خطر داخلي وغضب أمريكي.. ماذا يحمل قانون الحشد الشعبي في العراق؟

تواجه الحكومة العراقية تصعيدًا سياسيًا ودبلوماسيًا مع ازدياد الضغوط الأمريكية الرافضة لمشروع قانون الحشد الشعبي، الذي يُنتظر طرحه قريبًا داخل البرلمان وسط انقسام حاد في المواقف السياسية.

ويأتي الجدل في ظل مخاوف متزايدة من أن يؤدي إقرار القانون إلى شَرْعنة النفوذ الإيراني داخل مؤسسات الدولة، وتقويض الشراكة الأمنية بين بغداد وواشنطن.

وبحسب تقارير صحفية، فقد حذَّر وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، خلال اتصال هاتفي أجراه قبل أيام مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، من أن المضي في تشريع قانون الحشد الشعبي “سيمنح الشرعية لفصائل مسلحة موالية لإيران، ويقوّض مسار السيادة الوطنية”.

وأكدت واشنطن أن هذا القانون، بصيغته الحالية، يتعارض مع بناء مؤسسات أمنية موحدة خاضعة بالكامل للدولة العراقية.

تحذيرات أمريكية بعقوبات صارمة على العراق

ترى الولايات المتحدة أن دمج الحشد الشعبي داخل القوات المسلحة العراقية دون ضمانات حقيقية للسيطرة الكاملة من قبل الحكومة سيُفضي إلى خلق “قوة موازية” تملك نفوذًا مستقلاً عن الدولة.

وتشير التحليلات إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب قد ترد بعقوبات تستهدف مؤسسات مالية عراقية، ومكونات اقتصادية يُشتبه في علاقتها بالفصائل المسلحة، بالإضافة إلى تقليص التعاون الأمني والعسكري مع بغداد.

ووفق ما نقلته مصادر دبلوماسية مطلعة، فإن واشنطن لوَّحت بعزل العراق ماليًا، في حال تمرير القانون، وإدراجه ضمن لائحة الدول التي تُخضع تعاملاتها المصرفية لرقابة مشددة؛ وهو ما من شأنه أن يُعقِّد عملية الحصول على تمويل خارجي ويهدد الاستقرار النقدي في البلاد.

صلاحيات واسعة لـ الحشد الشعبي

بحسب وسائل إعلام ينص مشروع القانون الجديد على اعتبار هيئة الحشد الشعبي جزءًا من القوات المسلحة العراقية، وتُمنح صلاحيات تنفيذ عمليات عسكرية واستخباراتية، مع تقديم الاستشارات الأمنية للحكومة، إلى جانب منع منتسبي الحشد من الانتماء إلى أي حزب سياسي أو ممارسة العمل الحزبي.

لكن هذه الصيغة، بحسب مراقبين، تفتح الباب أمام تكريس هيمنة فصائل مسلحة تعمل خارج نطاق الدولة، وتمتلك ولاءات إقليمية، لا سيما أن بعض الفصائل الرئيسية في الحشد ترفض الاندماج الكامل ضمن الجيش، وتعمل بشكل مستقل.

اتهامات بـ”الدولة الموازية”

تتزايد الاتهامات الموجهة لبعض فصائل الحشد الشعبي بالهيمنة على قطاعات حساسة داخل الدولة، من بينها أجهزة الاستخبارات ومكافحة الفساد والبنك المركزي، وحتى عمليات تصدير النفط والغاز. وتخشى أطراف عراقية وغربية من أن يشرّع القانون هذه الهيمنة، ويمنح الفصائل حصانة قانونية تعرقل المساءلة والمحاسبة.

وتشير منظمات حقوقية محلية ودولية إلى تورط بعض الفصائل بانتهاكات خلال المعارك ضد تنظيم داعش، مع تسجيل حالات اعتقال تعسفي وتجاوزات بحق المدنيين، وسط مخاوف من أن يشكل القانون الجديد غطاءً قانونيًا لأنشطة خارجة عن سلطة الدولة.

العراق في مفترق طرق بسبب قانون الحشد الشعبي

في ظل تصاعد الخلافات، تبدو الحكومة العراقية أمام اختبار سياسي حاسم. فبين الضغوط الداخلية الدافعة نحو تمرير القانون، والضغوط الأمريكية المهددة بعقوبات قاسية، تبرز تساؤلات حقيقية حول قدرة بغداد على الموازنة بين السيادة الوطنية والشراكات الاستراتيجية، دون أن تُجرّ إلى مواجهة مباشرة تهدد أمنها واستقرارها السياسي والاقتصادي.

اقرأ أيضًا: كارثة إنسانية.. 100 ألف طفل في غزة يواجهون الموت خلال أيام.. ما القصة؟

زر الذهاب إلى الأعلى