هولندي يكشف عن خطة لاستغلال سيناء وتغيير ملامحها
كشف المهندس الهولندي “تييس فان دير هوفن” عن خطة طموحة تهدف إلى تحويل مساحة شاسعة من صحراء شبه جزيرة سيناء القاحلة إلى أرض خضراء غامرة بالحياة البرية، بحسب تقرير لشبكة “سي إن إن” الأمريكية.
وقال تييس فان دير هوفن، إن شبه الجزيرة كانت تعج بالحياة منذ آلاف السنين، لكن سنوات من الزراعة والأنشطة البشرية الأخرى ساعدت على تحويلها إلى صحراء قاحلة، لكنه يعتقد أن بإمكانه استعادتها إلى الحياة مرة أخرى.
عودة الحياة البرية في سيناء
ويهدف مشروع المهندس الهولندي إلى استعادة الحياة النباتية والحيوانية على مساحة تقدر بـ13,500 ميل مربع من شبه جزيرة سيناء.
وأوضح هوفن أن ذلك سيساعد على امتصاص ثاني أكسيد الكربون الذي يتسبب في ارتفاع درجة حرارة الكوكب، وزيادة هطول الأمطار، وتوفير الغذاء والوظائف للسكان المحليين، حيث يعتقد أن هذا هو الحل لسلسلة من المشكلات العالمية الضخمة.
وعلى الرغم من أن خلفية المهندس الهولندي تبدو بعيدة عن شخص عازم على إنقاذ العالم والمناخ، باعتباره مهندساً هيدروليكياً في شركة الحفر البلجيكية ” ديمي – DEME”، قد عمل في مشاريع عدة، بما في ذلك بناء جزر صناعية في دبي.
إلا أنه في عام 2016، تغير مسار حياته المهنية عندما انخرط في مشروع لمساعدة الحكومة المصرية في استعادة أعداد الأسماك المتقلصة في بحيرة البردويل، وهي بحيرة مالحة تقع في شمال سيناء، ويفصلها عن البحر الأبيض المتوسط شريط رملي ضيق، حيث كان عمق البحيرة في السابق أكثر من 100 قدم، لكنها الآن أقل من 10 أقدام في بعض الأجزاء، فضلاً عن ارتفاع درجات الحرارة والملوحة بها.
و في غضون أسابيع قليلة، وضع فان دير هوفن خطة لفتح البحيرة من خلال إنشاء مداخل المد والجزر وتجريف “الوديان المدية” لتدفق المزيد من مياه البحر، مما يجعلها أعمق وأبرد وأقل ملوحة وأكثر امتلاءً بالحياة البحرية.
ويذكر التقرير أنه عندما قام المهندس الهولندي بمسح للتضاريس على تطبيق “جوجل إيرث”، رأى الخطوط العريضة لشبكة من الأنهار الجافة او كما تعرف بالوديان، تتقاطع مع سيناء مثل الأوعية الدموية، مما يشير إلى أن هذه الأرض كانت خضراء ذات يوم. فقام بدراسة نماذج الطقس والدراسات البيئية وبدأ يرى الروابط.
استغلال رواسب بحيرة البردويل في سيناء
وكان بإمكانه استخدام الرواسب المستخرجة من بحيرة البردويل للمساعدة في إعادة تشجير المنطقة المحيطة. وقال: “إنها مالحة ولكنها تحتوي على الكثير من العناصر الغذائية والمعادن، والتي تحتاجها لبدء استعادة الأرض”.
كما قال المهندس الهولندي إنه سيبدأ تنفيذ خطته بالأراضي الرطبة المحيطة ببحيرة البردويل، وسيوسعها لجذب الطيور والأسماك، ثم سيذهب إلى أعلى جبال المنطقة، ويضخ الرواسب في البحيرة ويضع طبقات منها لإنشاء تربة حيث يمكن زراعة أنواع مختلفة من النباتات المقاومة للملوحة بها.
خطة سيناء يمكن أن تغير المناخ
وقال فان دير هوفن إن هذا من شأنه أن يساعد في تنشيط التربة، مما يقلل من مستويات الملح ويجعل الأرض قادرة على دعم مجموعة أكبر من النباتات، حيث تتلخص الفكرة الأساسية التي يطرحها في إضافة الغطاء النباتي إلى المناظر الطبيعية، مما يعني المزيد من التبخر، ويشكل المزيد من السحب التي تؤدي لهطول المزيد من الأمطار. وقد يؤدي هذا حتى إلى تغيير إتجاه الرياح، حيث يمكن أن يؤدي إضفاء الخضرة على المنطقة إلى إعادة تدفقات الهواء المحملة بالرطوبة، على حد قوله.
ويؤكد المهندس الهولندي: “إن هذه الخطة يمكن أن تؤدي إلى تغيير أنماط الطقس تمامًا”.
المدة الزمنية لتنفيذ الخطة
ولن يكون تنفيذ هذه الخطة بالأمر السريع، إذ يقدر فان دير هويفين أن الأمر سيستغرق من خمس إلى سبع سنوات لإعادة تنشيط البحيرة بالكامل، ثم من 20 إلى 40 عامًا لإعادة التشجير على نطاق أوسع، مضيفاً: “إنها في الحقيقة الطبيعة التي تخبرنا بالسرعة”.
اقرأ أيضاً.. مصر وإريتريا تبحثان إبرام إتفاقية عسكرية مشتركة لمواجهة نفوذ إثيوبيا
تجربة مماثلة في الصين
وتقول وكالة سي إن إن، إن فكرة المهندس الهولندي “فان دير هوفن” قد تبدو طموحة للغاية، ولكن تم تنفيذها من قبل، حيث سبق ونفذ مشروعًا ضخمًا لإعادة تشجير الصحراء في هضبة اللوس في شمال الصين.
ولقد تعرضت المنطقة، التي تقارب مساحتها مساحة كاليفورنيا تقريبًا، لتدهور شديد بسبب سنوات من الإفراط في الاستخدام والرعي الجائر. ومع وجود نباتات متفرقة ومغطاة بتربة رقيقة صفراء اللون، كانت عرضة للتآكل.
وفي محاولة لتحويل الأرض، أطلقت حكومة الصين والبنك الدولي برنامجًا واسع النطاق لإعادة التشجير في تسعينيات القرن الماضي، حيث تم زراعة الأشجار والشجيرات وتنفيذ حظر الرعي.
وفي العقود التي تلت ذلك، ازدهرت هضبة اللوس، حيث أصبحت أجزاء من الأرض الآن مغطاة بالخضرة، وانخفض تآكل التربة وتدفقت كميات أقل من الرواسب إلى النهر الأصفر في المنطقة، مما أدى إلى انخفاض مخاطر الفيضانات.
تحديات تواجه خطة المهندس الهولندي
رغم الحماس الكبير للمشروع، فإن النظم البيئية معقدة بشكل لا يصدق، وعندما يتعلق الأمر بمشاريع ضخمة وتحويلية مثل إعادة تشجير الصحراء، يشعر بعض الخبراء بالقلق بشأن العواقب غير المتوقعة.
وهناك أيضاً مخاوف من أن بعض النباتات قد تكون غير ملائمة، أو أنها قد تصبح غازية وتؤثر سلباً في الحياة البرية المحلية، ولعلّ إحدى أكبر العقبات في الوقت الراهن هي عدم الاستقرار الإقليمي في ظل استمرار الحرب في غزة.
الحكومة المصرية توقع اتفاقاً لتأهيل بحيرة البردويل
وفي نهاية عام 2022، وقعت الحكومة المصرية اتفاقية لبدء البحث والتخطيط لإعادة تأهيل بحيرة البردويل، حيث كان من المقرر أن يبدأ المشروع في ديسمبر كانون الأول، لكن الصراع الأخير أبطأ كل شيء، بحسب فان دير هوفن.
ومع ذلك، يظل فان دير هوفن واثقاً من أن المشروع سيساعد على جلب المزيد من الفرص والازدهار للمنطقة، مؤكداً أن تجديد الطبيعة وإعادة تشجير الأراضي القاحلة هو السبيل الوحيد لأزمة المناخ وفقدان التنوع البيولوجي.