ثورة العطش تشتعل في العراق.. ماذا يحدث في بابل؟
تصاعدت حدة الغضب الشعبي في محافظة بابل، جنوبي العراق، مع اندلاع احتجاجات واسعة شارك فيها مئات المواطنين، تنديداً بالنقص الحاد في المياه، في ظل استمرار موجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، بينما تقف الحكومة عاجزة عن تقديم حلول ناجعة لأزمة تعتبرها الأوساط المحلية “تهديداً وجودياً”.
وشهدت بلدة المجرية القريبة من مدينة الحلة، مركز المحافظة، اليوم الجمعة، تظاهرة غاضبة رفع خلالها المواطنون شعارات تطالب الحكومة بالتدخل العاجل لإنقاذهم من “العطش القاتل”، بعد انقطاع المياه بشكل شبه كامل عن مناطقهم منذ أكثر من شهر.
“35 يوماً بلا ماء”
وبحسب وسائل إعلام قال أحد المشاركين في التظاهرة:”ليس لدينا مياه منذ 35 يوماً… المياه قليلة بالفعل منذ سنوات، لكن الوضع الآن أصبح لا يُطاق، نحن نحتاج المياه للشرب والتنظيف فقط”.
وأضاف “هذا أبسط حقوقي. لا أطالب بأكثر من الماء. الأنابيب جفّت بالكامل، ولم نعد نجد قطرة واحدة”.
الاحتجاج جاء غداة تفريق الشرطة لتجمّع مماثل في البلدة نفسها، ما زاد من حدة التوتر الشعبي، وسط مخاوف من اتساع رقعة التظاهرات إلى مدن جنوبية أخرى تعاني من الأزمة ذاتها.
أسوأ موجة جفاف في العراق منذ 1933
في بيان رسمي صدر قبل يوم من التظاهرة، حذرت وزارة الموارد المائية العراقية من أن العام الجاري “يُعد من أكثر السنوات جفافاً منذ عام 1933″، مشيرة إلى أن الخزين المائي المتبقي لا يشكّل سوى 8% من الطاقة الخزنية الكلية، بتراجع بلغ 57% مقارنة بالعام الماضي.
وأكدت الوزارة أن سبب الأزمة يعود إلى قلة تساقط الأمطار وتراجع كميات المياه الواردة من دول المنبع، وتحديداً تركيا وإيران، محذّرة من أن استمرار الوضع الحالي “سيشكل خطراً حقيقياً على الأمن المائي في العراق”.
سدود الجيران تخنق العراق
تلقي بغداد باللوم على جارتَيها تركيا وإيران اللتين أقامتا سدوداً ضخمة على نهري دجلة والفرات، ما أدى إلى انخفاض حادّ في تدفق المياه إلى الأراضي العراقية، دون الالتزام باتفاقات تقاسم المياه، أو مراعاة حقوق العراق التاريخية.
رغم جولات تفاوض عديدة مع أنقرة وطهران، لم تنجح الحكومة العراقية في التوصل إلى اتفاق ملزم يُنقذ البلاد من كارثة مائية تتفاقم يوماً بعد يوم.
أزمة العطش في العراق
في محافظة الديوانية، امتدت شرارة الأزمة إلى احتجاجات شعبية خلال الأسابيع الأخيرة، طالب خلالها الأهالي بتوفير المياه الصالحة للشرب، ورفع القيود عن الزراعة، بعد أن اضطر كثير من الفلاحين إلى هجر أراضيهم بسبب شحّ المياه.
وأعلنت السلطات تقليص النشاط الزراعي في عدد من المحافظات، في محاولة لتوفير مياه الشرب للمواطنين، إلا أن هذه الإجراءات لم تُرضِ السكان، واعتُبرت “ترقيعية” وغير كافية.
الأمن المائي في العراق
يحذّر مراقبون من أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى تداعيات اجتماعية واقتصادية وأمنية خطيرة، في وقت تؤكد فيه وزارة الموارد المائية أن انهيار الأمن المائي بات احتمالاً حقيقياً إذا لم تُعالج الأزمة بجديّة وبشكل عاجل.
في المقابل، لم تظهر الحكومة العراقية أي بوادر ملموسة لحل الأزمة، ما يجعل المواطن العراقي يتساءل: إلى متى سنعطش؟
اقرأ أيضا
أزمة هوية أو حملة شيطنة.. هل خسر المهاجرون المسلمون معركة الاندماج في بريطانيا؟