حظر جوي وأزمة دبلوماسية.. ماذا يحدث بين الجزائر ومالي؟

في تطور جديد ينذر بمزيد من التوتر في منطقة الساحل، أعلنت الجزائر إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات القادمة من مالي أو المتجهة إليها، في خطوة تصعيدية أعقبت اتهامات متبادلة بين البلدين على خلفية إسقاط طائرة مسيَّرة داخل الأراضي الجزائرية.
بداية الأزمة بين الجزائر ومالي
بدأت الأزمة بعدما أعلنت الحكومة الجزائرية مطلع أبريل الجاري أن طائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي اخترقت المجال الجوي الجزائري لمسافة تُقارب الكيلومترين.
وأكدت وزارة الدفاع الجزائرية أن دفاعاتها الجوية تعاملت مع الطائرة وأسقطتها بعد رصدها عبر أنظمة الرادار، مشيرة إلى أن الحادثة ليست الأولى من نوعها، بل سبقتها حالتان مماثلتان خلال الأشهر الماضية.
وقد اعتبرت الجزائر الحادث خرقًا صريحًا لسيادتها، مؤكدة امتلاكها “أدلة تقنية” توثق الانتهاك، بما في ذلك صور الرادار ومسار الطائرة.
رد مالي ودول الساحل
في المقابل، نفت السلطات المالية الرواية الجزائرية، ووصفت إسقاط الطائرة بأنه “عمل عدائي”. وقالت إن المسيّرة كانت في مهمة عسكرية لتحييد مجموعة مسلحة على الحدود، وذلك في إطار التعاون العسكري بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، الذين يشكلون معاً تكتلاً دفاعياً جديداً بعد انسحابهم من مجموعة دول الساحل السابقة.
وعلى خلفية الحادث، قررت الدول الثلاث استدعاء سفرائها لدى الجزائر للتشاور، معتبرة التصرف الجزائري غير مبرر ويشكل تصعيداً غير مسبوق.
الجزائر تقرر المعاملة بالمثل مع مالي ودول الساحل
ولم تتأخر الجزائر في الرد، إذ أعلنت تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل من خلال استدعاء سفيريها في مالي والنيجر، وتأجيل مباشرة السفير الجزائري الجديد لمهامه في بوركينا فاسو.
كما أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بياناً شديد اللهجة وصفت فيه الاتهامات المالية بـ”الخطيرة والباطلة”، معبّرة عن “امتعاضها الشديد” من الموقف الذي اتخذته الدول الثلاث.
توتر متصاعد منذ الانقلاب المالي
بحسب تقارير تعيش العلاقات الجزائرية المالية على وقع توتر متصاعد منذ الانقلاب العسكري الذي شهدته مالي عام 2021، والذي قاد إلى تغييرات كبيرة في توجهات باماكو السياسية والعسكرية.
ومع انسحاب مالي من الشراكات الإقليمية السابقة وتقاربها مع قوى جديدة، باتت الجزائر تنظر بقلق إلى المسار الذي تسلكه حكومة باماكو، خاصة في ظل تنامي الوجود العسكري غير التقليدي داخل مالي، والتعاون المتزايد مع قوى إقليمية من خارج الإطار التقليدي لدول الساحل.
إلى أين تتجه الأزمة بين مالي والجزائر؟
وفق مراقبون فإنه بعد إغلاق المجال الجوي وتبادل الاتهامات وسحب السفراء، تتجه العلاقات بين الجزائر ومالي نحو منعطف حرج.
ولا تبدو بوادر التهدئة وشيكة في ظل غياب أي وساطة إقليمية فاعلة حتى الآن، ما يفتح الباب أمام احتمالات أكثر تعقيداً، قد تشمل تداعيات على الاستقرار الإقليمي وأمن الحدود، خاصة أن كلا البلدين يقعان في قلب منطقة تعج بالصراعات العابرة للحدود.
وفي انتظار ما ستؤول إليه هذه الأزمة، يبقى ملف العلاقات الجزائرية مع تكتل الساحل الجديد واحداً من أكثر الملفات حساسية في سياسة الجزائر الخارجية خلال المرحلة الراهنة.