سياسة

جزيرة الوراق.. إلى متى ستستمر الخلافات والاشتباكات بين الأهالي والحكومة ؟

وسط نهر النيل، تقع جزيرة الوراق، أحد أكبر الجزر النيلية في القاهرة.. الجزيرة التي كانت شاهدة على تطورات تاريخية، اليوم تواجه أزمة كبيرة بين سكانها والحكومة المصرية. الحكومة تسعى لتنفيذ مشروعات استثمارية كبرى على أرض الجزيرة، بينما يرفض الأهالي مغادرة منازلهم التي عاشوا فيها لعقود طويلة، نستعرض معكم تفاصيل هذه الأزمة التي أصبحت عنوانًا للصراع بين التنمية وحقوق المواطنين.

جزيرة الوراق
عائلة مصرية من سكان جزيرة الوراق – روچيه أنيس 2016

خلفية الأزمة

الأزمة بين سكان جزيرة الوراق والحكومة ليست جديدة. في عام 2017، بدأت الاحتجاجات الكبرى عندما أعلنت الحكومة عن مشروع تطوير الجزيرة وهدم المنازل. تلك الاحتجاجات شهدت تصاعدًا كبيرًا، حيث قُتل أحد سكان الجزيرة في اشتباك مع قوات الأمن. ومنذ ذلك الحين، استمرت الاشتباكات والتوترات بين الجانبين، حيث تسعى الحكومة إلى إخلاء الجزيرة لتنفيذ مشاريعها الاستثمارية، بينما يصر السكان على البقاء.

جزيرة الوراق
من فض أحد الاشتباكات بين الدولة وسكان الجزيرة

موقف الحكومة

من جهة الحكومة، ترى أن جزيرة الوراق تمثل فرصة هائلة للتطوير الاقتصادي والعمراني. في عام 2018، صدر قرار من مجلس الوزراء بإنشاء مجتمع عمراني جديد على أرض الجزيرة، ووضعت الحكومة خططًا لبناء أبراج سكنية وفنادق ومرافق حديثة بتكلفة تصل إلى 17.5 مليار جنيه. وأشارت الحكومة إلى أن هذه المشاريع ستساهم في تحسين البنية التحتية وتطوير المناطق غير المخططة. ورغم إعلان الحكومة أن عملية الإخلاء تتم بالتراضي مع سكان الجزيرة، إلا أن جزءًا كبيرًا من السكان يرفض مغادرة أراضيهم.

رؤية الحكومة لتطوير الجزيرة – مقترح
رؤية الحكومة لتطوير الجزيرة – مقترح
رؤية الحكومة لتطوير الجزيرة – مقترح

سكان الجزيرة وعقود ملكية قديمة

في المقابل، يؤكد سكان الجزيرة أن لهم حقوقًا ثابتة في أراضيهم ومنازلهم، العديد منهم يمتلكون عقودًا رسمية تعود لأكثر من مئة عام، ويوضحون أنهم لا يعترضون على التطوير، لكنهم يطالبون بتعويضات عادلة. وفقًا لأحد السكان، فإن الحكومة عرضت عليهم تعويضات قد تصل إلى نصف مليون جنيه، أو شقق صغيرة في حي الأسمرات، وهو ما يعتبره السكان غير كافٍ. ويعبر أحد السكان قائلاً: هذا بيتنا منذ عشرات السنين، ونحن لا نطلب إلا حقنا العادل.

جزيرة الوراق
سيدة مصرية من سكان الجزيرة تقف فوق أطلال أحد المنازل – فايز الجزيري 2017

الوضع الأمني والتصعيد

مع استمرار الأزمة، تصاعدت التوترات الأمنية في جزيرة الوراق. خلال الأشهر الأخيرة، فرضت قوات الأمن حصارًا على الجزيرة، ومنعت دخول مواد البناء، مما أدى إلى احتجاجات جديدة من الأهالي. اشتبك السكان مع قوات الأمن، ونجحوا في إطلاق سراح سائق شاحنة حاول إدخال مواد بناء. تلك الأحداث تشير إلى أن الأزمة لم تنته بعد، وأن التوترات لا تزال مستمرة بين الجانبين.

أحد الاشتباكات بين الأهالي والدولة

رؤية الأهالي للحل

يؤكد أهالي جزيرة الوراق أنهم ليسوا ضد التطوير، بل يطالبون بأن يتم التعامل معهم بعدل وإنصاف. مجلس العائلات الذي يمثل سكان الجزيرة، يضم 80 عائلة من بين حوالي 130 ألف نسمة يعيشون على الجزيرة. ورغم المحاولات السابقة للتفاوض مع الحكومة، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل. مطالبهم واضحة: تعويضات عادلة وشقق بديلة داخل الجزيرة، لكن حتى الآن لم تتحقق تلك المطالب.

أعمال تنفيذ المرحلة العاجلة من مشورع تطوير الجزيرة

مستقبل الجزيرة والمشروع

المستقبل في جزيرة الوراق قد يشهد المزيد من التوترات أو ربما حلاً قريبًا إذا ما تم التوصل إلى تسوية عادلة بين الحكومة وسكان الجزيرة. الحكومة رصدت ميزانية قدرها 7 مليارات جنيه لتعويض الأهالي، لكن السكان لا يزالون يعتبرون أن التعويضات غير كافية. مع استمرار مشاريع التطوير في القاهرة، ستكون جزيرة الوراق واحدة من المناطق التي تترقب مصيرها في السنوات القادمة.

اقرأ أيضا.. الفرقاطة جوويند ترافق سفينة مساعدات مصرية إلى ميناء مقديشو بالصومال

تصوير جوي للجزيرة – المونيتور

التنمية وحقوق الإنسان

هل يمكن التوفيق بين مشاريع التنمية وحقوق السكان؟ جزيرة الوراق تمثل تحديًا كبيرًا للحكومة المصرية ولسكانها، ما بين خطط التطوير والرغبة في البقاء، ستظل الجزيرة عنوانًا للصراع بين الحداثة والتراث. فهل ستجد الحكومة والأهالي طريقًا نحو الحل؟ أم أن الأزمة ستستمر؟ فقط الزمن هو من سيجيب.

أعمال تنفيذ المرحلة العاجلة – محمد عامر
أعمال تنفيذ المرحلة العاجلة – محمد عامر
أعمال تنفيذ المرحلة العاجلة – محمد عامر
زر الذهاب إلى الأعلى