استثمارات بـ6.4 مليار دولار لتوطين صناعة السلع الاستفزازية في مصر
أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي دعوة جادة لرجال الأعمال والمستثمرين المحليين لتوطين الصناعات التي تستوردها مصر بمبالغ ضخمة، ما يخلق استثمارات واعدة داخل البلاد، حيث شدد على ضرورة تصنيع عدد من السلع التي تستوردها مصر بتكلفة كبيرة.
وتحدث الرئيس السيسي عن العديد من السلع “الاستفزازية” التي تستوردها مصر وتكلف البلاد مليارات الدولارات سنويًا، مشيرًا إلى أن الصناعات المحلية يمكنها سد هذه الفجوة وتوفير العملة الأجنبية، فضلًا عن خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الاقتصاد المحلي.
وعلى سبيل المثال، بلغت تكلفة استيراد الهواتف المحمولة 9 مليارات دولار، بينما استيراد العطور ومستحضرات التجميل كلف البلاد حوالي 940 مليون دولار، كما أن استيراد الجبن وحده يقدر بمليار و200 مليون دولار.
وتصريحات الرئيس أثارت اهتماماً واسعاً لدى رجال الأعمال والمستثمرين، مع توجه واضح نحو استغلال الفرص المتاحة لتوطين الصناعات وتقليل الاعتماد على الاستيراد، ما يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وزيادة فرص العمل.
وفي التقرير التالي، من خاص عن مصر، نرصد حجم الاستثمارات التي أعلن عنها مؤخرا.
اقرأ أيضًا: اقتصاد العالم في قبضة مصر.. الموانئ المصرية تسيطر على حركة التجارة الدولية
عرضان إيطالي وألماني لتدشين مصنع فويل
وفي إطار الاستجابة لهذه الدعوة، بدأت شركة “مصر للألومنيوم”، في وضع اللمسات الأخيرة لتدشين مصنع لإنتاج الفويل المنزلي والصناعي باستثمارات تتراوح بين 70 و100 مليون دولار.
وتلقت الشركة عرضين من شركتين ألمانيتين وإيطاليتين لإنشاء المصنع، حيث يتميز الفويل بتعدد استخداماته في المجالات المنزلية والصناعية، ويتم استيراده حاليًا بكميات كبيرة تتجاوز 120 مليون دولار سنويًا.
ويستهدف المشروع الجديد إنتاج حوالي 50 ألف طن سنويًا من الفويل، مما سيسهم بشكل كبير في تقليل فاتورة الاستيراد وتلبية الطلب المحلي.
كما أبدت شركات أجنبية اهتمامًا بتمويل المشروع عبر بنوك أوروبية أو من خلال نظام “Off take agreement” الذي يضمن شراء المنتجات مقابل التمويل.
مشروعات جديدة لشركة مصر للألومنيوم
وإلى جانب مشروع الفويل، أعلنت شركة مصر للألومنيوم عن نيتها إطلاق أربعة مشروعات جديدة باستثمارات تصل إلى 6 مليارات دولار، وتستهدف هذه المشروعات زيادة الطاقة الإنتاجية إلى 1.1 مليون طن من الألومنيوم، لتصبح مصر ضمن أكبر منتجي الألومنيوم في العالم.
علاوة على ذلك، تسعى الشركة أيضًا لإقامة مصفاة للألومينا بطاقة 2 مليون طن سنويًا، ما سيوفر لمصر احتياجاتها من الخام ويوفر فائضًا للتصدير.
كما تخطط الشركة لإنشاء خط إنتاج إضافي بطاقة 200 ألف طن لتغطية 60% من الواردات المحلية، بالإضافة إلى إنشاء مصنع جديد لإنتاج الألومنيوم بطاقة 600 ألف طن سنويًا، مما سيعزز مكانة مصر في هذا القطاع الاستراتيجي.
اقرأ أيضًا: ما وراء الكواليس.. كيف أعادت مصر وروسيا إحياء مشروع مدينة الشمس بقناة السويس؟
استثمارات في صناعة الشوكولاتة
أما في قطاع الصناعات الغذائية، أعلنت شركة “مارس” الأمريكية عن استثمار 250 مليون دولار لتوسعة مصنعها في مدينة السادس من أكتوبر، حيث يتضمن المشروع إضافة خطوط إنتاج جديدة لزيادة الطاقة الإنتاجية من 25 ألف طن إلى 65 ألف طن سنويًا.
ويصدر مصنع مارس حوالي 65% إلى 70% من إنتاجه إلى أكثر من 44 دولة، مع خطط لدخول أسواق جديدة.
وفي الوقت ذاته، أعلنت شركة “باري كاليبو” السويسرية عن خطط لإنشاء أول مصنع لها في مصر باستثمارات تصل إلى 30 مليون دولار، بهدف تعزيز وجودها في السوق المحلي واستخدام مصر كمركز لتصدير منتجاتها إلى الشرق الأوسط وأفريقيا.
وتسعى مصر كذلك إلى زيادة صادرات الشوكولاتة، حيث تصدرت مصر قائمة الدول العربية في تصدير الشوكولاتة عام 2023 بقيمة 181 مليون دولار، في حين تعد السعودية والأردن من أكبر المستوردين للمنتج المصري، فيما تسعى الشركات المصرية إلى دخول أسواق جديدة في أفريقيا.
استثمارات شركة بل إيجيبت في قطاع الجبن
وفي قطاع الألبان، أعلنت شركة “بل إيجيبت”، الرائدة في إنتاج الجبن المطبوخ، عن خطط لاستثمار 150 مليون جنيه في مصر خلال العامين المقبلين، حيث تهدف هذه الاستثمارات إلى توسيع الطاقة الإنتاجية وتعزيز تواجد الشركة في مصر، التي تعمل فيها منذ 25 عامًا.
اقرأ أيضًا: استثمارات ومشاريع كبرى.. مصر تسعى لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي 30% بحلول 2025
أول سكوتر كهربائي مصري بمكون محلي
نجحت شركة Glide Smart Mobility، التابعة لمجموعة “تريدكو” لوسائل النقل، في تصميم وتنفيذ أول سكوتر كهربائي مصري بمكون محلي يتجاوز 50%، حيث بدأ العمل على هذا المشروع منذ عام 2020 بهدف تصنيع المكونات محليًا، مما يسهم في ضمان استدامة توفر قطع الغيار في المستقبل.
ويتميز السكوتر الكهربائي بسهولة الشحن، حيث يمكن شحنه في المنزل، ويقطع مسافة تصل إلى 60 كيلومترًا بسرعة تصل إلى 45 كيلومترًا في الساعة، في حين يأتي هذا الابتكار في إطار التوجه العالمي نحو تعزيز الاستدامة والحد من الانبعاثات، مما يجعله مواكبًا للتطورات العالمية في هذا المجال.
استثمارات 3 شركات عملاقة
ونجحت الحكومة المصرية في جذب استثمارات صناعية ضخمة من ثلاث شركات عالمية كبرى خلال الفترة الماضية، حيث ستهدفت الحكومة جذب شركات عالمية مثل “هايير” الصينية التي تم افتتاح مجمع مصانعها بالفعل، و”بيكو” التركية، بالإضافة إلى شركة “بوش” الألمانية التي من المقرر افتتاح مصنعها قريباً.
وتهدف هذه المشروعات الصناعية الكبرى إلى تلبية الطلب المحلي وتعزيز موقع مصر كمركز إقليمي للتصدير إلى الشرق الأوسط وأوروبا، حيث قدمت الحكومة تسهيلات شاملة لهذه الشركات، بما في ذلك الرخصة الذهبية وتخصيص الأراضي بشكل مباشر، مما ساهم في الانتهاء من إنشاء المصانع في أقل من عام.
اقرأ أيضًا: بقوة الشمس.. مشروع مصري عملاق لتطوير إنتاج الألومنيوم بالطاقة النظيفة
ويعمل مصنع “بيكو” حالياً بطاقة 650 عاملاً، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 2000 عامل قريباً، مع اعتماد أحدث التقنيات العالمية في التصنيع، كما يستفيد المصنع من أقسام البحث والتطوير في الجامعات المصرية وأفكار الشباب، مما يعزز قدراته التنافسية في السوق.
صدى عاجل لتصريحات الرئيس السيسي
وتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي حول السلع المستفزة التي تستوردها مصر من الخارج كانت بمثابة نقطة تحول للاستثمار في توطين الصناعات المحلية، والشركات الكبرى، سواء المحلية أو العالمية، استجابت بسرعة لهذه الدعوة عبر ضخ استثمارات ضخمة في قطاعات مختلفة مثل الألومنيوم، الشوكولاتة، والأجبان، مما يعزز من قدرة مصر على تقليل الاعتماد على الواردات وزيادة الإنتاج المحلي، ويدعم فرص العمل ويعزز النمو الاقتصادي.
وهذا التوجه سيساهم في تحسين الميزان التجاري لمصر، وتقليل الضغط على العملات الأجنبية، وجعل مصر أكثر اعتماداً على نفسها في تلبية احتياجاتها.