حكومة شرق ليبيا تشهر سلاح “القوة القاهرة” في وجه الدبيبة.. هل تنجح في إقالته؟

تشهد الساحة الليبية توتراً متصاعداً، حيث لوّحت حكومة شرق ليبيا بإمكانية إعلان حالة “القوة القاهرة” على الحقول والموانئ النفطية الخاضعة لسيطرة حكومة الدبيبة بغرب ليبيا، في خطوة قد تشلّ عصب الاقتصاد الليبي الهش أصلاً.
يأتي هذا التهديد في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالبة بإقالة حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس برئاسة عبدالحميد الدبيبة، مما يطرح تساؤلات جدية حول ما إذا كان “سلاح النفط” سيحسم المعركة السياسية هذه المرة.
تلويح حكومة بنغازي بالقوة القاهرة في مواجهة الدبيبة
وأصدرت الحكومة المتمركزة في بنغازي بياناً الأربعاء، عزت فيه تلويحها بإيقاف تدفق النفط إلى ما وصفته بـ”اعتداءات متكررة على المؤسسة الوطنية للنفط والشركات التابعة لها”.
ورغم عدم تقديم تفاصيل محددة حول طبيعة هذه الاعتداءات، إلا أن البيان أشار أيضاً إلى إمكانية نقل مقر المؤسسة الوطنية للنفط من العاصمة طرابلس، الخاضعة لسيطرة حكومة الدبيبة، إلى إحدى المدن الواقعة تحت نفوذها في الشرق، مثل راس لانوف أو البريقة، بدعوى أنها “مدن آمنة”.
تُعتبر هذه الخطوة تصعيداً خطيراً، خاصة وأن المؤسسة الوطنية للنفط هي الجهة الوحيدة المخولة قانوناً بإدارة وتصدير النفط الليبي، ومقرها التاريخي في طرابلس يحظى باعتراف دولي. أي محاولة لنقل المقر أو إنشاء كيان موازٍ ستُدخل البلاد في دوامة جديدة من الانقسام المؤسسي وتزيد من تعقيد المشهد.
سلاح النفط في ليبيا
ليست المرة الأولى التي يُستخدم فيها النفط كأداة ضغط في الصراع الليبي المحتدم منذ سنوات. فالحكومة الشرقية، المدعومة من قبل القائد العسكري خليفة حفتر الذي تسيطر قواته فعلياً على معظم حقول وموانئ النفط الرئيسية في البلاد (رغم عدم تمتع الحكومة بالاعتراف الدولي)، سبق وأن استخدمت هذه الورقة مراراً للضغط على الحكومات المتعاقبة في طرابلس.
تُعد السيطرة على الموارد النفطية، التي تمثل المصدر شبه الوحيد للدخل القومي، عاملاً حاسماً في تحديد موازين القوى السياسية والعسكرية.
ومع استمرار الانقسام بين الشرق والغرب، وتنافس المؤسسات، يظل النفط هو الساحة الأكثر سخونة للصراع، حيث يسعى كل طرف لتوظيفه لتعزيز موقفه وإضعاف خصمه.
تزامن هذا التهديد الأخير مع مطالبات متزايدة من جهات تشريعية في الشرق، مدعومة باحتجاجات شعبية، بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية، التي يوجه لها خصومها اتهامات بالفشل في إدارة المرحلة الانتقالية وتحقيق المصالحة وتوحيد المؤسسات.
نفي رسمي من حكومة الدبيبة
في المقابل، سارعت المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس إلى نفي الادعاءات بوقوع أي اعتداءات أو اقتحامات لمقرها. وأصدرت بياناً أكدت فيه أن ما جرى “لا يتعدى كونه خلافاً شخصياً محدوداً وقع في منطقة الاستقبال”، وأنه تم التعامل معه فوراً دون أي تأثير على سير العمل.
وشددت المؤسسة على “استمرارها في أداء مهامها بشكل طبيعي”، مؤكدة أن الحديث عن اقتحام “عار تماماً عن الصحة”.
ولدعم موقفها، نشر المكتب الإعلامي لحكومة الوحدة الوطنية لقطات فيديو من داخل مقر المؤسسة، تظهر استقرار الأوضاع وعدم وجود أي مؤشرات على اضطرابات أمنية، في محاولة واضحة لتبديد المخاوف وطمأنة الأسواق الدولية والمواطنين بأن الأمور تحت السيطرة وأن تدفق النفط مستمر.
هل ينجح الضغط النفطي في إسقاط الدبيبة؟
ويبقى السؤال..هل ستنجح ورقة الضغط النفطي هذه المرة في تحقيق هدفها السياسي المتمثل بإسقاط حكومة الدبيبة؟ وفق مراقبون يعتمد ذلك على عوامل عدة، منها مدى جدية التهديد بإعلان القوة القاهرة، وقدرة حكومة الشرق على تنفيذ الإغلاق فعلياً، وردود الفعل الدولية، وقدرة حكومة الوحدة الوطنية على الصمود واحتواء الأزمة.
ويري خبراء إن تكرار سيناريو إغلاق النفط لن يؤدي إلا إلى تعميق معاناة الليبيين وزيادة حدة الانقسام، كما أنه يهدد الاستقرار الهش الذي ساد نسبياً خلال السنوات القليلة الماضية.
وبينما تتجه الأنظار نحو التطورات في قطاع النفط، يظل الحل السياسي الشامل هو المخرج الوحيد لإنهاء حالة عدم اليقين وضمان استغلال ثروات البلاد لصالح جميع مواطنيها.
اقرأ أيضا
600 يوم من الحرب.. متى تنجح مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة؟