خيبة أمل كيم كونغ.. اعتقالات في كوريا الشمالية بعد فشل إطلاق مدمرة

اعتقلت كوريا الشمالية ثلاثة مسؤولين كبار في حوض بناء السفن عقب فشل إطلاق مدمرة بحرية جديدة، وهو فشلٌ بارزٌ وصفته وسائل الإعلام الرسمية بأنه أحرج الزعيم كيم جونغ أون بشدة.

وفقا لتقرير نيويورك تايمز، وقع الحادث يوم الأربعاء الماضي في حوض بناء السفن تشونغجين على الساحل الشمالي الشرقي للبلاد، حيث حضر كيم شخصيًا حفلًا للكشف عن السفينة الحربية التي يبلغ وزنها 5000 طن، والتي تُمثل حجر الزاوية في حملته لتحديث البحرية الكورية الشمالية.

لكن سرعان ما تحول الحدث إلى إذلال: فبينما حاول المهندسون إطلاق المدمرة جانبًا، فقدت السفينة توازنها وانقلبت جزئيًا، تاركةً مؤخرتها في الماء ومقدمتها عالقةً على المنحدر.

أظهرت صور الأقمار الصناعية الملتقطة بعد الإطلاق، والتي راجعتها شركة ماكسار تكنولوجيز، أن السفينة مغطاة بشكل غريب بأغطية زرقاء، وهو تكتيك كوري شمالي نموذجي لإخفاء الحوادث عن أعين المراقبة الأجنبية.

كيم يأمر برد فعل صارم، ويصف الفشل بأنه عمل إجرامي

أعلنت وكالة الأنباء المركزية الكورية (KCNA) اعتقال كبير مهندسي حوض بناء السفن، ورئيس قسم بناء الهياكل، ونائب المدير الإداري. أدان كيم جونغ أون فشل إطلاق مدمرة ووصفه بأنه “عمل إجرامي”، وطالب بعقوبات قاسية، تماشيًا مع أسلوب قيادته الذي يسعى غالبًا إلى المساءلة – حتى من خلال الاستعراضات العلنية – عندما تفشل مشاريع الدولة.

ووفقًا لمسؤولين كوريين شماليين، يجري تحقيق لتحديد المسؤولين ومعاقبتهم. وصرحت اللجنة العسكرية المركزية للنظام: “لا يمكن للمسؤولين عنه التهرب من مسؤوليتهم عن الجريمة”، مؤكدةً أن الفشل سيكون بمثابة تحذير من “المواقف المتراخية السائدة في أي مجال”.

أبرز الخبراء الإخفاقات التقنية والاستراتيجية

كانت حادثة تشونغجين ثاني محاولة لكوريا الشمالية لإطلاق مدمرة خلال شهر. وبينما نجحت عملية مماثلة في أبريل في ميناء نامبو باستخدام أسلوب الحوض الجاف، أشار محللون في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) إلى أن حوض بناء السفن في تشونغجين لم يُنتج تاريخيًا سوى سفن أصغر حجمًا، ويفتقر إلى الخبرة في التعامل مع السفن الحربية الكبيرة.

تتطلب طريقة الإطلاق الجانبي، التي نادرًا ما تُستخدم لمثل هذه السفن ولم تُجرّبها كوريا الشمالية من قبل، توازنًا دقيقًا وخبرة فنية لا يمتلكها المرفق.

أشار تشوي إيل، وهو قبطان متقاعد في البحرية الكورية الجنوبية، إلى التعقيد المتزايد لتركيب أسلحة ثقيلة على المدمرة، وتكهن بأن الضغط السياسي من كيم، وخاصةً بعد الإطلاق الناجح السابق، ربما دفع المهندسين إلى اختصار الإجراءات.

أكد مسؤولو الدفاع في كوريا الجنوبية أنهم توقفوا عن استخدام طريقة الإطلاق الجانبي للسفن الحربية، مما يعكس معايير صناعية أكثر تقدمًا.

اقرأ أيضًا: عيد ميلاد ترامب| أمريكا تستعد لعرض عسكري بـ”طابع خاص” مثير للجدل

مستقبل غامض للسفينة الحربية المتضررة

زعمت التقارير الكورية الشمالية الأولية أن الحادث تسبب في تمزق ثقوب في هيكلها، لكن النظام تراجع لاحقًا، مكتفيًا بالقول إن المدمرة تعرضت لخدوش وتسرب مياه البحر.

تقدر السلطات إمكانية إصلاح السفينة في غضون أسبوعين، لكن المحللين الدوليين لا يزالون متشككين. ويقول خبراء مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن السفينة قد لا تدخل الخدمة أبدًا، بل قد تُدمر بالكامل.

تاريخيًا، دأبت كوريا الشمالية على إخفاء الحوادث الكبرى لحماية صورة نظامها. ومع ذلك، غالبًا ما تضمن نهج كيم جونغ أون الاعتراف بالإخفاقات علنًا وفرض عقوبات سريعة وواضحة.

الصورة والقوة وتكاليف الفشل

يُبرز فشل الإطلاق التحديات التقنية التي تواجه طموحات كوريا الشمالية البحرية، والمخاطر السياسية التي يتعرض لها المسؤولون المشاركون في المشاريع المرموقة.

بينما يسعى كيم جونغ أون جاهدًا لتحديث الجيش، فإن استعداد النظام للاعتراف بالفشل – وما يصاحبه من تداعيات داخلية قاسية – يعكس سعي القائد للحفاظ على سلطته، وإظهار قوته، وتوجيه رسالة واضحة إلى جميع أنحاء الحكومة والمؤسسة العسكرية.

زر الذهاب إلى الأعلى