خبراء لـ خاص عن مصر: هذا ما ينتظر ليبيا بعد المبادرة الأممية الجديدة
أثارت المبادرة الأممية الجديدة التي أطلقتها القائمة بأعمال مبعوث الأمم المتحدة حول ليبيا ستيفاني خوري أمام مجلس الأمن، حالة من الجدل في الأوساط السياسية الليبية.
وخصوصا مبادرتها لتشكيل لجنة فنية من خبراء ليبيين لوضع خيارات تفضي إلى معالجة القضايا الخلافية في القوانين الانتخابية.
ففي الوقت الذى امتنعت فيه المؤسسات الرسمية الليبية عن التعليق، هاجم أعضاء بمجلس النواب المبادرة الأممية فيما رحب بها خالد المشري المتنازع على رئاسة المجلس الأعلى للدولة بجانب بعض الأحزاب السياسية.
بين تهويل ترامب وتهوين بايدن.. القصة الكاملة لأزمة المسيرات المجهولة في أجواء أمريكا
كما تباينت آراء المراقبون حول المبادرة حيث اعتبرها البعض خطوة مرتبكة تستهلك المزيد من الوقت في حين رآها آخرون دفعة قوية لكسر حالة الجمود السياسي.
خطوة مرتبكة
قال الكاتب والباحث السياسي الليبي، أحمد عرابي، إن العملية السياسية التي أعلنتها القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني خوري، تمثل محاولة جديدة لتحقيق الاستقرار ومنع النزاع، لكن التفاؤل بشأن نجاحها يبقى مشوبًا بالحذر في ظل الأوضاع الراهنة.
وأوضح عرابي في تصريحات خاصة لـ “خاص عن مصر” أن خوري كشفت عن ملامح استراتيجيتها، والتي تتضمن الحفاظ على الاستقرار، وتوحيد مؤسسات الدولة، والدفع نحو الانتخابات، بالإضافة إلى معالجة الملفات العالقة منذ سنوات.
معارضة برلمانية
وأشار عرابي إلى أن مجلس النواب الليبي كان له موقف معارض تجاه إحاطة خوري، حيث رفض ما وصفه بـ”النهج المكرر للبعثة الأممية”، وأصدر عدد من أعضائه بيانًا شديد اللهجة، اعتبروا فيه أن الإحاطة لم تتجاوز العموميات ولم تُلب الحد الأدنى من تطلعات الشعب الليبي.
وأضاف أن النواب اتهموا البعثة بتجاهل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه الأوضاع المتدهورة، مطالبين بضرورة احترام سيادة ليبيا والكف عن التدخلات الدولية السلبية.
كما شددوا على ضرورة وضع جدول زمني محدد لإجراء انتخابات حرة ونزيهة دون شروط مسبقة، معتبرين أن الحل يكمن في إنهاء الانقسام وتوحيد مؤسسات الدولة.
وأكد عرابي أن المبادرة الجديدة تعتمد على المجالس الحالية، مثل البرلمان ومجلس الدولة، وهي مؤسسات يرى أنها لم تحقق أي تقدم فعلي على مدار السنوات الماضية.
وقال: إن استمرار الاعتماد على هذه المجالس لن يؤدي إلا إلى مزيد من إضاعة الوقت، بينما تظل العقبات السياسية قائمة.
ضغوط دولية
وأضاف أن تشكيل لجنة تقنية لتنفيذ الخطة يُعد إجراءً شكليًا، نظرًا لعدم امتلاكها أدوات فعلية للتنفيذ على أرض الواقع.
وذكر عرابي أن خوري تواجه ضغوطًا دولية كبيرة لإظهار تحركات ملموسة، خاصة أن الفترة المتبقية للبعثة الأممية تنتهي في يناير المقبل.
وأضاف: “المبادرة جاءت كمحاولة لإرضاء الأطراف المختلفة دون إزعاج أي منها، لكنها تفتقر لخطوات جدية نحو الحل”.
وتابع: “الأطراف الليبية ستظل على مواقفها الحالية، ما قد يُبقي الوضع على ما هو عليه حتى نهاية العام المقبل”.
الانتخابات هي الحل في ليبيا
وأكد عرابي أن الحل الوحيد يكمن في الذهاب مباشرة نحو الانتخابات وتشكيل حكومة واحدة تقود البلاد نحو الاستقرار، معتبرا أن أي مسار بديل يكرس الأمر الواقع ويهدر وقت الشعب الليبي.
كما شدد على أهمية إعلاء صوت الليبيين في تقرير مستقبلهم، من خلال حوار وطني شامل يضم جميع الأطياف، بما فيها الأحزاب السياسية، النساء، الشباب، المكونات الثقافية، والقيادات المجتمعية.
وقال عرابي إن مثل هذا الحوار من شأنه أن يخلق مناخا سياسيا سليما ويدفع نحو توافق وطني حقيقي، ما يُمهّد لتحقيق خطوات مستقبلية إيجابية تُعيد الأمل للشعب الليبي في تجاوز أزمته الراهنة.
دفعة قوية لكسر حالة الجمود
من جانبه، اعتبر الباحث المصري في الشؤون الليبية، علاء فاروق، أن المبادرة الأممية الأخيرة تمثل دفعة قوية لكسر حالة الجمود السياسي التي تعاني منها الساحة الليبية.
وأوضح أن هذه الخطوة تأتي في إطار الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة عبر بعثتها الأممية، وبدعم من القوى الدولية، لتفادي تعقيد المشهد الليبي، خاصة بعد التطورات الإقليمية الأخيرة، وعلى رأسها الأحداث في سوريا.
وأشار فاروق إلى أن المبادرة قيد الإعداد منذ نحو شهرين إلى ثلاثة أشهر، حيث عقدت المبعوثة الأممية، ستيفاني خوري، سلسلة من اللقاءات مع مسؤولين من مختلف الأطراف الليبية في الغرب والشرق والجنوب.
خريطة طريق جديدة في ليبيا
وأضاف أن المبادرة طُرحت لاحقًا على قوى إقليمية ودولية، من بينها تركيا ومصر إقليميًا، والولايات المتحدة الأمريكية وبعض القوى الكبرى في مجلس الأمن. وبعد الحصول على الضوء الأخضر، بدأت خوري في تسريب بعض بنود هذه الخطة التي يمكن وصفها بخريطة طريق جديدة.
وتابع فاروق: “إن هذه الخطة حظيت بترحيب واسع من أكثر من ست دول غربية، والتي أكدت دعمها للمبادرة بهدف دفع الأزمة الليبية نحو حل سياسي شامل ومسار جديد يفضي إلى تسوية سياسية تُمهّد لإجراء الانتخابات، ربما بحلول نهاية العام المقبل”.
تغيير حكومة الوحدة الوطنية
وصرّح فاروق بأن الجديد في هذه المبادرة هو تلميحها لأول مرة إلى إمكانية تغيير حكومة الوحدة الوطنية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة قد تكون تمهيدًا لرفع الدعم الدولي عن الحكومتين الحاليتين، بهدف تشكيل حكومة جديدة تتولى الإشراف على العملية الانتخابية .
وأكد الباحث أن نجاح هذه المبادرة مرهون بتوافر الإرادة السياسية محليًا ودوليًا، مشددًا على أن تحقيق ذلك قد يؤدي إلى تغييرات ملموسة في المشهد السياسي الليبي، وحلحلة الملفات المعقدة التي تعرقل العملية الانتخابية.
وختم فاروق حديثه بالقول: “من المرجح أن نشهد إجراء الانتخابات البرلمانية العام المقبل، تليها الانتخابات الرئاسية بفارق زمني قد يصل إلى ثلاثة إلى ستة أشهر، ما يُعزز فرص تحقيق الاستقرار السياسي في ليبيا.