خلافات قوية في البيت الأبيض.. لماذا لم يعلن ترامب التدخل العسكري في إيران؟

في الوقت الذي تترقَّب فيه المنطقة تصعيدًا محتملًا في المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، أثارت تصريحاتُ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلًا واسعًا، بعدما أكَّد أنه “لا يستطيع الجزم” بشأن ما إذا كانت بلاده ستُنفِّذ هجومًا عسكريًا ضد إيران.

جاء تصريح ترامب بعد ساعات من تقارير إسرائيلية تحدثت عن اقتراب البيت الأبيض من إعلان تدخل عسكري مباشر في الصراع الإيراني الإسرائيلي. إلا أن نبرة الحذر في تصريحات الرئيس الأمريكي أظهرت وجود تردد واضح داخل البيت الأبيض.

وقال ترامب في تصريحات صحفية:”إيران تواصلت معنا. تواجه مشكلات كثيرة وتريد التفاوض. هناك فرق كبير بين الوضع الآن وقبل أسبوع”.
وأضاف: “اقترحوا أن يأتوا إلى البيت الأبيض. إنهم عاجزون تمامًا ولا يملكون أي دفاع جوي”.

ترامب يحذر إيران

وفي تحذير مبطن، أشار إلى أن قدرات إيران العسكرية “تضررت بشكل كبير”، مشددًا على ضرورة “استسلام طهران والتخلي عن برنامجها النووي”. وفي رده على سؤال بشأن المرشد الإيراني علي خامنئي، اكتفى بالقول: “حظًا سعيدًا”.

وأوضح ترامب أن القوات الأميركية “تسيطر بالكامل على الأجواء الإيرانية”، مضيفًا أن أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية “لا تُقارن بالمعدات الأميركية”. وردًا على سؤال بشأن ما إذا كان قد وجّه إنذارًا نهائيًا لطهران، قال: “يمكنك تسميته كذلك”، دون الخوض في التفاصيل رغم محاولات شبكة “CNN” انتزاع توضيحات إضافية.

خلافات داخل إدارة ترامب بشأن الحرب مع إيران

ورغم تصاعد حدة التصريحات، فإن القرار الأمريكي النهائي لم يصدر بعد، ما يعكس وجود انقسام داخل دوائر صنع القرار في واشنطن.

مع بداية ولايته الثانية، شكّل ترامب فريقًا يضم شخصيات تميل إلى التيار الانعزالي، مثل نائبه جيه دي فانس ووزير دفاعه بيت هيغسيث، في ابتعاد واضح عن مستشاريه السابقين المعروفين بمواقفهم “الصقورية”، مثل جون بولتون ومايك بومبيو.

معارضة داخل البيت الأبيض للتدخل في إيران

هذا التوجه الجديد ترافق مع بروز تيار داخل حركة “أميركا أولًا” يرفض التورط في حروب خارجية، ويعارض بشدة التدخل العسكري في النزاع الإيراني الإسرائيلي. ومن أبرز وجوه هذا التيار الإعلامي المحافظ تاكر كارلسون، والمستشار السابق في البيت الأبيض ستيف بانون.

النائبة الجمهورية عن ولاية جورجيا، مارغوري تايلور غرين، حذرت بدورها من أن “كل من يدعو لانخراط الولايات المتحدة في الحرب ضد إيران لا يمكن اعتباره من مؤيدي حركة أميركا أولًا”، ما عمق الانقسام داخل القاعدة الشعبية المؤيدة للرئيس الأميركي.

ترامب والكونجرس يدعمون التدخل في إيران

في المقابل، يقود السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، المعروف بقربه من ترامب، حملة داعمة للتدخل الأمريكي، مشيرًا إلى أن إيران “تمثل تهديدًا نوويًا لا يمكن تجاهله”.

كما دخل السيناتور تيد كروز على خط المواجهة مع الأصوات المعارضة، في مناظرة متوترة مع كارلسون عبر الإعلام الأميركي.

ترامب نفسه دخل في السجال، وكتب عبر منصته “تروث سوشيال”:”هل يمكن لأحد أن يشرح لتاكر كارلسون أن إيران لن تمتلك سلاحًا نوويًا أبدًا؟”.

وفي تصريحات لاحقة، دافع عن موقفه قائلاً: “أنا من وضع شعار أمريكا أولًا. لم يكن موجودًا قبل مجيئي، ومن حقي أن أحدد معناه. السلام لا يمكن تحقيقه إذا امتلكت إيران سلاحًا نوويًا”.

موقف الجمهوريين

بحسب موقع “أكسيوس”، فإن تأثير التيار الانعزالي لا يبدو قويًا داخل الكونجرس، حيث أبدى قادة الحزب الجمهوري تأييدًا واضحًا لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ودعمًا لخيار الضربة العسكرية الوقائية ضد إيران إذا تطلب الأمر.

واستنادًا إلى استطلاع رأي أجرته مؤسسة “غراي هاوس”، فإن 79% من الناخبين الجمهوريين المؤيدين لترامب يؤيدون تزويد إسرائيل بأسلحة هجومية، بينما أبدى 89% قلقهم من احتمال امتلاك إيران للسلاح النووي.

هل يتخذ ترامب القرار الحاسم؟

بحسب تقارير فإنه بين الضغوط الداخلية والتحديات الخارجية، يجد الرئيس الأمريكي نفسه أمام معادلة معقدة. قرار الحرب ضد إيران لم يعد مرتبطًا فقط بالميدان أو بالموقف الإسرائيلي، بل أصبح مرهونًا بتوازنات داخلية شائكة داخل إدارته وداخل التيار الجمهوري نفسه.

حتى اللحظة، يبدو أن ترامب يُبقي الباب مواربًا، ويستخدم لغة التهديد دون الانتقال إلى التنفيذ، في محاولة لزيادة الضغط على إيران دون الدخول في مواجهة مباشرة قد تكون مكلفة داخليًا وخارجيًا.

لكن التطورات الميدانية المتسارعة قد تُجبر واشنطن في أي لحظة على تغيير حساباتها، لا سيما في حال تجاوزت الضربات الإسرائيلية الخطوط الحمراء الإيرانية أو استهدفت منشآت حيوية تؤدي إلى رد شامل من طهران.

اقرأ أيضًا: سيناريو فوضوي مرتقب.. ماذا ينتظر الشرق الأوسط حال سقوط النظام في إيران؟

زر الذهاب إلى الأعلى