“دبلوماسية الرهائن” تعود للواجهة.. إيران تحتجز أمريكيين وتفاقم التوتر مع واشنطن

في إطار ما يُسمى بـ”دبلوماسية الرهائن”، تحتجز السلطات الإيرانية أربعة مواطنين أمريكيين من أصل إيراني على الأقل، وفقًا لمنظمات حقوق الإنسان ومصادر عائلية.
أدت الاعتقالات الأخيرة، التي شملت شخصين اعتُقلا في أعقاب الهجمات المشتركة التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة على أهداف إيرانية في يونيو، إلى تفاقم التوترات المتوترة أصلًا بين طهران وواشنطن.
لعقود، اتُهمت إيران باستغلال الأجانب ومزدوجي الجنسية كورقة مساومة لتبادل الأسرى أو الإفراج عن الأصول المجمدة. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن موجة الاعتقالات الأخيرة تؤكد استعداد النظام لاستخدام مثل هذه الأساليب في اللحظات السياسية الحساسة.
من هم الأمريكيون المحتجزون؟
من بين المواطنين الأمريكيين الأربعة المحتجزين رجلان وامرأتان، وجميعهم كانوا يقيمون في الولايات المتحدة قبل سفرهم إلى إيران – غالبًا لزيارة عائلاتهم. أفادت جماعات حقوق الإنسان أن ثلاثة منهم مسجونون حاليًا، بينما مُنعت الرابعة من مغادرة البلاد.
الاعتقالات الأخيرة بعد إضرابات يونيو:
اعتقلت عناصر الأمن الإيراني اثنين من المعتقلين – رجل أعمال يهودي يبلغ من العمر 70 عامًا من نيويورك وامرأة من كاليفورنيا – في أعقاب الضربات العسكرية في يونيو مباشرةً.
يُعدّ رجل الأعمال، الذي ورد أنه استُجوب بشأن رحلة سابقة إلى إسرائيل، والمرأة التي كانت محتجزة سابقًا في سجن إيفين سيئ السمعة (الذي أُخلي الآن بعد الهجمات الأخيرة)، في قلب حملة القمع الأخيرة.
المعتقلون لفترات أطول:
سُجنت امرأة أمريكية إيرانية أخرى، عاملة خيرية وموظفة في شركة تكنولوجيا أمريكية، وصودرت جوازات سفرها في ديسمبر 2024.
رغم أنها خارج السجن حاليًا، إلا أنها تواجه الآن تهمًا بالتجسس – وهي تهمة خطيرة قد تصل عقوبتها إلى السجن لمدة طويلة أو حتى الإعدام. الرابع، الصحفي رضا ولي زاده، الموظف السابق في إذاعة “فردا”، اعتُقل في أكتوبر 2024 وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات بتهمة “التعاون مع حكومة معادية”.
طلبت عائلات المعتقلين في الغالب عدم الكشف عن هوياتهم، خوفًا من المزيد من الأذى أو الانتقام من السلطات.
تصاعد التوترات الدبلوماسية وجمود السياسات
تأتي الاعتقالات الأخيرة في ظل تعثر المفاوضات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران في أعقاب نزاع يونيو. ورغم غياب المحادثات الرسمية، كشف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن اتصالات غير مباشرة مع المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، إلا أن مصير الأمريكيين المعتقلين لا يزال غامضًا في هذه الاتصالات.
أدان الرئيس ترامب علنًا ممارسة احتجاز الأمريكيين في الخارج، وأعلن أن إطلاق سراحهم أولوية قصوى. ومع ذلك، لم تُدلِ وزارة الخارجية إلا بتعليقات عامة محدودة، مشيرةً إلى أسباب تتعلق بالخصوصية والسلامة، وجددت دعوتها للإفراج الفوري عن جميع المواطنين الأمريكيين المحتجزين ظلماً.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية عن حملة قمع واسعة النطاق، مدّعيةً اعتقال 20 جاسوسًا أو عميلًا مزعومًا لإسرائيل في مدنٍ في أنحاء البلاد.
عائلات ومجتمعاتٌ في حالة تأهب
أثارت هذه الحملة قلق الجالية الإيرانية الأمريكية، وخاصةً في الأوساط اليهودية في نيويورك. وأفادت تقارير باحتجاز ما لا يقل عن خمسة يهود إيرانيين في حملة الاعتقالات الأخيرة التي أعقبت الحرب، واستُدعي عشرات آخرون للاستجواب، وفقًا لمنظمات حقوقية.
أعرب سياماك نمازي، رجل الأعمال الإيراني الأمريكي الذي عانى ثماني سنوات من الاحتجاز في إيران قبل إطلاق سراحه بموجب اتفاقٍ أمريكي-إيراني عام 2023، عن قلقه إزاء تزايد عدد المعتقلين الأمريكيين منذ الحرب الأخيرة.
قال نمازي: “بعض الحالات علنية، بينما لا تزال حالات أخرى طي الكتمان، غالبًا بسبب سوء النصح بأن الصمت هو الخيار الأفضل”. وشدد على أن إطلاق سراح هؤلاء الرهائن يجب أن يكون هدفًا أساسيًا للدبلوماسية الأمريكية مع طهران.
اقرأ أيضا.. من الحصار إلى الفوضى.. كيف أصبح الجوع أسوأ في غزة؟
تحذيرٌ مُريعٌ للأمريكيين الإيرانيين
صعّدت وزارة الخارجية الأمريكية من تحذيراتها، حيث نصحت الأمريكيين – وخاصةً من أصل إيراني – بعدم السفر إلى إيران “تحت أي ظرف من الظروف”، مُشيرةً إلى تزايد خطر الاحتجاز التعسفي.
يُشير التحذير، الصادر باللغتين الإنجليزية والفارسية، إلى أن الأمريكيين “رهائن” لدى الحكومة الإيرانية منذ أشهر أو حتى سنوات، وأن الخطر الآن أكبر.
ووضع علي فايز، مدير شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية، سياق حملة القمع قائلاً: “للحكومة الإيرانية تاريخٌ سيءٌ في القمع الداخلي عقب إخفاقات استخباراتية، واعتقال مواطنين أجانب كوسيلة ضغطٍ مُريبة”.
مع جمود الدبلوماسية النووية ووصول انعدام الثقة المتبادل إلى مستوياتٍ جديدة، قد يُضيف مصير الأمريكيين المعتقلين عقبةً جديدةً كبيرةً أمام أي احتمالٍ للتقارب الأمريكي الإيراني.