على غرار “المنطقة الاقتصادية لقناة السويس”.. مصر تنشئ “المنطقة الاقتصادية لجرجوب” على 402 ألف فدان

في خطوة استراتيجية جديدة لتنمية الساحل الشمالي الغربي، وافق مجلس الوزراء المصري رسميًا على إنشاء “المنطقة الاقتصادية الخاصة بجرجوب” على مساحة 402.2 ألف فدان، لتكون منطقة اقتصادية ذات طبيعة خاصة تُدار وفقًا لأحكام القانون رقم 83 لسنة 2002، الذي يمنح صلاحيات ومزايا استثمارية واسعة للمشروعات الصناعية والتجارية.

موقع محوري ومساحة تفوق منطقة قناة السويس
تتفوق منطقة جرجوب الاقتصادية من حيث المساحة على نظيرتها في محور قناة السويس، إذ تمتد على أكثر من 402 ألف فدان، مقارنة بـ110 آلاف فدان فقط للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وتتمتع جرجوب بموقع جغرافي بالغ التميز على البحر المتوسط، في أقصى الساحل الشمالي الغربي، بالقرب من الحدود الليبية، ما يجعلها نقطة اتصال بين شمال أفريقيا وجنوب أوروبا، وقاعدة مستقبلية لحركة التجارة عبر المتوسط.
مشروعات دولية كبرى تنطلق من جرجوب
تتوالى الاستثمارات الدولية على المشروع، في صورة تحالفات ضخمة مع أطراف أجنبية:
1- “عاصمة صناعية تركية”
في مارس 2024، وقّعت مصر مذكرة تفاهم مع تحالف تركي تقوده شركة DOGUS، لإنشاء مدينة صناعية ولوجستية متكاملة تشمل ميناءً تجاريًا، منطقة حرة، ربطًا سككيًا، ومارينا صناعية. وتُقدّر استثمارات المشروع بنحو 7 مليارات دولار، مع توفير ما يصل إلى 20 ألف فرصة عمل.

2-مدينة صناعية صينية
وفي 2025، أعلنت وزارة التجارة والصناعة عن مشروع صيني مرتقب لإقامة مدينة صناعية كبرى داخل جرجوب، لتكون أول توسع صناعي صيني بهذا الحجم على الساحل الشمالي الغربي، ما يعزز التعاون المصري–الصيني في مجالات التصنيع والتصدير.
3-أكبر مصنع للهيدروجين الأخضر في العالم
شركة ديمي البلجيكية كشفت عن خطة لضخ 26 مليار دولار لإنشاء مصنع ضخم للهيدروجين الأخضر في جرجوب، ليكون الأكبر عالميًا ويعزز موقع مصر كمصدر استراتيجي للطاقة النظيفة إلى القارة الأوروبية.
4-شراكة كورية استراتيجية لتطوير الميناء والمنطقة الصناعية
أعلنت وزارة النقل توقيع اتفاقية تعاون مع مجموعة STX الكورية الجنوبية لتطوير البنية التحتية للمنطقة، بما يشمل ميناء جرجوب التجاري، والمنطقة الصناعية والمرافق اللوجستية. ويتضمن الاتفاق تنفيذ المشروع على مراحل مع تقديم دراسة جدوى شاملة للتوسعات المستقبلية.
5-صوامع حبوب وخطة للتحول إلى مركز إقليمي للغذاء
من ضمن المشروعات التي تنفذها STX، إنشاء صوامع حبوب حديثة داخل الميناء لتلبية احتياجات السوق المحلي وتسهيل إعادة التصدير، بما يضع مصر على طريق التحول إلى مركز إقليمي لتداول وتجارة الحبوب. وتشمل الخطة أيضًا إنشاء 8 كيلومترات من الأرصفة ومحطات تخزين متخصصة.
6-منطقة صناعية متنوعة.. من السيارات إلى النسيج والزراعة
تشمل المشروعات المرتبطة بالمنطقة الصناعية إنشاء مصنع لإعادة تجميع السيارات المستعملة القادمة من كوريا واليابان، بهدف تصديرها إلى أفريقيا، بالإضافة إلى مصنع للنسيج، ومجمع صناعي للمنتجات الزراعية والغذائية المرتبطة بمحاصيل استراتيجية.
خط أنابيب بترول من ليبيا إلى أوروبا
ضمن خطة تعزيز دور جرجوب كممر للطاقة، يجري تنفيذ خط أنابيب بترول يمتد من الأراضي الليبية إلى ميناء جرجوب، بهدف تصدير الخام إلى أوروبا، بما يعزز من التكامل الإقليمي ويضع مصر في قلب حركة الطاقة شمال–جنوب.
محطة حاويات دولية وقاعدة شحن عالمية
في إطار تعزيز البنية اللوجستية، يشمل التطوير إنشاء محطة حاويات دولية لخدمة البضائع المتجهة من شرق آسيا إلى الأمريكتين، إلى جانب قاعدة لوجستية متكاملة لدعم حركة الشحن والصادرات المصرية عبر المتوسط.
توسع عمراني وسياحي متكامل
ترتبط رؤية المشروع بإنشاء مدينة سكنية جديدة كامتداد للمنطقة الاقتصادية، بالإضافة إلى قرى سياحية، فنادق عالمية، ومناطق ترفيهية، ما يعزز من فرص الاستثمار في القطاع السياحي غرب المتوسط، ويدعم التنمية المتكاملة غير المعتمدة على الصناعة وحدها.
استزراع بحري واستصلاح زراعي
تستهدف الخطة استغلال الأراضي المتاحة في استصلاح محاصيل استراتيجية تدخل في الصناعات الغذائية مثل الزيوت، إلى جانب تنفيذ مشروع إقليمي ضخم لاستزراع أسماك التونة الزرقاء، يُعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط، باستخدام تكنولوجيا ألمانية متطورة. وقد اكتملت المرحلة الأولى من المشروع بطاقة إنتاجية 280 طنًا من الأسماك البحرية و3840 طنًا من التونة.

ربط مباشر بشبكات النقل القومي
لضمان الدمج الكامل في منظومة النقل القومي، سيتم ربط منطقة جرجوب بخط القطار الكهربائي السريع (العين السخنة – مطروح)، إلى جانب تنفيذ خط سكة حديد جديد من مطروح إلى السلوم مرورًا بجرجوب، ما يسهل حركة البضائع ويربط المنطقة بالمراكز الصناعية والموانئ الأخرى.

تنافس تكاملي بين الشرق والغرب
ورغم أن جرجوب تستلهم نموذج المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، إلا أن لكلٍ منهما خصائصه. فبينما ترتكز قناة السويس على ربط البحرين الأحمر والمتوسط وخدمة ممرات التجارة الآسيوية، تسعى جرجوب إلى خدمة المحور المتوسطي الأوروبي–الأفريقي، مع التركيز على الطاقة الخضراء، السياحة، وتجارة الغذاء.
ركيزة جديدة على خريطة الاستثمار المصري
بهذا المشروع، تتحرك مصر لتكرار نجاح نموذج قناة السويس في منطقة جديدة بمساحة أكبر وطموح أوسع، مستفيدة من موقع جرجوب الاستراتيجي والطلب العالمي على مواقع لوجستية بديلة وآمنة. ومن المتوقع أن تسهم المنطقة في تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر، وخلق آلاف الوظائف، وتوسيع القاعدة الإنتاجية الوطنية.
اقرأ أيضا.. افتتاح أول فندق “حياة سنتريك” في أفريقيا بالقاهرة بقدرة 304 غرفة وجناحًا