خروج بنما من مبادرة الحزام والطريق الصينية.. ضغوط أمريكية تثير خلافات جيوسياسية

القاهرة (خاص عن مصر)- أثار قرار بنما الأخير بالانسحاب من مبادرة الحزام والطريق الصينية توترات جيوسياسية، حيث أعربت الصين عن أسفها العميق ورحبت الولايات المتحدة بهذه الخطوة باعتبارها انتصارًا استراتيجيًا.

وفقا لتقرير موقع ذا كونفارزيشن، أكد الرئيس خوسيه راؤول مولينو خروج البلاد من المبادرة، مما يشير إلى تحول في تحالفاتها الدبلوماسية والاقتصادية، ويؤكد الانسحاب على التنافس المتزايد بين واشنطن وبكين على الأصول الاستراتيجية والنفوذ في أمريكا اللاتينية.

إعلان

رد الصين: الأسف والتحذيرات

أعربت بكين عن استيائها الشديد من خروج بنما، وحث المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان بنما على إعطاء الأولوية للعلاقات الثنائية طويلة الأجل ومقاومة التدخل الخارجي.

ردًا على القرار، استدعى مساعد وزير الخارجية تشاو تشي يوان سفير بنما، ميغيل هومبرتو ليكارو بارسيناس، لتقديم احتجاجات رسمية، وأكد تشاو أن الصين تعارض بشدة الإكراه الأمريكي الهادف إلى تقويض التعاون في مبادرة الحزام والطريق وأكد أن المبادرة قدمت فوائد ملموسة للدول المشاركة، بما في ذلك بنما.

كما حذرت الصين من أن عكس المسار بشأن مشاريع مبادرة الحزام والطريق من شأنه أن يتعارض مع توقعات المواطنين الصينيين والبنميين، وأكدت بكين التزامها بالاحترام المتبادل وعدم التدخل لكنها ألمحت إلى العواقب الاقتصادية والدبلوماسية المحتملة لقرار بنما.

اقرأ أيضا.. خطة ترامب بشأن غزة.. جرائم حرب مقابل عقارات على شاطئ البحر

الضغوط الأمريكية والمصالح الاستراتيجية

لطالما أعربت الولايات المتحدة عن مخاوفها بشأن النفوذ المتزايد للصين في أمريكا اللاتينية، وخاصة فيما يتعلق باستثماراتها في البنية التحتية الاستراتيجية.

اقترح الرئيس السابق دونالد ترامب مرارًا وتكرارًا أن واشنطن يجب أن “تستعيد” السيطرة على قناة بنما، وهي ممر بحري حيوي للتجارة الأمريكية والعمليات العسكرية، يمر أكثر من 40٪ من حركة الحاويات الأمريكية و 5٪ من التجارة البحرية العالمية عبر القناة التي يبلغ طولها 80 كيلومترًا.

زار وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بنما مؤخرًا، وضغط على الحكومة لتنأى بنفسها عن الصين، ويُنظَر إلى الانسحاب من مبادرة الحزام والطريق باعتباره نتيجة مباشرة لهذا التدخل الدبلوماسي.

علاوة على ذلك، دعا محامون بنميون إلى إلغاء الامتياز الممنوح لشركة سي كيه هاتشيسون بورت هولدينجز، وهي شركة مقرها هونج كونج تدير ميناءين رئيسيين في كل من طرفي القناة، مشيرين إلى انتهاكات دستورية وحوافز ضريبية مفرطة.

حقيقة الوجود الصيني في بنما

على الرغم من مخاوف الولايات المتحدة، يزعم المحللون أن نفوذ الصين على قناة بنما مبالغ فيه، تُدار القناة من قبل هيئة قناة بنما، وبينما تدير سي كيه هاتشيسون موانئ رئيسية، فإن مشاريع الشركة لا تندرج مباشرة تحت إطار مبادرة الحزام والطريق، الشركة، المملوكة لقطب الأعمال في هونج كونج لي كا شينج، هي رائدة عالمية في إدارة الموانئ، مع استثمارات في 24 دولة.

ومع ذلك، تظل واشنطن حذرة من السيطرة الصينية المحتملة على البنية التحتية اللوجستية، مستشهدة بمخاوف بشأن جمع المعلومات الاستخباراتية والعمليات البحرية والنفوذ الاقتصادي من خلال تعديلات رسوم العبور، ومع ذلك، أكدت بنما أن زيادات الرسوم تم تنفيذها على أساس عوامل اقتصادية مثل الجفاف واحتياجات الصيانة، وليس الضغوط السياسية الخارجية.

تداعيات انسحاب بنما من مبادرة الحزام والطريق

قد لا يؤثر انسحاب بنما من مبادرة الحزام والطريق بشكل كبير على الوجود الاقتصادي الأوسع للصين في البلاد، فقد سبقت الاستثمارات الصينية في بنما مبادرة الحزام والطريق ومن المرجح أن تستمر خارج إطارها، تظل البلاد ذات أهمية استراتيجية لطموحات الصين التجارية، وخاصة كمركز لوجستي وتصدير في المنطقة.

في حين استجابت بكين بخيبة أمل مقيدة، فمن المتوقع أن تستكشف قنوات استثمارية بديلة للحفاظ على موطئ قدمها الاقتصادي في بنما، تشير هذه الخطوة أيضًا إلى اتجاه محتمل حيث قد تعيد دول أمريكا اللاتينية الأخرى النظر في مشاركتها في مبادرة البنية التحتية الصينية تحت ضغط الولايات المتحدة.

فصل جديد في التنافس بين الولايات المتحدة والصين

يعتبر خروج بنما من مبادرة الحزام والطريق بمثابة دراسة حالة في المنافسة الجيوسياسية المتنامية بين واشنطن وبكين.

مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، قد تواجه البلدان المحاصرة في الوسط ضغوطًا متزايدة للتحالف مع أحد الجانبين أو الآخر، وفي حين اختارت بنما إعادة معايرة موقفها، تظل استراتيجيات الاستثمار العالمية الصينية مرنة، وستتكشف العواقب الأوسع لهذا القرار في السنوات القادمة.

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى