خبير اقتصادي يعرض حلولاً للديون والأزمة الاقتصادية في مصر
عرض جيفري ساكس، خبير اقتصادي أمريكي بارز ورئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، رؤيته حول كيفية تمكن مصر من معالجة تحدياتها الاقتصادية، وعرض نهجاً عملياً لإدارة أزمة الديون المتصاعدة في مصر
شارك الخبير الاقتصادي جيفري ساكس، وهو خبير اقتصادي أمريكي بارز ورئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، رؤيته حول كيفية تمكن مصر من معالجة تحدياتها الاقتصادية، وعرض نهجاً عملياً لإدارة أزمة الديون المتصاعدة في البلاد، وفقا لما نشرته العربية.
في حديثه في “منتدى المصري اليوم الاقتصادي” في القاهرة، أكد ساكس على التحديات والفرص التي تواجهها مصر، مشيراً إلى أن العقبات الاقتصادية التي تواجهها البلاد ليست فريدة من نوعها، حيث تكافح جميع الدول صعوبات مماثلة في المشهد العالمي اليوم.
دور التكنولوجيا والتعليم في التنمية الاقتصادية
سلط ساكس الضوء على الإمكانات التحويلية للتكنولوجيا، وخاصة بالنسبة للاقتصادات مثل مصر. ومع ذلك، أكد على أن التكنولوجيا وحدها لا تكفي – يجب أن تدعمها أسس تعليمية قوية. وقال: “التعليم الحقيقي ضروري”، مشيراً إلى التعليم الثانوي باعتباره حجر الزاوية لبناء المجتمعات الحديثة. وبحسب ساكس، فإن التعليم الأساسي لم يعد كافياً، ويتعين على الدول أن تزود الأجيال القادمة بالمهارات اللازمة للتعلم والمشاركة بنشاط في تنمية بلادهم.
وبحسب خاص عن مصر، أشار ساكس إلى أن “التعليم الثانوي أصبح الآن الأساس الضروري لبناء المجتمعات”، مشيراً إلى أن التركيز على مستويات أعلى من التعليم أمر بالغ الأهمية لتعزيز الإبداع والنمو.
أزمة الديون: ليست سبباً للقلق
على الرغم من الحجم الهائل لديون مصر، ظل ساكس متفائلاً بشأن قدرة البلاد على إدارتها وخفضها في نهاية المطاف. وعرض حلاً يتضمن تمديد الجدول الزمني للسداد، مما يسمح لمصر بالوقت الذي تحتاجه لتحقيق الاستقرار في اقتصادها. وقال: “لست قلقاً بشأن ديون مصر. وحتى مع ارتفاع مستويات الديون، يمكن إدارتها بمرور الوقت”، مشيراً إلى أن إعادة هيكلة الديون يمكن أن تخفف الضغوط المالية الفورية.
أقرا أيضا.. مصر والسعودية توقعان اتفاقية الربط البحري
وحث ساكس مصر على استكشاف فرص الاستثمار المستدامة للتخفيف من أعبائها المالية. وأكد أن تغير المناخ يشكل تهديدات كبيرة لمصر – مثل الخسارة المحتملة لـ 25٪ من حصتها من مياه النيل وفيضانات أجزاء من دلتا النيل بسبب ارتفاع مستويات سطح البحر – لكن المؤسسات الدولية لن تكون الحل.
حذر ساكس من أن “هذه القضايا تتطلب استثمارات واستراتيجيات كبيرة، والتي لا يمكن أن تنجح بدون تمويل مناسب”، مؤكداً على الحاجة إلى مبادرات محلية لمعالجة التحديات المتعلقة بالمناخ.
شروط صندوق النقد الدولي: عامل مقيد
كانت إحدى الرسائل الرئيسية من ساكس هي قلقه بشأن دور صندوق النقد الدولي في إملاء السياسة الاقتصادية. وزعم أن الشروط الصارمة لصندوق النقد الدولي غالباً ما تسبب ضرراً أكثر من نفعها، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالاستثمارات الأساسية في التعليم وغيره من محركات النمو. وقال: “صندوق النقد الدولي يفرض ببساطة شروطاً للقضاء على الاستثمارات الأساسية التي تدفع النمو”، متسائلاً عن التأثير الطويل الأجل لسياسات صندوق النقد الدولي على دول مثل مصر.
وأوضح ساكس أنه يؤمن بخطة طويلة الأجل ومنظمة لديون مصر، وهي خطة لا تعتمد على حلول قصيرة الأجل تمليها قوى خارجية. “لا أريد أن يخبرك صندوق النقد الدولي بما يجب عليك فعله”، أضاف، وحث صناع السياسات المصريين على تطوير خطتهم الاستراتيجية الخاصة التي تمتد لعقود من الزمن.
تنويع الشركاء الاقتصاديين
بالنظر إلى ما هو أبعد من الشراكات الاقتصادية التقليدية، نصح ساكس مصر بتوسيع آفاق الاستثمار. واقترح أن تستكشف مصر الفرص في الأسواق المفتوحة الكبيرة مثل الصين والهند وأفريقيا، بدلاً من تقييد نفسها بروابطها التاريخية مع الولايات المتحدة وأوروبا. وأوصى ساكس قائلاً: “لا ينبغي لمصر أن تتشبث بأميركا وأوروبا فقط؛ بل إنها بحاجة إلى التنويع”، مشيرًا إلى أن الأسواق الناشئة يمكن أن توفر فرصًا مربحة للنمو.
التعليم وتنمية القوى العاملة: مفتاح التعافي الاقتصادي
كان ساكس متفائلًا بشكل خاص بشأن إمكانات مصر لتطوير قطاع التعليم. وأشار إلى أن نسبة كبيرة من المصريين المتعلمين تعليماً عالياً يعملون في الخارج، ويرسلون الأموال إلى الوطن لدعم أسرهم. وقال ساكس: “أكثر من 10٪ من المصريين المتعلمين تعليماً جيداً يعملون في الخارج ويساهمون مالياً”، مقترحًا أن هذا الشتات يمكن أن يكون موردًا قيماً في تمويل الإصلاحات التعليمية.
كما اقترح أن مصر قادرة على تحويل مؤسساتها التعليمية إلى مراكز تكنولوجية تجتذب المواهب والاستثمارات من الشرق الأوسط وأفريقيا وحتى منطقة البحر الأبيض المتوسط. وأضاف: “يمكن لمصر تحويل مؤسساتها التعليمية إلى مراكز للابتكار التكنولوجي”، مما يضع البلاد في موقع الريادة المحتملة في التعليم والتكنولوجيا على المستوى الإقليمي.
وتطرق ساكس إلى قضية البطالة، وخاصة بين المصريين المتعلمين تعليماً عالياً، من خلال اقتراح حل يمكن أن يخدم أغراضاً متعددة. وأشار إلى أن “تعيين الخريجين العاطلين عن العمل كمدرسين في المدارس سيكون حلاً مزدوجاً”، مؤكداً أن هذا من شأنه ليس فقط الحد من البطالة بل وأيضاً تحسين جودة التعليم.