خلافات ألمانية-فرنسية تعصف بمشروع المقاتلة FCAS وبرلين ترد بطلب 15 مقاتلة F-35 إضافية

تستعد ألمانيا لشراء 15 مقاتلة إضافية من طراز F-35 الأمريكية، ما سيرفع عدد الطائرات المخطط الحصول عليها إلى 50 مقاتلة، وفق ما كشفته صحيفة “بوليتيكو” نقلًا عن مصادر مطلعة، وتلك الخطوة تهدد مشروع المقاتلة الأوروبية المستقبلية FCAS.

خلافات بين فرنسا وألمانيا تعصف بمشروع المقاتلة FCAS

ويأتي هذا التوجه الألماني في توقيت بالغ الحساسية، مع تصاعد التوترات بين برلين وباريس حول مشروع FCAS المشترك، والذي تعثر مرارًا منذ انطلاقه بسبب الخلافات المتكررة بشأن تقاسم الأدوار وحقوق الملكية الفكرية.

وأفادت تقارير بأن فرنسا تطالب بحصة تبلغ 80% من حجم العمل في المشروع، وهو ما وصفته مصادر صناعية بأنه تهديد مباشر للتوازن المتفق عليه، ويُنذر بإيقاف المشروع قبل انتقاله إلى مرحلته التالية المقررة بنهاية العام.

ونقلت وكالة “رويترز” عن مصدر في القطاع الصناعي قوله: “إذا أصرت فرنسا على هذا المطلب، فمن غير المرجح أن يتمكن شركاء المشروع من تجاوز الخلافات والوصول إلى المرحلة المقبلة في الوقت المحدد”.

استراتيجية بديلة وتعزيز للناتو

الطلب الألماني الإضافي يتماشى مع التوجه الدفاعي الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي حدّد مؤخرًا أهدافًا جديدة لرفع الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد القادم، في ظل استمرار التهديدات الروسية والتحديات الأمنية المتنامية.

تعزيز القدرات الجوية الألمانية

وكانت برلين قد طلبت بالفعل شراء 35 مقاتلة F-35 لتعويض أسطول طائرات “تورنادو” المتقادم، والذي يضم 85 طائرة سيتم إخراجها تدريجيًا من الخدمة.

لكن التطورات الأخيرة دفعت وزارة الدفاع الألمانية، بحسب مصدر عسكري، إلى إعادة النظر في العدد المطلوب، خاصة بعد مراجعة أهداف الناتو المرتبطة بتعزيز القدرات الجوية وعدد القوات.

وأوضح المصدر أن “الرقم الإضافي البالغ 15 طائرة F-35 كان مطروحًا ضمن النقاشات منذ فترة، لكن التغيّرات الجديدة في البيئة الدفاعية تستدعي زيادة في العدد، رغم أن القرار لم يُعلن رسميًا بعد”.

ورفض متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية التعليق على “خطط الشراء المحتملة قبل عرضها على البرلمان”.

مشروع مأزوم وخلافات متجذرة

في السياق نفسه، أكد المستشار الألماني فريدريش ميرتس الأربعاء أن الخلافات ما زالت قائمة مع فرنسا بشأن المواصفات التقنية وتقاسم العمل في مشروع FCAS، لافتًا إلى أن المشروع يواجه تأخيرات متواصلة منذ إطلاقه، بسبب تضارب المصالح بشأن من يقود المشروع وكيفية توزيع المهام وحقوق التكنولوجيا.

وتُعد هذه التحركات مؤشراً على احتمالية تحول ألمانيا تدريجيًا نحو شراكات دفاعية بديلة تعتمد على التكنولوجيا الأمريكية، خاصة إذا استمرت الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي حول المشاريع الدفاعية المشتركة.

ما هو مشروع FCAS؟

يعد مشروع “نظام القتال الجوي المستقبلي” FCAS، حلاً أوروبياً لتصنيع مقاتلة من الجيل السادس دون التعاون مع الولايات المتحدة، والتحالف كلاً من فرنسا وألمانيا وإسبانيا، وكل دولة تملك نسبة الـ “ثُلث” في المشروع.

وجاء طلب فرنسا بحق 80% من المشروع مهدداً مبدأ الشراكة المتساوية الذي كان قائماً بين الدول الثلاث وشركاتها الجوية منذ إطلاق المشروع.

ويأتي هذا التطور على خلفية تصاعد التوتر داخل كونسورتيوم FCAS، وخصوصاً بين شركة “داسو للطيران (Dassault Aviation) الفرنسية، وشركة “إيرباص” (Airbus)، التي تمثل المصالح الألمانية والإسبانية في البرنامج.

ويتمحور الخلاف حول توزيع المهام المتعلقة بتطوير “مقاتلة الجيل الجديد” NGF، وهي المكوّن الأساسي لمشروع FCAS.

مقاتلة الجيل الجديد الأوروبية NGF

داسو الفرنسية: لا نحتاج شركاء خارجيين

وبحسب موقع Hartpunkt، صرّح المدير التنفيذي لشركة داسو، إريك ترابيير، أن شركته تمتلك القدرة على تطوير مقاتلة من الجيل السادس بشكل مستقل، دون الحاجة إلى شركاء خارجيين، معبّراً عن استيائه من الغموض في إدارة المشروع، ومن البنية الحالية لبرنامج NGF الفرعي.

وقال ترابيي خلال مشاركته في معرض باريس الجوي: “نحن نمتلك المعرفة الفنية التي تخوّلنا تنفيذ المشروع بمفردنا”. وأضاف أن داسو قد تنسحب من البرنامج إذا لم يُعزز دورها بشكل واضح.

الحكومة الفرنسية تدعم موقف داسو

وتشير التقارير إلى أن الحكومة الفرنسية تدعم موقف داسو بالكامل، وقد أبلغت وزارة الدفاع الألمانية بنيّتها المطالبة بـ80% من أعمال الإنتاج الخاصة بالمقاتلة الجديدة.

وإذا تم تنفيذ ذلك، فإن هذا التوجه سينسف الاتفاقات السابقة التي نصت على توزيع متساوٍ للمهام بين الدول الثلاث.

عقد مُهدد بالإلغاء بقيمة 3.2 مليار دولار

وسيؤدي هذا التحول إلى تقليص كبير لدور إيرباص في تطوير المقاتلة NGF. وتشارك فرق إيرباص من ألمانيا وإسبانيا حالياً في تطوير أجزاء مهمة من الطائرة.

وذلك بموجب عقد قيمته 3.2 مليار يورو تم توقيعه مع داسو في ديسمبر 2022، ويمثل بداية “المرحلة الأولى” من البرنامج، التي تشمل تطوير النموذج التجريبي وإجراء اختبارات أرضية.

أما “المرحلة الثانية”، والتي تتضمن تصنيع النماذج التجريبية للطيران، فلم تبدأ بعد بسبب استمرار الخلافات الداخلية.

اقرأ أيضاً.. 12 مليار دولار في 6 أشهر .. إدارة ترامب تضخ السلاح لإسرائيل بلا سقف

زر الذهاب إلى الأعلى