حرب روسيا السرية المتصاعدة خارج أوكرانيا.. حملة تخريب ضد أوروبا

القاهرة (خاص عن مصر)- على مدى السنوات الثلاث الماضية، كثفت روسيا حملة سرية من التخريب تستهدف الدول الأوروبية، وتتجاوز أوكرانيا.

وفقا لتحليل فورين بوليسي، تسلط البيانات الجديدة من جامعة لايدن الضوء على اتجاه مقلق: فقد تصاعدت تكتيكات موسكو لتشمل الاغتيالات والهجمات على البنية التحتية الحيوية ومحاولات تقويض الوحدة الأوروبية. ووفقًا للتحليل، تشكل هذه العمليات تهديدًا مباشرًا ومتزايدًا لحياة الأوروبيين واستقرارهم.

من التخريب إلى الإرهاب الموجه من قبل الدولة

ارتفعت الأنشطة السرية لروسيا في أوروبا بشكل كبير في عام 2024، حيث ارتفعت الحوادث من ستة في عام 2022 إلى 44 في عام 2024. وتتراوح هذه الإجراءات من تخريب الكابلات البحرية والبنية التحتية للطاقة إلى الاغتيالات المستهدفة وحملات التأثير التي تهدف إلى تآكل الدعم السياسي لأوكرانيا.

من الجدير بالذكر أن الكرملين استخدم مجرمين انتهازيين وعملاء مرتبطين بالدولة لتنفيذ هذه المهام، ومزج بين استراتيجيات متطورة وأعمال تخريب مصممة لزرع الفوضى.

وشملت العمليات الأخيرة مؤامرات اغتيال، مثل استهداف الرئيس التنفيذي لشركة تصنيع أسلحة ألمانية ومحاولة قتل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

بالإضافة إلى ذلك، امتدت تصرفات موسكو إلى وضع أجهزة حارقة على رحلات الشحن وتعطيل الطيران المدني من خلال التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وتوغلات الطائرات بدون طيار.

يحذر المحللون من أن هذه الأعمال قد تتصاعد إلى إرهاب واسع النطاق، بما في ذلك تفجير طائرات ركاب متجهة إلى الولايات المتحدة أو تخريب شبكات الطاقة الأوروبية.

اقرأ أيضًا: سلاح يوم القيامة.. أسلحة النبضات الكهرومغناطيسية تهدد بإعادة العالم للعصر الحجري

التصعيد تحت العتبة النووية

يحذر الخبراء، بما في ذلك باحثو جامعة ليدن، من أنه في حين تهيمن التهديدات النووية على الخطاب، فإن مسار التصعيد الأكثر ترجيحًا لروسيا ينطوي على تكتيكات تقليدية ولكنها شديدة التدمير. وتشمل هذه الهجمات على البنية التحتية الحيوية، والعنف المستهدف، والتعطيل الجماعي للخدمات الأساسية مثل إمدادات المياه.

على سبيل المثال، تسلط التهديدات بالقنابل في سلوفاكيا وجمهورية التشيك والاقتحامات في مرافق معالجة المياه الضوء على استعداد الكرملين لتعريض حياة المدنيين للخطر.

الاستجابة المنقسمة في أوروبا

على الرغم من التهديد المتزايد، كانت الاستجابات الأوروبية غير متسقة. تكافح دول رئيسية مثل ألمانيا وفرنسا مع التحديات الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي، مما يحد من قدرتها على مواجهة عدوان روسيا بشكل فعال. وفي الوقت نفسه، تعمل الشكوك حول التزام الولايات المتحدة بالأمن الأوروبي في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب على تضخيم الحاجة الملحة لأوروبا لتعزيز قدراتها الدفاعية.

دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته أوروبا إلى تبني “عقلية الحرب”، لكن الانقسامات السياسية والقيود الميزانية تعيق التقدم. تظل ألمانيا وفرنسا الهدفين الرئيسيين لموسكو، لكن تركيزهما على القضايا المحلية يضعف الأمن الأوروبي الجماعي.

مواجهة عدوان الكرملين

للتصدي لهذه التهديدات، يدعو الخبراء إلى موقف أوروبي أكثر حزما. إن الوجود البحري المعزز لحلف شمال الأطلسي في بحر البلطيق واعتراض فنلندا لسفينة شحن مشبوهة هي خطوات إيجابية.

لكن يتعين على أوروبا أن تحدد خطوطا حمراء واضحة وأن تلتزم علنا ​​باتخاذ تدابير انتقامية، بما في ذلك العقوبات، والاستيلاء على الأصول، وزيادة المساعدات العسكرية لأوكرانيا.

إن تعزيز أجهزة الاستخبارات وقدرات مكافحة الإرهاب أمر بالغ الأهمية. كما يشكل الاستثمار الطويل الأجل في صناعة الأسلحة في أوروبا ضرورة أساسية لضمان الاستقلال الاستراتيجي والحد من الاعتماد على التحولات في السياسة الخارجية الأميركية.

الحاجة إلى الوحدة والعزم

تواجه أوروبا لحظة حاسمة. فالفشل في التصرف بحزم من شأنه أن يشجع موسكو ويعرض مستقبل أوكرانيا للخطر، بل والأمن الأوسع نطاقا للقارة. إن الوحدة والوضوح الاستراتيجي والالتزام بمكافحة الحرب السرية التي تشنها روسيا أمر حيوي لحماية استقرار أوروبا ودورها داخل حلف شمال الأطلسي.

زر الذهاب إلى الأعلى