خطة ترامب بشأن غزة خط أحمر بالنسبة لمصر والأردن.. هل ترتد بنتائج عكسية؟
![خطة ترامب بشأن غزة](https://aboutmsr.com/wp-content/uploads/2025/02/خطة-ترامب-بشأن-غزة-خط-أحمر-بالنسبة-لمصر-والأردن.-هل-ترتد-بنتائج-عكسية؟1-780x470.jpg)
القاهرة (خاص عن مصر)- تحاول الولايات المتحدة دفع جيران إسرائيل العرب ــ وخاصة مصر والأردن ــ إلى قبول أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين كجزء من خطة ترامب بشأن غزة واتفاق وقف إطلاق النار مع حماس. ومع ذلك، أوضحت الدولتان أنَّ مثل هذا الاقتراح غير قابل للتنفيذ.
وفقًا لصنداي تايمز، حتى قبل أن تشن إسرائيل غزوها البري على غزة ردًّا على هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، كان المسؤولون المصريون يرفضون بالفعل فكرة استيعاب الفلسطينيين النازحين. ولم يتعزز موقفهم الحازم إلا بعد تأييد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاقتراح، الذي يقترح نقل سكان غزة بشكل دائم إلى الدول العربية المجاورة.
المعارضة المصرية الحازمة.. مصدر قلق للأمن القومي
في القاهرة، رسم الرئيس عبد الفتاح السيسي – رغم الحوافز المالية مثل سداد الديون الخارجية على مصر التي يمكن استغلالها – مع المؤسسة الأمنية في مصر خطا أحمر واضحا. فمصر تنظر إلى النزوح الجماعي من غزة باعتباره اعتداء علي حقوق الفلسطينيين وقتل لقضيتهم وتهديدا للأمن القومي.
تسلط الدكتورة سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس، الضوء على المخاطر السياسية التي قد تجلبها مثل هذه الخطوة على القيادة المصرية. وتشرح قائلة: “بالنسبة لمصر والأردن، فإن الرأي العام مهم حقا”.
الأردن ومعضلة الوجود
الأردن، الذي يستضيف بالفعل أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني، يواجه وضعا أكثر خطورة. فقد عملت المملكة منذ فترة طويلة على موازنة دورها كحليف للغرب مع إدارة المعارضة الداخلية العميقة الجذور للسياسات الإسرائيلية. ولن يؤدي قبول موجة أخرى من اللاجئين من غزة إلى إجهاد الاقتصاد الأردني فحسب، بل قد يؤدي أيضا إلى إثارة اضطرابات واسعة النطاق.
وقال فاكيل: “هذه قضية وجودية بالنسبة للأردن. إذا طُرد الفلسطينيون من غزة، فقد نشهد احتجاجات على مستوى المنطقة، بما في ذلك في البلدان التي لا تشهد عادة مظاهرات كبيرة، مثل المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة”.
من غير المرجَّح أن تخضع الملكية الأردنية، التي تعتمد على توازن دقيق بين الاستقرار الداخلي والتحالفات الدولية، للضغوط الأمريكية، وخاصة عندما اقترح ترامب أن المساعدات الأميركية يمكن استخدامها كوسيلة ضغط. وفي حين تتلقى كل من مصر والأردن مساعدات عسكرية كبيرة من واشنطن ــ يبلغ مجموعها أكثر من 2 مليار دولار سنويا ــ يعتقد المحللون أنهما قد يلجأن إلى دول الخليج أو شركاء عالميين آخرين للحصول على الدعم الاقتصادي إذا تم خفض المساعدات الأميركية.
اقرأ أيضًا: زيلينسكي: أوروبا لا تستطيع ضمان أمن أوكرانيا بدون أمريكا
الصين وروسيا: لاعبان عالميان بديلان
مع التحديات التي يواجهها النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، تعمل الصين وروسيا على توسيع علاقاتهما الاقتصادية والاستراتيجية مع القوى الإقليمية. فقد بلغ حجم التجارة بين الصين والشرق الأوسط وشمال أفريقيا 368 مليار دولار في عام 2022 ــ وهو ما يتجاوز بكثير حجم التجارة بين الولايات المتحدة والمنطقة الذي بلغ 144 مليار دولار في نفس الفترة.
لقد شهدت روسيا، التي كانت تاريخيا لاعبا رئيسيا في الشؤون العسكرية والاقتصادية لمصر، تراجع نفوذها بسبب حربها في أوكرانيا والقيود الاقتصادية. ومع ذلك، فإن الصين، بمصالحها الاقتصادية العميقة في مصر وشراكتها الاستراتيجية المتنامية، قد تتدخل كداعم مالي بديل إذا اختارت مصر مقاومة الضغوط الأميركية.
مقامرة سياسية قد تأتي بنتائج عكسية
لا تزال القيادة العسكرية في مصر مدركة تماما للمخاطر المرتبطة بأي نزوح قسري من غزة. ولا تزال ذكريات موجات اللاجئين السابقة ــ مثل تلك التي أعقبت الحروب العربية الإسرائيلية في عامي 1948 و1967 ــ حية في الأذهان.
علاوة على ذلك، تخشى حكومة السيسي، التي شنت حملة صارمة على المعارضة الإسلامية وحاربت تمرد تنظيم داعش في سيناء، أن يؤدي السماح بتدفق أعداد كبيرة من سكان غزة إلى إعادة إشعال فتيل الحركات المتطرفة.
أرسلت مصر بالفعل وزير خارجيتها بدر عبد العاطي إلى واشنطن لتوضيح موقفها. ومع تصاعد التوترات، يظل من غير المؤكد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل الضغط على حلفائها العرب لقبول اللاجئين الفلسطينيين ــ أو ما إذا كان هذا الضغط سيدفعهم في نهاية المطاف نحو تحالفات بديلة.
وهناك أمر واحد مؤكد: أي محاولة لفرض مثل هذه الخطة تخاطر بإحداث ردود فعل عنيفة واسعة النطاق في مختلف أنحاء العالم العربي، مع عواقب لا يمكن التنبؤ بها على الاستقرار الإقليمي والنفوذ الأميركي في الشرق الأوسط.