جنود روس في قاعدة سورية يستعدون للعودة لبلادهم.. القوات الروسية تنسحب بعد سقوط الأسد
التحالف الذي يقوده الإسلاميون، بقيادة هيئة تحرير الشام، وهي فرع من تنظيم القاعدة، يسيطر الآن على سوريا. وبينما تسعى هيئة تحرير الشام إلى تصوير نفسها على أنها منظمة إصلاحية وراغبة في احترام حقوق الأقليات، فإنها تظل مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل القوى العالمية الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا.
تولت المجموعة المسؤولية غير المريحة المتمثلة في الإشراف على سلامة القوات الروسية أثناء انسحابها.
اقرأ أيضًا: بي بي سي العربية تواجه اتهامات بسبب المقاتلين الفلسطينيين في غزة
قاعدة حميميم الجوية: مركز القوة الروسية
إن الجيش الروسي، الذي استمد قوته من قاعدة حميميم الجوية منذ عام 2015، يعمل الآن على تعزيز قواته في معاقل ساحلية، بما في ذلك حميميم وقاعدة طرطوس البحرية.
كانت هذه القواعد حاسمة للعمليات العسكرية الروسية في المنطقة، بما في ذلك الضربات التي دعمت نظام الأسد ووسعت نطاق وصول موسكو إلى ليبيا وخارجها.
وفي خضم التحول، يحافظ مقاتلو هيئة تحرير الشام والقوات الروسية على تعايش حذر. وأكد الحراس عند بوابات حميميم المغادرة الوشيكة للقوات الروسية. وعلق أحد الحراس قائلاً: “الطائرات قادمة لنقلهم”، على الرغم من أن التوترات لا تزال مرتفعة، مع تقارير عن تقييد التصوير وزيادة اليقظة بين الجنود الروس.
عدم اليقين بشأن النوايا الروسية
على الرغم من التراجع الواضح، يبدو أن روسيا عازمة على الحفاظ على موطئ قدمها في سوريا. وكانت موسكو قد حصلت في السابق على اتفاقيات طويلة الأجل مع الأسد للوصول إلى القواعد العسكرية.
بحسب مسؤولين غربيين وعرب مطلعين على المناقشات الجارية، تأمل روسيا في الحفاظ على وجودها في ظل الحكام الجدد، من خلال التركيز على الأفراد الأساسيين في حميميم وطرطوس.
لكن هذه الاستراتيجية تواجه تحديات كبيرة. إذ يعرب مقاتلو هيئة تحرير الشام، الذين كانوا منذ فترة طويلة هدفا للغارات الجوية الروسية، عن استيائهم العميق تجاه القوات المحتلة. وقال أحد أعضاء هيئة تحرير الشام، وهو ما يعكس العداء بين المقاتلين من الرتب المختلفة: “يجب عليهم جميعا أن يرحلوا”.
الحسابات الاستراتيجية لقيادة هيئة تحرير الشام
يتنقل زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، المعروف الآن باسمه الحقيقي أحمد الشرع، في مشهد سياسي حساس. ويشير المحللون إلى أن السماح لروسيا بالاحتفاظ بقواعدها قد يوفر لهيئة تحرير الشام نفوذا دبلوماسيا، مما قد يمنحها اعترافا من موسكو في حين تسعى المجموعة إلى تعزيز سلطتها.
ومع ذلك، فإن طرد القوات الروسية قد يكون بمثابة انتصار رمزي لهيئة تحرير الشام في حين يؤدي في الوقت نفسه إلى تعقيد العلاقات مع أصحاب المصلحة الدوليين الآخرين، بما في ذلك الولايات المتحدة.
آراء متباينة بين السوريين
في حين يرى العديد من السوريين أن الوجود الروسي بمثابة تذكير غير مرغوب فيه لسنوات من الغارات الجوية والمعاناة، يعبر آخرون عن مشاعر مختلطة.
أشاد أحد أصحاب المتاجر المحليين بالقرب من حميميم بالقوات الروسية باعتبارها عملاء موثوقين، قائلاً: “لقد كانوا دائمًا لطيفين للغاية ودفعوا مقابل كل ما أخذوه”. ويؤكد هذا الشعور على الديناميكيات المعقدة بين القوات الأجنبية والمجتمعات المحلية.
إرث الحملة الروسية في سوريا
لعب تدخل روسيا في سوريا، إلى جانب إيران، دورًا حاسمًا في إبقاء الأسد في السلطة خلال الحرب الأهلية التي استمرت 13 عامًا في البلاد، والتي أودت بحياة أكثر من 500 ألف شخص.
مع ذلك، فإن سقوط نظام الأسد وصعود هيئة تحرير الشام يمثل فصلاً جديدًا في تاريخ سوريا المضطرب، مما يترك موسكو تكافح مع العواقب المترتبة على نفوذها الإقليمي.
مع استمرار المفاوضات، يظل مستقبل الوجود العسكري الروسي في سوريا غير مؤكد، ويعتمد على الحسابات الجيوسياسية الدقيقة وهيكل السلطة المتطور في دمشق.