حرب العملة بين الشرق والغرب.. هل تسقط ليبيا في فخ الانهيار المالي؟

فجّر مصرف ليبيا المركزي فضيحة من العيار الثقيل بالكشف عن أكبر عملية تزوير لـ العملة في ليبيا ووجود أكثر من 3.5 مليار دينار ليبي من فئة الخمسين دينارًا تم تزويرها، خارج الإطار القانوني.

وفي بيان صادم، أعلن مصرف ليبيا المركزي أن التحقيقات الأولية لعملية سحب فئة الخمسين دينارًا من التداول، والتي انتهت في مايو الماضي، كشفت أن الكمية الموردة من الإصدار الثاني تجاوزت المطبوع رسميًا بمقدار يفوق 3.5 مليار دينار.

وبلغ إجمالي ما تم توريده للمصرف 10.211 مليار دينار، رغم أن الكمية الرسمية المطبوعة لم تتجاوز 6.650 مليار.

المركزي أكد أن هذه الكميات لم تُسجّل ضمن سجلات إدارة الإصدار ببنغازي، ما يعني أنها لم تخضع للمادة (39) من قانون المصارف، وتُعد “استيلاء غير مشروع على المال العام” تسبب في “ضرر جسيم للاقتصاد الوطني”.

الدبيبة يوجه الاتهام للشرق بتزوير العملة في ليبيا

من جهته، لم يتأخر عبدالحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، في استغلال هذا الكشف، فطالب النائب العام بفتح “تحقيق فوري وشامل”، محذرًا من خطورة التلاعب بعملة البلاد، ومشيرًا إلى أن الفرق في الأرقام “يثبت صدق تحذيراتنا المتكررة بوجود عملات مزوّرة تم ضخها بالسوق الليبية”.

وفي منشور على “فيسبوك”، لمّح الدبيبة بشكل مباشر إلى تورط سلطات شرق البلاد، قائلًا إن الجهات التي تشرف على هذه العملية الممنهجة “استغلت العملة المزورة لشراء الدولار من السوق الموازي وتمويل أنشطتها”، ما يعني أن حرب العملة أصبحت وجهًا جديدًا للصراع السياسي والانقسام النقدي في ليبيا.

سحب فئة العشرين دينارًا

وبعد أيام من الإعلان، اتخذ مصرف ليبيا المركزي قرارًا احترازيًا جديدًا بسحب فئة العشرين دينارًا من التداول، لكلا الإصدارين، البريطاني والروسي، خوفًا من وجود نسخ غير رسمية منها. وحدد 30 سبتمبر 2025 كآخر موعد لتداول هذه الفئة، في محاولة لضبط سوق العملة، وحماية هيكلة الدينار.

بحسب خبراء فإن هذه الكميات الضخمة من العملة المزوّرة أثّرت مباشرة على السوق الليبي، إذ ساهمت في ارتفاع معدلات التضخم، ودفعت إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية في السوق السوداء، مما أدى إلى تدهور إضافي في قيمة الدينار، وزيادة معدلات غسل الأموال، ومخاطر تمويل الإرهاب.

ويقول محللون إن هذه الجريمة تعكس هشاشة النظام المالي الليبي، الذي ما زال يدار من مصرفين مركزيين في طرابلس وبنغازي، دون تنسيق حقيقي، وهو ما جعل من السهل تمرير مليارات الدينارات المطبوعة خارج الرقابة.

تزوير العملة في ليبيا فضيحة مالية أم جرس إنذار؟

يعتقد مراقبون أن التحقيق القضائي في هذه الفضيحة المالية ضروري، ليس فقط لكشف الجناة، بل لإعادة جزء من الثقة المفقودة في العملة الليبية، ومنع تكرار مثل هذه الجرائم. لكنهم يُجمعون على أن هذا التحقيق، مهما كانت نتائجه، لن يكون كافيًا لإنقاذ الاقتصاد من السقوط الحر، ما لم يُعالج أصل الداء: الانقسام السياسي والمؤسسي.

ويؤكد محللون أن الأزمة النقدية التي تمر بها ليبيا، بما في ذلك تزوير العملة، ليست سوى مظهر خارجي لأزمة أعمق تتمثل في صراع سياسي محتدم، وانقسام المؤسسات السيادية، وغياب الرقابة الموحدة، وتآكل الثقة العامة بالدولة.

 

اقرا أيضا.. إيران ما زالت قادرة على التخصيب.. هل فضح غروسي أكاذيب ترامب حول البرنامج النووي؟

زر الذهاب إلى الأعلى