حملات شعبية وفنية لإنقاذ متحف “نبيل درويش للخزف” من الهدم والإزالة
اتسعت دائرة المطالبة الفنية والشعبية للحكومة بمنع أي محاولة لهدم متحف “نبيل درويش للخزف”، في منطقة الحرانية بمحيط سقارة بالجيزة، ضمن توسعة ولاستكمال نزلة محور المريوطية بالطريق الدائري.
حملات شعبية وفنية لإنقاذ متحف “نبيل درويش للخزف” من الهدم والإزالة
ونظمت فئات عديدة حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملات مختلفة تطالب جهات الاختصاص، بإيجاد حلول لحماية المتحف من الهدم، والذي يضم مئات القطع الفنية، للفنان نبيل درويش، والعديد من الفنانين الأخرين.
مطالب وتضامن من نقابة التشكيليين
وسبق أن طالبت أسرة الفنان نبيل درويش الحكومة والجهات المسؤولة بحماية المتحف من الهدم، والبحث عن حلول تحافظ على مقتنيات المتحف، وقد أكدت نقابة الفنانين التشكيليين تضامنها الكامل مع مطلب أسرة ومحبي الفنان الراحل نبيل درويش (تجنب هدم المتحف).
ويضم المتحف 3500 قطعة خزفية فريدة إلى جانب مرسمه الذي عمل به طوال حياته.
كما يضم المتحف أيضاً حديقة وبجانبه منزل الفنان، والذي أصبح مزاراً فنياً وسياحياً لكل المهتمين بفنون الخزف من مختلف دول العالم.
حملات على السوشيال ميديا
وفي تعقيبه على صفحات “السوشيال ميديا” تضامن الفنان التشكيلي سيد حليم، مع دعوة نقابة التشكيليين، قائلاً: “رسالة للنقيب لعلم سيادتك ان المتحف سبق أن هناك تهديدات من قبل بالإزالة حتي يمكنهم من عمل نزله الكوبرى ولكن تدخل في الموضوع المرحوم عثمان احمد عثمان وتم زحزحه النزلة لتفادي المتحف، ونرجو من القائمين علي عمل الكوبري تفادي المتحف لانه قيمه فنيه وتاريخه لفنان يصعب تكرارها والله الموفق لما فيه رفعه بلدنا الحبيب”.
ومن جانب قال الفنان التشكيلي محمود السيد: “البديل حل هندسي ترحيل منزل الكوبري عدة أمتار لتفادي المتحف من الهدم أو عمل متحف بديل على نفقة الدولة بنفس المواصفات في مكان أخر يليق بتاريخ الفنان”.
إلى ذلك قالت ضحى الدسوقي: “ياريت النقابة تتقدم بإجراء عملي لحماية هذا المتحف، وكل التقدير لمجهود النقيب ومجلس إدارة النقابة للحفاظ على جزء هام من تراثنا الفني”.
منطقة متاحف
ويقع متحف نبيل درويش على مساحة نحو 1000 متر، بمنطقة طريق سقارة، وتضم المبنى وحديقة كبيرة تحيط به، وكان درويش قد اختار أن يبنيه بشكل سداسي لتكون طريقة العرض بالشكل الذي يتخيله، وإلى جانب المتحف يقع منزل الفنان الراحل الذي تعيش فيه أسرته حتى الآن.
وتضم المنطقة المحيطة بالمنزل والمتحف متاحف عدة لفنانين آخرين من بينها متحف آدم حنين ومتحف زكريا الخناني للزجاج ومركز رمسيس ويصا واصف للسجاد اليدوي وكلها فنون نابعة من المكان ومتوافقة معه، فمنطقة الحرانية لها باع طويل في ما يتعلق بالفنون والحرف التراثية ويعرف المكان بشارع الفنون.
وكان الجهاز القومي للتنسيق الحضاري قد وضع سابقاً لافتة على الموقع ضمن مشروع “عاش هنا” الذي يسجل أماكن إقامة كثير من رموز مصر الفنية والثقافية في مجالات مختلفة إيماناً بدورها وقيمتها الكبيرة في المجتمع.
من متحف بديل إلى قاعة
ووفقاً لما قالته سارة ابنة الفنان نبيل درويش، فقد صدر قرار بهدم المتحف للمنفعة العامة، وكان من المفترض أن يكون هناك متحف بديل يليق بأعماله، لكن انتهى الأمر إلى توفير قاعة في مكان تابع لوزارة الثقافة، وهو ما رفضته العائلة.
وقالت إلى أنه لم يتم التواصل مع الأسرة بخصوص التعويضات المادية عن الأرض والمبنى المراد هدمه، وفقًا لوعود المسؤولين التي تلقوها، ووفقًا لقانون نزع الملكية للمنفعة العامة الذي تم تطبيقه على متحف نبيل درويش والأرض، والتي هي ملك للأسرة بعقود ملكية مثبتة.
اقرأ أيضاً.. مصر تبحث مع شركة سعودية سبل التعاون لتعزيز سياحة السفن البحرية
وأكدت سارة درويش في تصريحات صحفية، أن الأسرة حاولت مرارًا وتكرارًا معرفة قيمة التعويض الخاص بالمنطقة المراد إزالتها بالكامل، ولكن لم يرد عليهم أحد، وأخذوا وعودًا بتواصل وزارة الإسكان معهم لتحديد تعويض مناسب، ولكن لم يتواصل معهم أحد.
وأضافت: ندرس بدائل عديدة أهمها، أنه وفي حالة عدم تمكن وزارة الثقافة من توفير متحف بديل عن متحف نبيل درويش الموجود حاليًا، ستقوم الأسرة بنقل المقتنيات للمنزل، ونطلب وجود مسافة آمنة بين منزل الفنان الراحل الواقع بجوار المتحف وبين الدائري المراد بناؤه.
تصريحات رسمية
ونقلت صحف منها “المصري اليوم” تصريحات عن المعماري حمدي السطوحي، رئيس صندوق التنمية الثقافية، قال فيها “إن وزارة الثقافة بادرت للحفاظ على مقتنيات الفنان الراحل، رغم أن المتحف لا يتبعها، ولكن الحفاظ على مقتنيات وأعمال فنان مهم مثل الفنان نبيل درويش هو مسؤولية وزارة الثقافة، لما يمثله من قيمة، ولكن لا يوجد وقت أو خطة لبناء متحف جديد، وبالتالي وفرت وزارة الثقافة حلولًا بديلة لهذا الأمر، وتتمثل هذه الحلول في توفير أماكن بديلة لعرض أعمال الفنان الراحل في أماكن تابعة لوزارة الثقافة، حتى إن جامعة حلوان طرحت أماكن تستوعب النتاج الفني للفنان الراحل.
تاريخ فني
والفنان التشكيلي نبيل درويش من مواليد قرية السنطة، القريبة من مدينة طنطا في محافظة الغربية، في 5 سبتمبر 1936، وتخرج في كلية الفنون التطبيقية، قسم الخزف عام 1962، ليبدأ رحلته مع هذا الفن الذي يعد من رواده، فتعلم في ورشة أستاذه سعيد الصدر التي أنشأها في الفسطاط كواحدة من مؤسسات وزارة الثقافة تحت اسم “مركز الخزف”.
ثم لمع اسم نبيل درويش بعد أن قدم رسالة الماجيستير في فن الخزف عام 1971 مكتشفاً الأسرار التكنولوجية لفن “شباك القلة”، الذي برع فيه خزافو العصر الإسلامي.
وسافر بعدها درويش للكويت واكتشف الأماكن التي تحتوي على طينة ذات طبيعة رملية صالحة للإبداع الخزفي المحلي، كما اكتشف في قطر والبحرين طينات صالحة للخزف والفخار، ومن بعدها اتجه للعراق وإيران وتركيا وسوريا ولبنان سعيًا وراء منابع الخزف الإسلامي والعربي.
ونال رسالة الدكتوراه من جامعة حلوان عام 1981، ليكون صاحب أول رسالة دكتوراه في فن الخزف وتناولت تفاصيل صنع المصريين القدماء لفوهات سوداء للأواني الخزفية وكان هذا وقتها موضوعاً جديداً أضاف قيمة علمية كبيرة إلى هذا المجال.
وقرر درويش في ثمانينيات القرن الماضي إنشاء متحف للخزف بجهوده الذاتية، ليكون الأول من نوعه في المنطقة ويضم نحو 3500 قطعة فنية من أعمال الخزف وليصبح المتحف شاهدا على رحلة طويلة من الفن والمنجز المهني الكبير، إلا أن المتحف معرض للهدم والإزالة حالياً بسبب توسعات الطرق، وخصوصا الطريق الدائري، وهو ما أثار جدلاً شعبياً وفنياً مع الجهات الرسمية، وليصبح حديث اليوم بعد ما يزيد عن أربعة عقود من إنشاءه.