حرب تجارية ناعمة من الخليج.. رسالة سياسية واقتصادية صارمة للصين والهند

في خطوة سياسية هامة واستراتيجية تهدف إلى تعزيز الصناعة الخليجية المحلية وضمان بيئة تنافسية عادلة، قررت دول مجلس التعاون الخليجي فرض رسوم إغراق نهائية على منتجات الخزف الصحي المستوردة من الصين والهند.
ويأتي هذا القرار، الذي يدخل حيز التنفيذ في 8 يوليو 2025، عقب دراسة شاملة وتوصية رسمية من اللجنة الدائمة لمكافحة الممارسات الضارة في التجارة الدولية. ويمثل هذا التطبيق نقطة تحول حاسمة في السياسة التجارية لدول مجلس التعاون الخليجي، إذ يشير إلى موقف أكثر حزما ضد المنافسة الأجنبية غير العادلة، ويُؤكد على بذل جهود أوسع نطاقا لتعزيز القدرة التنافسية الصناعية الإقليمية.
الصين والهند.. رسوم لمدة خمس سنوات على واردات الأدوات الصحية الرئيسية
تُطبق الرسوم الجديدة المفروضة لمدة خمس سنوات، وتشمل مجموعة واسعة من المنتجات الصحية، بما في ذلك: أحواض الغسيل وأحواض الاستحمام وأحواض الاستبراء (البيديه) ومقاعد المراحيض وخزانات تفريغ المياه (السيفون) والمباول، وأدوات صحية مماثلة ثابتة مصنوعة من البورسلين.
ويعكس هيكل التعريفة الجمركية معدلات متباينة، حيث تتراوح الرسوم الجمركية بين 33.8% و51% على الواردات الصينية، وبين 21.4% و83.4% على الواردات الهندية، بناء على درجة الإغراق التي تم تحديدها خلال التحقيق.
وزارة الصناعة السعودية: رسالة دعم واضحة للمنتجين المحليين
وأكد وزير الصناعة السعودي، خلال الإعلان الرسمي للجنة الوزارية، أن هذه الخطوة لا تهدف فقط إلى إنفاذ السياسات، بل تهدف أيضا إلى توجيه رسالة اقتصادية قوية مفادها أن دول الخليج ملتزمة بالمنافسة العادلة والسيادة الصناعية. ومن المتوقع أن تعزز هذه الخطوة ثقة المستثمرين وتحفز المزيد من النمو الصناعي في جميع أنحاء المنطقة.
“صدق” تُشيد بالقرار: يُحقق تكافؤ الفرص
ومن جانبها، أعربت الشركة السعودية للتنمية الصناعية (صدق) عن دعمها القوي لإجراءات الإغراق،مؤكدة أن الرسوم ستسهم في تحسين أداء الشركة بفضل الحد من الواردات المغرقة التي تسببت سابقاً في ضغوط على الصناعة المحلية. وأشارت “صدق” إلى أن المنتجات المشمولة تُمثّل مكوناً رئيسياً في خطوط إنتاجها، وأن فرض الرسوم سيؤمن حصتها السوقية ويعزز قدرتها على المنافسة.
الأدلة الفنية: تأكيد الإغراق وإثبات الضرر
أكدت الأمانة الفنية لمكافحة الممارسات الضارة، التابعة للأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن التحقيقات أثبتت وجود ممارسات إغراق تسببت بضرر مادي مباشر للصناعات الخليجية، مع وجود علاقة سببية مثبتة بين الواردات من الصين والهند والضرر الحاصل.
وتناولت النشرة الرسمية الصادرة عن الأمانة للأمانة (العدد 52) المنهجية والنتائج بالتفصيل، مثبتة وجود علاقة سببية بين الواردات المُغرقة والضرر المادي الذي لحق بالمنتجين في دول مجلس التعاون الخليجي. وقد أُتيحت الوثائق للجمهور عبر الموقع الإلكتروني الرسمي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، مما يضمن الشفافية والامتثال التنظيمي.
اقرأ أيضا.. بيض سعودي على المائدة الأمريكية.. اختراق غير مسبوق من شركة محلية لسوق الولايات المتحدة
عهد جديد من السياسات التجارية في الخليج
ويعكس هذا الإجراء التاريخي تحولا في السياسة التجارية الخليجية، بالانتقال من سياسات الاستيراد المفتوحة إلى تنظيم استراتيجي يتماشى مع قواعد منظمة التجارة العالمية، ويُعطي الأولوية لمرونة الاقتصاد المحلي.
من خلال حماية قدرات التصنيع المحلية ورفع مستوى دخول الأسواق الأجنبية، يُعلن مجلس التعاون الخليجي عن التزامه طويل الأمد بالتنمية الاقتصادية المستدامة وزيادة الإنتاج ذي القيمة المضافة الإقليمية، لا سيما في القطاعات المعرضة لفائض الطاقة الإنتاجية العالمية والتلاعب بالأسعار.