم الإسرائيلي الأميركي الذي استهدف منشآت إيرانية الشهر الماضي.
ووفق ما نقلته “تسنيم”، فإن النقاشات لا تزال قائمة بشأن موعد عقد المحادثات، بينما لم يُعلن حتى الآن عن الدولة التي ستستضيفها، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى عودة مسار التفاوض بعد أشهر من الجمود.
الأوروبيون يلوّحون بالعقوبات
الترويكا الأوروبية حذرت من أنها ستلجأ إلى تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران بحلول نهاية أغسطس المقبل، إذا لم تُستأنف المحادثات أو إذا لم تفضِ إلى نتائج ملموسة.
هذا التهديد يأتي في ظل استمرار إيران في أنشطتها النووية، وعلى رأسها تخصيب اليورانيوم بمستويات تفوق ما نص عليه الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
من جهته، رد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على هذه التهديدات بالتأكيد أن بلاده لن تستجيب لأي ضغوط سياسية أو تهديدات، مشددًا على أن سياسة إعادة العقوبات “تفتقر إلى الأساس الأخلاقي والقانوني”، وداعيًا الأوروبيين إلى التعامل بمسؤولية إن أرادوا الاستمرار في لعب دور الوسيط.
العد التنازلي لتفعيل العقوبات الأممية
بحسب قرار مجلس الأمن رقم 2231 الذي صدّق على الاتفاق النووي لعام 2015، فإن أمام الدول الأوروبية حتى 18 أكتوبر 2025 لتفعيل آلية “سناب باك” التي تتيح إعادة فرض العقوبات الأممية على طهران، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد أو إحياء الاتفاق السابق.
وتسعى الدول الأوروبية إلى استغلال هذه المهلة الزمنية للضغط على إيران للعودة إلى طاولة المفاوضات قبل فوات الأوان، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تحول البرنامج النووي الإيراني إلى ورقة اشتعال جديدة في المنطقة.
تداعيات الهجوم الإسرائيلي
الضغوط الأوروبية تزامنت مع تبعات الهجوم الجوي الذي نفذته القوات الإسرائيلية بمشاركة أميركية ضد أهداف استراتيجية داخل إيران.
وأدى الهجوم إلى إلحاق أضرار واسعة بمنظومات الدفاع الجوي الإيرانية، وهو ما اعترف به الجيش الإيراني لاحقًا، مؤكّدًا أن بعض الأنظمة الدفاعية قد تم استبدالها سريعًا بأنظمة محلية الصنع كانت مخزنة مسبقًا.
نائب قائد العمليات في الجيش الإيراني، محمود موسوي، أشار إلى أن الاستجابة السريعة جاءت باستخدام موارد محلية بالكامل، دون الحاجة إلى استيراد أنظمة أجنبية جديدة، وهو ما يعكس محاولات طهران إثبات جاهزيتها رغم الضربات التي تلقتها.
حسابات جديدة ومفاوضات بشروط
قبل اندلاع المواجهة مع إسرائيل، كانت طهران قد خاضت خمس جولات من المحادثات غير المباشرة مع واشنطن بوساطة سلطنة عمان، إلا أن تلك المحادثات توقفت بسبب تباينات حادة، أبرزها الخلاف حول مستويات تخصيب اليورانيوم.
وتُصرّ القوى الغربية على ضرورة خفض التخصيب إلى مستويات لا تسمح باستخدام المواد النووية في التصنيع العسكري، بينما تؤكد إيران أن برنامجها النووي مخصص للأغراض المدنية فقط.
وتشير المعطيات الحالية إلى أن إيران باتت أكثر انفتاحًا على فكرة استئناف المحادثات، ولكن ضمن شروط واضحة، أبرزها رفض الضغوط وضرورة الاعتراف بحقها في امتلاك برنامج نووي سلمي.
بين التفاوض والتصعيد
وفق مراقبون فإن التحركات الدبلوماسية التي تشهدها طهران والعواصم الأوروبية تعكس حجم الرهانات التي تحيط بالملف النووي الإيراني.
وبين تهديدات العقوبات وتصاعد التوتر مع إسرائيل، تجد إيران نفسها أمام خيارين: إما العودة إلى طاولة المفاوضات بشروط جديدة، أو مواجهة موجة جديدة من العقوبات الأممية التي قد تعيد عزلتها الدولية إلى مستويات غير مسبوقة.
ومع اقتراب موعد تفعيل آلية العقوبات بحلول أكتوبر 2025، تبدو الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد مصير الاتفاق النووي، وسط تساؤلات لا تزال مفتوحة هل تفتح طهران باب العودة إلى الاتفاق؟ أم أن المواجهة ستتجدد بصيغة أكثر تعقيدًا؟
اقرأ أيضا.. اغتيال الرئيس الإيراني.. فيديو يوثق لحظة إصابة بزشكيان بقصف إسرائيلي| شاهد