“دجاج زامبرو”.. حل مبتكر لمكافحة الفقر وتغير المناخ في زامبيا

في القرى الريفية بالمقاطعة الشرقية لزامبيا، تُقدّم مبادرة جديدة حلًا مُحتملاً لإحدى أكثر قضايا البلاد إلحاحاً: الفقر المُتفاقم بسبب تغير المناخ. يُقدّم الدجاج المُقاوم لتغير المناخ، دجاج زامبرو، وهو سلالة مُصمّمة خصيصًا للنمو في الظروف القاسية، للمزارعين المحليين كوسيلة ليس فقط لتحسين الأمن الغذائي، بل أيضاً لتوفير مصدر دخل مُستقر.
تُعطي هذه المبادرة، التي تقودها مزرعة الدواجن الهجينة وبدعم من مؤسسة الدواجن العالمية، أملاً للمزارعين الذين يُعانون من تقلبات الطقس وعدم الاستقرار الاقتصادي.
الدجاج المُقاوم لتغير المناخ يغير قواعد اللعبة
قدّم ليفي فيري، المُمثل الميداني لمزرعة الدواجن الهجينة، مؤخراً عرضاً في قرية كامبفومبي، حيث قدّم دجاج زامبرو لحشدٍ مُتحمس.
هذه الدجاجات، التي تُربى لتكون أكثر مقاومة للأمراض، وتتطلب كميات أقل من الماء والعلف، وتضع بيضًا أكثر من دجاج القرى النموذجي، تُعتبر بمثابة شريان حياة في المناطق التي أصبحت فيها الزراعة صعبة بشكل متزايد بسبب تقلبات الطقس والجفاف.
خلال العرض التوضيحي، كشف فيري أن دجاج زامبرو لم يتجاوز عمره ستة أسابيع، ولكنه أظهر بالفعل نموًا ملحوظًا. فاجأ هذا الكشف العديد من الحضور، الذين توقعوا أن يستغرق نمو الدجاج وقتًا أطول بكثير.
يُعد دجاج زامبرو سلالة مزدوجة الغرض – فهو يُنتج بيضًا موثوقًا به ومصدرًا للحوم – مما يجعله ذا قيمة خاصة في دول مثل زامبيا، حيث يُمثل الأمن الغذائي مصدر قلق دائم.
تأثير الدجاج المُقاوم لتغير المناخ في زامبيا
في العام الماضي، شهدت زامبيا أسوأ موجة جفاف لها منذ أربعة عقود، مما خلّف دمارًا هائلاً في جميع أنحاء البلاد. فُقدت المحاصيل، ونفقت الماشية، وانتشر نقص الغذاء على نطاق واسع، لا سيما في المناطق الريفية.
مع وجود أحد أعلى معدلات سوء التغذية وتأخر نمو الأطفال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، أصبحت الحاجة إلى حلول زراعية مستدامة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
سلط عرض فيري الضوء على الوضع المتردي الذي يعيشه العديد من المزارعين المحليين. ففي بلدٍ يصعب فيه الحصول على البيض، وخاصةً في المناطق الريفية، يُتيح دجاج زامبرو فرصةً ليس فقط لإطعام الأسر، بل أيضًا لإيجاد مصدر دخل.
مع ذلك، فإن التحديات كبيرة. إذ يُعاني العديد من المزارعين من نقص الموارد، مثل المياه والأعلاف المناسبة، ويضطرون إلى مواجهة ارتفاع التكاليف وتقلبات المناخ.
دور الدجاج المُقاوم لتغير المناخ
مبادرة زامبرو هي ثمرة شراكة بين مزرعة الدواجن الهجينة، أكبر مفرخة دجاج في زامبيا، ومؤسسة الدواجن العالمية، وهي منظمة غير ربحية. ترعى هذه المبادرة مؤسسة غيتس وصندوق قطر للتنمية، وتهدف إلى بناء نموذج أعمال مستدام يُساعد المزارعين على انتشال أنفسهم من براثن الفقر.
تؤكد مورين ستيكل، مديرة تطوير الدواجن الدولية في مؤسسة الدواجن العالمية، أن المشروع مصمم ليكون مكتفيًا ذاتيًا. وقالت: “من الضروري أن يكون مشروعًا قابلًا للاستمرار”. تقدم المؤسسة تمويلًا مقدمًا للسنوات الخمس الأولى من البرنامج، ثم تتراجع تدريجيًا بعد ذلك، مما يسمح للمزارعين بالعمل بشكل مستقل مع تزايد ربحية أعمالهم.
يكمن نجاح البرنامج في تركيزه على تعليم المزارعين ليس فقط كيفية تربية الدجاج، بل أيضًا كيفية تحويله إلى مشروع مستدام. ووفقًا لسيمون وايلد، المدير الإداري لشركة هايبرد بولتري، “يمكن لأي شخص المساهمة في المشروع، لكن السر يكمن في تعليم المزارعين المهارات اللازمة للنجاح”.
اقرأ أيضًا: زيلينسكي يدرس مقترحا أمريكيا جديدا لصفقة المعادن.. ويرفض توصيف المساعدات كقروض
التحديات والنجاحات: طريق طويل نحو الازدهار
على الرغم من الطبيعة الواعدة لدجاج زامبرو، إلا أن البرنامج واجه تحديات جمة. فقد أدى أسوأ جفاف منذ عقود إلى صعوبة حصول المزارعين على ما يكفي من الماء والعلف لقطعانهم.
على سبيل المثال، واجه فيديليس كايايا، وهو مزارع في المنطقة، صعوبة في توفير علف كافٍ لدجاجاته، مما أدى إلى نقص وزن بعضها. ومع ذلك، ورغم هذه الصعوبات، لا يزال كايايا متفائلاً. فقد عادت الأمطار، وتوقعات موسم الحصاد لهذا العام أفضل بكثير.
كان انتقال كايايا إلى تربية دجاج زامبرو مفيدًا من نواحٍ عديدة. فعلى عكس دجاج التسمين الذي كان يربيه سابقًا، والذي كان عرضة للأمراض ويتطلب كميات كبيرة من العلف، فإن دجاج زامبرو يحتاج إلى كميات أقل بكثير من الماء وهو أكثر مقاومة للأمراض. وهو الآن يبيع بيض ولحوم دجاجاته، مما يوفر تغذية أفضل لعائلته ومصدر دخل.
نموذج أعمال مستدام للمناطق الريفية في أفريقيا
شهد نموذج مؤسسة الدواجن العالمية نجاحًا في العديد من الدول الأفريقية، بما في ذلك نيجيريا وتنزانيا وزيمبابوي. ومع استفادة أكثر من 2.7 مليون أسرة من مبادرات مماثلة، أثبت هذا النموذج قدرته على إحداث تحولات إيجابية.
يعتقد راندال إنيس، الرئيس التنفيذي للمؤسسة، أن هذا النهج قد يُحدث نقلة نوعية في الاقتصادات الريفية في جميع أنحاء أفريقيا. وقال: “لا شك لدي في أن هذا البرنامج سيُحدث تحولًا جذريًا في هذه القطاعات الريفية”.
تُعد هذه المبادرة مؤثرة بشكل خاص على النساء، اللاتي يُشكلن غالبية مُربي الدواجن في المناطق الريفية. ففي المناطق التي تكون فيها فرص العمل الرسمية محدودة، تُتيح تربية الدجاج للنساء فرصة المساهمة في دخل أسرهن، مع تحسين التغذية لأسرهن أيضًا.
توسيع نطاق التغطية: مستقبل دجاج زامبرو
مع نمو برنامج دجاج زامبرو، تُخطط شركة هايبرد بولتري لتوسيع نطاق المبادرة لتشمل مقاطعات أخرى في زامبيا، على أمل الوصول إلى المزيد من المزارعين والمجتمعات المحلية.
ساهمت جهود التسويق التي تبذلها الشركة، بما في ذلك اللوحات الإعلانية والإعلانات الإذاعية وحملات التوعية التي يقوم بها ممثلوها الميدانيون، في زيادة الوعي بفوائد سلالة زامبرو.
ولضمان نجاح البرنامج على المدى الطويل، يتعين على شركة هايبرد بولتري ومؤسسة الدواجن العالمية مواصلة تقديم التدريب والدعم وتوفير سوق للدجاج والبيض الذي ينتجه المزارعون. ويعتمد نجاح هذه المبادرة على القدرة على إنشاء شبكة من الشركات ذاتية الاستدامة التي يمكنها الازدهار حتى في مواجهة تغير المناخ.