جدل في سوريا بعد رفع علم إسرائيل بقلب السويداء.. ما القصة؟

شهدت محافظة السويداء جنوبي سوريا، الجمعة، حادثة أثارت ردود فعل متباينة وجدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية، وذلك بعد رفع علم إسرائيل في “ساحة الكرامة”، التي تُعد رمزاً للاحتجاجات المدنية والمطالب الوطنية في المحافظة.

وتزامنت الواقعة مع تصاعد التوتر الأمني في المنطقة، وإعلان وزارة العدل السورية عن تشكيل لجنة للتحقيق في التطورات الأخيرة بالسويداء، ما عزز من حساسية الحدث وأعاد طرح تساؤلات حول هوية الحراك القائم، والجهات التي تؤثر في مساراته الرمزية والسياسية.

ردود فعل متباينة بعد رفع علم إسرائيل في السويداء

وبينما وصف ناشطون محليون الحادثة بأنها “سلوك فردي لا يمثل الشارع”، يرى مراقبون أنها تمثل تحولًا مقلقًا في الرموز والشعارات التي يتم تداولها داخل الساحة، محذرين من توظيف الحراك المدني في اتجاهات تخدم أجندات خارجية، لا سيما مع تصاعد التيارات الانعزالية في الخطاب المحلي.

واعتبر محللون أن رفع علم إسرائيل في ساحة تحمل رمزية وطنية كبيرة، وارتبطت بأسماء وشخصيات ثورية منذ بدايات الانتفاضة السورية، “يمثل استفزازاً واختراقاً في البنية الرمزية للحراك”، وقد يسهم في تشويه صورته أمام الرأي العام السوري.

توجهات انفصالية في السويداء

ويرى متابعون أن ما جرى ليس مجرد تصرف فردي، بل انعكاس لتصاعد تيارات محلية تحمل خطابًا انفصاليًا أو طائفيًا، بدأت بالظهور تدريجيًا منذ أشهر، لكنها باتت اليوم قادرة على فرض شعاراتها وإملاء مواقفها على الساحة، مستفيدة من غياب القيادة الموحدة للحراك، وفتور العلاقة مع السلطة المركزية.

ويُعتقد أن هذه التيارات تستغل الغطاء الديني لبعض الشخصيات المؤثرة في المحافظة، لإضفاء شرعية دينية على توجهاتها، وسط غياب واضح لصوت سياسي وطني قادر على ضبط إيقاع الساحة وتوجيه مطالبها ضمن الإطار الوطني العام.

خطوط متشابكة في السويداء

ويشير خبراء إلى أن الحراك في السويداء يواجه إشكالية بنيوية تتعلق بتداخل الهوية الدينية مع التمثيل السياسي، إذ لا يزال يُختزل صوت الطائفة الدرزية في شخصيات روحية تملك نفوذًا كبيرًا، وتُستخدم رمزيًا لتمثيل مطالب مجتمع كامل، رغم أن هذه الشخصيات لا تمثل بالضرورة التوجه الوطني العام.

ويؤكد محللون أن العلاقة بين الانتماء الديني والوطني ليست بالضرورة متضادة، لكن “التسييس الطائفي” للحراك أفرز أصواتًا تُزايد على الهوية الوطنية، وتفتح الباب أمام تدخلات خارجية تسعى لاستثمار لحظات التوتر والفراغ السياسي.

إسرائيل في المشهد

وتأتي الحادثة في وقت تشير فيه تقارير إلى محاولات إسرائيلية للتأثير على مكونات سورية محلية، ضمن استراتيجية أوسع تقوم على تفكيك النسيج الوطني، واستغلال النزعات الانفصالية في بعض المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة.

ويرى مراقبون أن “رفع علم الاحتلال في ساحة سورية، هو استفزاز لكل السوريين والعرب”، مؤكدين أن “الصمت أو التراخي في مواجهة مثل هذه التصرفات يفتح المجال أمام تكرارها وربما تصعيدها، بما يهدد وحدة البلاد ويغذي مشاريع التقسيم غير المعلنة”.

غياب الموقف الرسمي

ولم تصدر الجهات الرسمية في دمشق حتى الأن بيانًا مباشرًا بشأن رفع العلم الإسرائيلي، واكتفى الإعلام الرسمي بالإشارة إلى لجنة تحقيق في “أحداث السويداء الأخيرة” دون تحديد الحادثة المثيرة للجدل.

ويرى مراقبون أن غياب الموقف الواضح من الحكومة قد يعكس حذرًا في التعاطي مع الملف، خاصة في ظل حساسية التركيبة السكانية والدينية للمحافظة، والخشية من صبّ الزيت على نار التوترات القائمة.

دعوات للحوار

في ضوء التطورات، دعا محللون سياسيون إلى فتح قنوات حوار وطني شفاف مع أبناء السويداء، بعيداً عن المقاربات الأمنية أو التهميش السياسي، بهدف استيعاب الحراك المدني واحتواء الأصوات المنفلتة التي لا تمثل الإرادة الجماعية لأهالي المحافظة.

ويشدد متابعون على أن الحل يكمن في تعزيز المشاركة السياسية ودمج كل المكونات السورية في مشروع وطني جامع، يسمح بتجاوز النزعات الانفصالية، ويؤسس لمرحلة جديدة من التفاهم الوطني، في ظل التحديات التي تواجهها البلاد داخليًا وخارجيًا.

اقرأ أيضا.. ملامح تحالف جديد.. ماذا تريد تركيا وإيطاليا من دعم الدبيبة في ليبيا؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى