جاكرتا تُغير بوصلتها التسليحية| هل تودع “رافال” وتتجه نحو المقاتلات الصينية والروسية؟

كشفت تقارير دفاعية حديثة، أبرزها ما نشره موقع Alert 5 المتخصص في الشئون العسكرية، عن احتمال أن تقدم إندونيسيا على خطوة غير متوقعة في سياستها التسليحية، تتمثل في شراء 42 مقاتلة صينية مستعملة من طراز J-10، إلى جانب إحياء مفاوضات مجمدة لاقتناء مقاتلات Su-35 الروسية .. وذلك بعد إخفاق طائرة رافال الفرنسية والتي كانت تعاقدت عليها جاكرتنا في صفقة بلغت 8.1 مليار دولار وتفكر في إلغاءها.

ورغم عدم صدور تأكيد رسمي من أي من الأطراف المعنية، فإن التوقيت والدلالات تعيد فتح النقاش حول مستقبل سلاح الجو الإندونيسي وخيارات جاكرتا بين الشرق والغرب.

إندونيسيا تتحول نحو الصين: خيار اضطراري أم مناورة استراتيجية؟

يأتي هذا التوجه المفاجئ في ظل مشهد إقليمي متوتر وتحديات اقتصادية داخلية تواجهها إندونيسيا. فمع التوسع العسكري السريع لدول الجوار، مثل نشر الصين لمقاتلات J-20 وأستراليا لطائرات  F-35، تجد جاكرتا نفسها مضطرة إلى تحديث قدراتها الجوية دون تجاوز ميزانية دفاعية لا تتعدى 9 مليارات دولار.

الطائرات الصينية  J-10، وخاصة الإصدارات المتطورة منها مثل  J-10C، تُقدَّم كحل منخفض الكلفة نسبيًا وقادر على تنفيذ مهام متعددة، بدءًا من الدفاع الجوي وصولًا إلى الهجوم الأرضي والبحري.

وإذا ما صحّت التقارير، فإن الطائرات المعنية هي مستعملة، ما يعني إمكانية الحصول عليها بسعر يتراوح بين 20 و30 مليون دولار للطائرة الواحدة أقل بكثير من نظيراتها الغربية.

من الغرب إلى الشرق: مسار متعرج لتحديث السلاح الجوي

رحلة إندونيسيا لتحديث قواتها الجوية اتسمت بالتردد والتعقيد. فقد سبق أن ألغت جاكرتا صفقة الـSu-35  مع روسيا تحت ضغط أمريكي وتهديدات بقانون CAATSA  للعقوبات، واتجهت بدلاً من ذلك إلى توقيع عقد ضخم لشراء 42 طائرة رافال فرنسية بقيمة 8.1 مليار دولار في 2022.

كما شاركت في تطوير المقاتلة الكورية الجنوبية  KF-21 Boramae، واستكشفت لاحقًا التعاون مع مشروع KAAN التركي. لكن التحديات المالية وعدم اكتمال البرامج جعلتها تبحث عن بدائل أكثر عملية وسرعة في التسليم.

ويبدو أن J-10 تملأ هذا الفراغ: منصة مجربة في باكستان، متعددة المهام، وأقل تكلفة من نظيراتها الغربية.

هل تمثل J-10 حلاً عمليًا؟

المقاتلة  J-10، التي دخلت الخدمة عام 2004، تم تطويرها لسد الفجوة بين أجيال الطيران الصينية، وتتوفر في عدة إصدارات، أبرزها J-10C التي تدمج رادارات AESA  وتقنيات حرب إلكترونية متطورة.

من الناحية التشغيلية، فإن تصميمها أحادي المحرك يجعلها أقل كلفة من حيث التشغيل والصيانة، وهو عامل مهم في بلد أرخبلي واسع مثل إندونيسيا.

وإذا أرفقت الصين الصفقة بشروط تمويل ميسرة أو عروض لنقل التكنولوجيا، فقد تميل الكفة لصالح بكين.

المخاوف والتحديات المحتملة

لكن هذا الخيار ليس بلا تحديات. فشراء مقاتلات مستعملة يفتح تساؤلات حول العمر المتبقي للطائرات، والجاهزية الفنية، وتكلفة إعادة التأهيل والتكامل مع الأنظمة الحالية، خاصة في ظل تنوع مصادر التسليح الإندونيسية (أمريكية، روسية، فرنسية).

كما أن التحول المفاجئ نحو الصين قد يثير حفيظة الشركاء الغربيين، ويضع إندونيسيا في موقع جيوسياسي حساس بين بكين وواشنطن.

خيارات مفتوحة في سماء مزدحمة

سواء كان التوجه نحو J-10 خطوة تكتيكية لتوسيع خيارات الشراء، أو خطة جادة لاستبدال جزء كبير من الأسطول، فإن القرار الإندونيسي سيعيد تشكيل ميزان القوى الجوي في جنوب شرق آسيا.

في منطقة لا تحتمل التراخي في الردع، يبدو أن جاكرتا تتحرك بسرعة ولكن بحذر، بين ضرورات الحداثة ومتطلبات السيادة وكوابح الاقتصاد.

اقرأ أيضًا: “الحوت الأزرق” يغوص في المتوسط.. إسرائيل تنقل غواصتها الذكية إلى اليونان

زر الذهاب إلى الأعلى