تخفيض المساعدات الأمريكية يفاقم أزمة السودانيين الفارين من العنف والمجاعة في دارفور

في أزمة تُبرز هشاشة الدعم الإنساني، دفع خفض المساعدات الخارجية الأمريكية اللاجئين السودانيين الفارين من العنف والمجاعة في دارفور إلي تشاد إلى خطر أكبر.
وفقا لتقرير نيويورك تايمز، مع استمرار العنف والمجاعة في تدمير منطقة دارفور بالسودان، أدى نقص المساعدات الخارجية الأساسية إلى تفاقم وضع عشرات الآلاف من اللاجئين، وخاصة النساء والأطفال، وقد أثرت هذه التخفيضات، التي أعلنتها إدارة ترامب في يناير، تأثيرًا بالغًا على برامج حيوية مثل التعليم وتوزيع الغذاء ودعم الصحة النفسية.
الأثر المدمر لخفض المساعدات على اللاجئين
في مخيم أبوتنغ للاجئين، الواقع بالقرب من الحدود التشادية السودانية، تركت هذه التخفيضات آلاف اللاجئين دون موارد حيوية، وقد أدت هذه التخفيضات، التي تشمل خفضًا هائلًا بنسبة 83% في برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) و40% من منح وزارة الخارجية، إلى تعطيل الخدمات الحيوية التي يعتمد عليها اللاجئون للبقاء على قيد الحياة.
كان من أبرز الآثار المترتبة على ذلك تعليم الأطفال السودانيين. فقد أُجبرت مدرسة أبوتنجو الثانوية، التي كانت مدعومة سابقًا بمنح من وزارة الخارجية الأمريكية عبر الهيئة اليسوعية لخدمات اللاجئين (J.R.S.)، على إغلاق أبوابها.
كانت هذه المدرسة هي المزود الوحيد للتعليم الثانوي لـ 45000 لاجئ في المخيم، حيث كانت تخدم أكثر من 32000 طالب. وقد ترك الإغلاق المفاجئ العديد من الطلاب، مثل عبد العظيم عبده أبكر، البالغ من العمر 18 عامًا، في حالة من الدمار.
فرّ من دارفور عام 2023، وشدد على أهمية التعليم، حتى في خضم الصراع، قائلاً: “إذا تركنا التعليم، فلن يساعد ذلك على نجاح بلدنا الحبيب”.
ويصف معلمون، مثل عبد الله أبكر عبد الله، الذين يعملون في المدرسة الثانوية الوحيدة في المخيم، الأثر النفسي الذي لحق بالطلاب عندما أُبلغوا بإغلاق المدرسة بسبب نقص التمويل.
قال عبد الله: “عندما أبلغنا الطلاب بالقرار، بكى معظمهم”، مما يعكس شعورًا عميقًا بالخسارة لدى اللاجئين الشباب الذين كانوا يومًا ما متفائلين بمستقبل أفضل رغم الحرب.
اقرأ أيضا.. نتنياهو يقود إسرائيل لأزمة.. إقالة رئيس الشاباك يُشعل أزمة دستورية
العنف القائم على النوع الاجتماعي وأزمة الصحة النفسية
إلى جانب التعليم، عرّض خفض المساعدات الأمريكية الخدمات الحيوية للاجئين الذين يواجهون العنف القائم على النوع الاجتماعي وأزمات الصحة النفسية للخطر.
قدمت منظمة “هياس”، وهي منظمة للدفاع عن حقوق اللاجئين تعمل في مخيم أبوتينغ، دعمًا أساسيًا للنساء المعرضات للخطر، بمن فيهن اللواتي يعانين من العنف المنزلي والاعتداء الجنسي. وقد أدى تجميد التمويل الأمريكي في يناير إلى توقف قدرتها على معالجة آلاف حالات الحماية.
روت امرأة، أُخفيت هويتها لأسباب أمنية، كيف ساعدتها منظمة “هياس” بعد تعرضها لحادث عنف منزلي، ومع ذلك، مع تعليق التمويل، اضطرت “هياس” إلى تجميد رواتب العاملين ووقف خدمات الدعم الأساسية لها ولغيرها ممن يواجهون تحديات مماثلة.
رفعت منظمة هياس، إلى جانب عدة منظمات أخرى، دعوى قضائية ضد إدارة ترامب في فبراير، مُجادلةً بأن قرار وقف المساعدات الخارجية غير دستوري وغير قانوني.
بينما حكم قاضٍ فيدرالي لصالح المُدّعين، لا تزال هياس تُكافح من أجل تطبيق الحكم بالكامل، تاركةً العديد من الأفراد المُستضعفين دون المساعدة التي هم في أمسّ الحاجة إليها.
أزمة قانونية وإنسانية
أثار التخفيض المُستمر للمساعدات الخارجية تساؤلات حول التزام الولايات المتحدة بالجهود الإنسانية في الخارج، ومع تفاقم أزمة اللاجئين السودانيين، تجد المنظمات الإنسانية نفسها في مأزق، غير مُتأكدة من أي البرامج ستستمر وإلى متى.
أدى تعليق البرامج، وخاصةً تلك التي تُعالج العنف المنزلي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، إلى فراغ إنساني، تاركًا العديد من اللاجئين دون أبسط الخدمات.
على الرغم من رفع أمر وقف العمل في أوائل مارس، لا يزال من غير الواضح أي البرامج ستتلقى التمويل، مما يُساهم في زيادة حالة عدم الاستقرار التي يواجهها اللاجئون.
وقد تركت هذه التخفيضات الكثيرين، بمن فيهم أولئك الموجودون في مخيم أبوتينغ، في حالة من عدم اليقين والخوف على المستقبل.
التداعيات العالمية الأوسع
لم يؤدِّ الانخفاض الحاد في المساعدات الخارجية إلى تفاقم معاناة اللاجئين السودانيين فحسب، بل أثار أيضًا مخاوف أوسع نطاقًا بشأن دور الولايات المتحدة في الجهود الإنسانية العالمية.
يرى الخبراء أن هذه التخفيضات تُشير إلى تراجع في الدور القيادي للولايات المتحدة في تقديم الإغاثة الطارئة، مما قد يُقوِّض الجهود العالمية لمعالجة أزمات اللاجئين والكوارث الإنسانية.
في السودان، لا يزال الوضع مُزريًا، مع استمرار عنف قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، المتهمة بارتكاب إبادة جماعية ضد الجماعات العرقية غير العربية في دارفور.
مع فرار ملايين اللاجئين السودانيين عبر الحدود، تُهدِّد تخفيضات المساعدات الخارجية الأمريكية بإلغاء سنوات من التقدم المُحرز في توفير الخدمات الأساسية والتعليم والحماية للفئات الأكثر ضعفًا.