عسكرية

حرب أكتوبر 73.. وثائق تكشف لأول مرة حقيقة الثغرة وخطة الجيش المصري لتصفيتها

‏ظلت إسرائيل لعقود من الزمان تروج لرواياتها وأكاذيبها بشأن حرب أكتوبر 1973 أو كما تطلق عليها اسم “حرب يوم الغفران”، وكانت تستغل دائما حالة “الثغرة” في محاولة لخلق نصر زائف؛ وذلك على الرغم من فشلها في التوصل إلى تحقيق أي هدف عسكري أو سياسي استراتيجي من خلالها.

وكشفت وئائق حرب أكتوبر 1973 التي رفعت عنها وزارة الدفاع المصرية السرية مؤخرًا، عن تقرير هام صادر من هيئة عمليات القوات المسلحة عن الأنشطة القتالية للجيش المصري لتصفية الجيب الإسرائيلية على الضفة الغربية لقناة السويس والمعروف إعلامياً بإسم “ثغرة الدفراسوار”.

كما تتضمن الوثائق، التي اطلع عليها “خاص عن مصر“, تقريراً عن وضع القوات المصرية والإسرائيلية بمنطقة الدفراسوار غرب قناة السويس في الفترة من 25 أكتوبر إلى 25 يناير 1974، وهي فترة وقف إطلاق النار الفوري الذي أقره مجلس الأمن الدولي إعتبارا من يوم 24 أكتوبر 1973.

المبادئ العامة لعمليات إستنزاف القوات الإسرائيلية في الثغرة

حددت القوات المسلحة في تقرير هيئة العمليات عدداً من المبادئ العامة لعملياتها ضد القوات الإسرائيلية بمنطقة الدفراسوار غرب القناة، والتي أطلق عليها اسم “حرب الإستنزاف الثانية”.

وجاء في مقدمتها، الاحتفاظ بحرية العمل والمبادأة من جانب الجيش المصري تحت جميع الظروف، واستغلال جميع وسائل النيران بهدف إيقاع أكبر عدد من الخسائر في صفوف أفراد العدو ومعداته واتباع أساليب جديدة في إستخدام هذه الأسلحة، والمحافظة على الإلتحام الدائم بقوات العدو، والتحسين المستمر لأوضاع القوات شرق وغرب القناة، واستغلال الأعمال القتالية في سرعة الإنتهاء من التجهيز الهندسي لمواقع القوات المسلحة لشن الهجوم المخطط لتصفية الجيب الإسرائيلي “الثغرة”.

الوثائق التي كشفت عنها وزارة الدفاع مؤخرآ

عمليات استنزاف القوات الإسرائيلية في الثغرة

وأشارت الوثائق التي أطلعت عليها “خاص عن مصر“، أنه في الفترة من 31 أكتوبر إلى 17 يناير نفذ الجيش المصري 439 عملية قتالية ضد القوات الإسرائيلية على الضفة الغربية من القناة، تم خلالها إسقط 11 طائرة إسرائيلية، بما في ذلك طائرتان بدون طيار، بالإضافة إلى تدمير 41 دبابة و 36 معدة هندسية وبلدوزر.

كما نجح الجيش المصري في استهداف ناقلة النفط “سيرينا” وإحداث أضرار بها، وإغراق سفينة إنزال عسكري، مع العمل بصفة مستمرة علي إسكات وتحييد بطاريات الدفاع الجوي والمدفعية ونقط المراقبة التابعة للجيش الإسرائيلي المتمركزة بهذه المناطق، واشعال الحرائق في المناطق الإدارية بصفة مستمرة.

وضع القوات الإسرائيلية

بحسب تقرير هيئة عمليات القوات المسلحة بلغ حجم القوات الإسرائيلية غرب القناة 7 ألوية، تتزود بنحو 574 دبابة، بينما كانت القوة الإسرائيلية المتواجدة في غرب القناة تعمل على تحصين مواقعها من خلال حفر الخنادق وإقامة حقول ألغام (بلغت نحو 750 ألف لغم)، إلي جانب موانع الاسلاك الشائكة والسواتر الترابية، وشق طرق ومحاور طولية وعرضية لخدمة أعمال المناورة بالقوات في جميع الإتجاهات أي أنها كانت في أوضاع دفاعية مع عجزها عن تحقيق نجاحات إستراتيجية مثل إحتلال مدينة السويس أو التقدم شمالا ودخول مدينة الإسماعيلية.

واعتمدت القوة الإسرائيلية في غرب القناة علي الدعم اللوجستي والإمدادات التي تصل عبر الجسر الحجري الذي تم تثبيته بمنطقة الدفرسوار لتأمين حركة الإمداد والإخلاء، وتم إستخدام ميناء الأدبية بالسويس ومطار فايد في أعمال الإمداد والأخلاء مع إستخدام المروحيات على نطاق واسع.

وضع القوات المصرية

تمسك الجيش المصري برؤوس الكباري للجيوش الميدانية والإحتفاظ بالتجميع الرئيسي للجيوش الميدانية في شرق القناة، مع التخطيط والإعداد للإجهاز والقضاء على ثغرة الدفراسوار حال إنطلاق القتال مجددا، خاصة بعد إستعواض الخسائر في الأسلحة والمعدات والأفراد، وإكتمال حشد القوات المخصصة للعملية وقدرت حجمها بحوالي 12 لواء، تشمل 880 دبابة مع الإحتفاظ بإحتياطيات القيادة العامة في العمق للدفع بها عند أي طارئ، ولتحقيق القيادة والسيطرة الكاملة علي هذه القوة تشكلت قيادة تعبوية لقوات غرب القناة وأطلق عليها إسم “قوات بدر”.

فكرة العملية الهجومية لتصفية الثغرة

وبحسب الوثائق، تبدأ العملية المخطط لتصفية الجيب الإسرائيلي بغرب القناة “الثغرة”، بهجوم ليلى صامت على طول خط المواجهة غرب القناة بمجموعات من المشاه الميكانيكية وقوات الصاعقة والابرار الجوى بقوة 24 كتيبة لتدمير قوات العدو المواجهة وقتل وأسر أكبر عدد من أفراده وخاصة قادته وضباطه ومهاجمة مراكز القيادة والسيطرة لشل تفكيره وافقاده السيطرة على قواته مع تدمير مرابض نيران المدفعية والبطاريات المضادة للطائرات ومراكز التوجيه والإدارة الجوية.

وفي نفس الليلة، تقوم باقي القوات في رؤوس الكباري بالتحول للهجوم لتحسين أوضاعها والإستيلاء على الهيئات الحاكمة، ومع أول ضوء لليوم الأول للعملية، وبعد تمهيد نيراني قوي بالتعاون مع القوات الجوية والبحرية والدفاع الجوي والحرب الإلكترونية، يتم دفع القوات الرئيسية للعملية غرب القناة والمكلفة بتدمير التجمع الرئيسي للعدو الإسرائيلي بالتعاون مع القوات المتواجدة شرق القناة.

وبدفع الأنساق الثانية والإحتياطيات تطور القوات هجومها لاستكمال تدمير قوات العدو غرب القناة، والاتصال بقوات الجيش الثالث غرب القناة، وقفل ثغرة الدفراسوار.

وبنهاية العملية يتم إستعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه يوم 12 أكتوبر 1973 تمهيداً لاستئناف العمليات الهجومية في سيناء وإستكمال تحريرها.

الوثائق تكشف عن حقيقة النجاح الإسرائيلي في الثغرة

لم تتمكن القوات الإسرائيلية من تدمير الاحتياطيات التعبوية والاستراتيجية المصرية غرب القناة وظلت القوات المصرية تحاصر القوات الإسرائيلية وتمنع انتشارها إلى الغرب أو الجنوب أو الشرق.

لم تتمكن إسرائيل من خلال إرباك القيادة المصرية او الإخلال بالتوازن الإستراتيجي وإجبارها على سحب قوات ذات شأن استراتيجي من رؤوس الكباري في الشرق، وظلت القوات صامدة في مواقعها ولم ينجح هجوم مضاد واحد ضدها بل كسب بعضها أراضي ومواقع جديدة خلال فترة الثغرة.

لم تتمكن إسرائيل من السيطرة على أي من المدن الرئيسية بمنطقة القناة سواء كانت الإسماعيلية أو السويس. كما أنها لم تتمكن من إتمام حصار أو تدمير أو حتى مجرد تهديد أي من التجمعين الرئيسيين لقوات الجيش الثاني والثالث.

كما لم تتمكن القوات الإسرائيلية خلال قتال دار لمدة ثلاثة عشر يوماً من استعادة أجزاء حيوية من قناة السويس، سوى جزء قليل من الشاطئ الشرقي للقناة جنوب الفرقة 16 المشاة.

زر الذهاب إلى الأعلى