خدع عسكرية.. كيف نفذت أمريكا عملية تمويه معقدة قبل الهجوم على إيران؟

في عملية عسكرية جريئة وهامة تاريخيا، نفذت أمريكا سلسلة من الضربات الجوية على إيران بهدف شل المنشآت النووية الإيرانية.

وشكلت هذه الضربات، التي نُفذت صباح اليوم الأحد، لحظة حاسمة ومثيرة للجدل في التوتر المستمر بين الولايات المتحدة وإيران.

ومع ذلك، لم يكن حجم الضربات هو ما لفت الانتباه فحسب، بل أيضا تقنيات الخداع المتطورة المستخدمة لضمان نجاحها أثارت جدلا واسعا على الساحة الدولية.

الهجوم على إيران.. العملية التكتيكية: قاذفات بي-2 والخداع العسكري

ووفقا لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية، من أبرز عناصر هذه العملية، كانت الخدع العسكرية التي اعتمدتها القوات الأمريكية. في إحاطة نادرة وغير مسبوقة في البنتاجون.

وكشف مسؤولون عسكريون أمريكيون أن القاذفات الأمريكية من طراز “بي-2” لم تكن مجرد قاذفات تقليدية، بل جزءا من عملية تمويه معقدة.

وقال وزير الدفاع بيت هيجسيث ورئيس هيئة الأركان المشتركة دان كين أن الولايات المتحدة استخدمت قاذفات بي-2 وهمية لصرف الانتباه عن الهدف الحقيقي مما يضمن عدم كشف القاذفات الفعلية التي نفذت الضربة.

ووفقا لكين، انطلقت حزمة هجومية كبيرة من طراز بي-2 من الولايات المتحدة القارية كجزء من خطة للحفاظ على المفاجأة التكتيكية. وبينما انطلقت القاذفات وبدا أنها متجهة غربا، نُشر العديد منها في منطقة المحيط الهادئ كطُعم، مما أبقى دفاعات إيران مشغولة، في حين انطلقت القاذفات الحقيقية نحو الهدف المحدد. .

وتباهى هيجسيث قائلا: “دخلت قاذفاتنا بي-2 وخرجت وعادت دون أن يعلم العالم على الإطلاق”، في إشارة إلى جانب التخفي غير المسبوق في المهمة. وهو ما اعتبره وزير الدفاع الأمريكي “نجاحا تكتيكيا”.

تفاصيل الهجوم على إيران.. نطاق ودقة “عملية مطرقة منتصف الليل”

وشملت المهمة، التي سُميت “عملية مطرقة منتصف الليل”، أكثر من 125 طائرة أمريكية، منها 7 قاذفات بي-2، و14 قنبلة خارقة للتحصينات، استهدفت المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية مثل فوردو ونطنز وأصفهان.

وبالرغم من أن العملية ألحقَت أضرارا بالغة في القدرات النووية الإيرانية، فإن من غير الواضح ما إذا كانت قد دمرت المنشآت بشكل كامل. وفي هذا السياق، أقرّ كين بأنه على الرغم من أن الهجوم “ألحق أضرارًا بالغة” بالقدرات النووية الإيرانية، إلا أنه لم يتضح ما إذا كانت المنشآت قد دُمرت بالكامل.

وقد دفع غياب المعلومات الاستخباراتية المفصلة والتقييم الفوري الخبراء إلى التساؤل عما إذا كانت طموحات إيران النووية قد قُضي عليها بالفعل.

إيران تتعهّد بالانتقام

لم يمر الهجوم الأمريكي دون رد من إيران. فقد أعرب المسؤولون الإيرانيون عن غضبهم، مؤكدين أن هذه الضربات تشكل انتهاكا لسيادتهم.

ووصف وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، العملية الأمريكية بأنها “سلوك خطير وغير قانوني”، مُحذرا من أن مثل هذه الأعمال لن تمر دون عقاب.

فيما أصدر المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، تحذيرا صارما متوعدا بـ “عقاب شديد” في حال استمرار هذه السياسات.

وفي خطوة غير مفاجئة، ردت إيران بهجوم صاروخي استهدف إسرائيل، وهو ما يفتح الباب أمام تصعيد محتمل في المنطقة.

ترامب ونتنياهو.. إشادة بالعملية

على الصعيد الأمريكي، وصف الرئيس دونالد ترامب العملية بأنها “نجاح عسكري باهر”، مشيدًا بتحقيق هدفه في تعطيل البرنامج النووي الإيراني.

وقد أيد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، هذا الهجوم، معتبرا إياه ضربة قاصمة للنظام الإيراني، الذي يراه أحد أكبر التهديدات للأمن الإقليمي والدولي.

وكان لافتا أن وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيجسيث، أشار إلى أن العديد من الرؤساء الأمريكيين السابقين “حلموا بتوجيه هذه الضربة”، لكنهم فشلوا في تحقيق هذا الهدف.

تُبرز هذه الملاحظة التحدي طويل الأمد الذي تواجهه الولايات المتحدة في كبح طموحات إيران النووية.

التقييم العسكري.. النتيجة النهائية غير واضحة

وعلى الرغم من النجاح الظاهري للعملية، لا يزال الخبراء العسكريون يختلفون حول التأثير الفعلي على البرنامج النووي الإيراني.
وتُعد المنشآت النووية الإيرانية محصنة تحت الأرض، مما يجعل من الصعب التأكد من تدميرها بالكامل. وبحسب المحللين العسكريين، فإن العملية قد تكون قد ألحقت أضرارا كبيرة بالبنية التحتية، لكنها قد لا تكون قد قضت تماما على الطموحات النووية الإيرانية.

تداعيات سياسية وجيوسياسية: الطريق إلى التصعيد

وتتجاوز تداعيات هذه العملية الجوانب العسكرية. فالشرق الأوسط على حافة تغيير استراتيجي قد يمتد لسنوات قادمة.

من جهة قد تعزز هذه العملية موقف الولايات المتحدة في المنطقة، لا سيما مع إسرائيل. ومن جهة أخرى، فإن إيران، التي تهدد بالانتقام، قد تؤدي إلى تصعيد التوترات بين البلدين، وربما بين القوى العظمى الأخرى في المنطقة.

وفي هذا السياق، يعتقد الخبراء أن الرد الإيراني قد يتجاوز الهجمات الصاروخية، مما يفتح المجال أمام صراع إقليمي أوسع.

اقرأ أيضا..قفزة تاريخية للأسعار.. هل يقود إغلاق مضيق هرمز العالم إلى أزمة نفطية غير مسبوقة؟

ما بعد الضربة.. البحث عن الحلول الدبلوماسية

وفي الوقت الذي تتزايد فيه الدعوات لخفض التصعيد، يُظهر التاريخ أن الحلول العسكرية لا تجلب السلام دائما في الشرق الأوسط.

وسيكون على الولايات المتحدة وحلفائها اتخاذ خطوات دبلوماسية حاسمة لتجنب مزيد من التصعيد وضمان ألا تغلق أبواب المفاوضات بشكل كامل. وعليه، فإن الأشهر المقبلة ستشهد ربما جولات جديدة من التوترات، والتي قد تُحدد مسار العلاقات الدولية في المنطقة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى