دراسة إماراتية تحذر من “مسيرات FPV” وتتنبأ بتحولها لـ”سلاح أوكرانيا السري” ضد روسيا

قدَّم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية دراسة حول “مسيَّرات منظور الشخص الأول FPV” .. الدراسة الحديثة تُحلِّل التوجهات العالمية لمسيَّرات FPV، وتُسلِّط الضوء على مخاطرها الأمنية وتطورها السريع في النزاعات الحديثة.. وتنبأت الدراسة باستخدامها في عمليات نوعية مؤثرة في الحرب الروسية الأوكرانية.

الدراسة المنشورة بتاريخ 29 يوليو 2024 تنبأت بزيادة فعاليات مسيرات FPV في الحرب الروسية الأوكرانية .. واستشهد المركز بوقائع حدثت وأخبار تم نشرها حول عزم أوكرانيا إنتاج مليون طائرة مسيرة FPV خلال عام .. مما يفسر قيامها باستخدامها في عمليات نوعية داخل الأراضي الروسية.

ماهي FPV Drones؟

مسيَّرات منظور الشخص الأول (FPV) هي طائرات مسيّرة غير مأهولة، تنقل في الوقت الحقيقي مجال رؤيتها إلى مشغِّلها عبر نظارات الواقع المعزز، ما يمنحه تحكمًا مباشرًا وكأنه على متنها.

وبفضل بساطتها وانخفاض تكلفتها، برزت هذه المسيَّرات كأداة تكتيكية حاسمة في ساحات المعارك الحديثة.

تقرير مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية حول “مسيَّرات منظور الشخص الأول FPV”
من التصوير إلى الاستهداف بسبب تصاعد الحرب الروسية الأوكرانية

بدأ تطوير مسيَّرات FPV لأغراض مدنية وترفيهية، مثل تصوير الأفلام وسباقات الدرونز. لكن الاستخدام العسكري تصاعد مع الحرب الروسية–الأوكرانية، حيث تم توظيفها بشكل واسع في هجمات مباشرة ومهام استطلاع، عبر تزويدها بذخائر متعددة تشمل القنابل اليدوية والفراغية والخارقة للدروع.

ورُصد توظيف مسيَّرات (FPV) في المهمات العسكرية سابقًا، إلا أن الأزمة الأوكرانية شهدت توجُّهًا متسارعًا إلى استخدام هذه التكنولوجيا؛ إذ سُجِّلت استخداماتها بصورة واسعة في العمليات القتالية من قِبَل القوات الأوكرانية والقوات الروسية.

ورَصدت تقارير من مصادر مفتوحة ما يقرب من 2700 هجمة باستخدام هذه المسيَّرات، في الفترة الممتدة من أغسطس 2023 حتى يناير 2024.

سباق عالمي نحو التسلح بالدرونز منخفضة التكلفة

تشهد مسيَّرات FPV اهتمامًا متزايدًا من قِبل جيوش كبرى، مثل الولايات المتحدة والصين و أوكرانيا و روسيا، حيث تم دمجها في الأنظمة القتالية، بل وتخصيص وحدات خاصة لتطويرها وتشغيلها.

وأعلنت أوكرانيا خططًا طموحة لإنتاج مليون مسيَّرة من هذا النوع في 2024 .. كما وعدت مجموعة دول في قمة الناتو (10 يوليو 2024)، ومنها المملكة المتحدة وهولندا والسويد، بالتبرع بمبلغ 49 مليون دولار لدعم خطط أوكرانيا في تسريع إنتاج هذه المسيَّرات.

مكونات الطائرة المسيرة FPV
كما دشَّنت أوكرانيا (12 يونيو 2024) في إطار سعيها إلى زيادة كفاءة استخدامات هذه المسيَّرات، الفرع العسكري المتخصص بالأنظمة غير المأهولة (Unmanned Systems Forces).

لتتمكن من تخصيص فرع مستقل للمسيَّرات ينظّم النشاطات المتعلقة بعملياتها ويوحّد جهود التدريب والتطوير والتنسيق الخاصة بها .. بينما تسعى روسيا لرفع الإنتاج الشهري إلى 300 ألف وحدة.

جيوش تُعيد الهيكلة .. ومدارس طيران خاصة بها

أطلقت أوكرانيا أول فرع عسكري متخصص للأنظمة غير المأهولة، فيما كشفت وزارة الدفاع الأمريكية عن خطط لإنشاء مدرسة متخصصة لتدريب الجنود على استخدام هذه المسيَّرات بحلول 2025. وتُظهر الصين اهتمامًا مماثلًا، عبر تطوير نسخ مخصصة لمهام عسكرية وإجراء تدريبات ميدانية عليها في تضاريس قتالية متنوعة.

سلاح بيد الجميع… ومخاوف أمنية متزايدة

ما يثير القلق في مسيَّرات FPV هو سهولة الحصول عليها تجاريًّا، وقدرتها على تنفيذ هجمات إرهابية بعد تعديلها وتزويدها بمتفجرات. سُجّل استخدامها في سوريا ضمن 13 هجومًا خلال أول شهرين من 2024، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول الرقابة وتشديد ضوابط الاستيراد والتشغيل.

التحدي الأكبر: لا تكتشفها الرادارات

أنظمة الدفاع الجوي التقليدية تجد صعوبة في اكتشاف FPV بسبب حجمها المنخفض وعلوها القليل. كما أن المشغّل يظل مجهولًا غالبًا، ما يعقّد مهام التحقيق والمواجهة. ولذلك، لجأت جيوش مثل الجيش الأوكراني إلى نشر مكثّف لأجهزة الحرب الإلكترونية بهدف تعطيل الاتصال بين المسيَّرة ومشغلها.

التوجه نحو الذكاء الاصطناعي: المسيَّرة تهاجم وحدها

في مواجهة التشويش الإلكتروني، يعمل مطوّرو FPV على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي، بهدف برمجة المسيّرة لتحديد الأهداف ومهاجمتها بشكل مستقل، دون تدخل بشري مباشر، ما يعزز فاعليتها ويزيد في الوقت نفسه من خطورتها.

تقدير استراتيجي: سلاح المستقبل .. “التنبؤ بعملية الويب”

نظرًا إلى الدور الفاعل الذي تقوم به مسيَّرات (FPV) في الأزمة الأوكرانية يرجَّح قيام طرفي الأزمة بتكثيف الاستثمارات التي تخدم تطوير هذه المسيَّرات ومضاداتها، إضافة إلى تأهيل الأفراد بصورة نظامية على كيفية التعامل معها.

وتُرجّح الدراسة أن تتوسع الدول في إدماج مسيَّرات FPV ضمن قواتها، مع تطوير أنظمة تشغيل وتدريب وصيانة خاصة بها.

كما يُتوقع أن تستثمر أطراف النزاعات القائمة – وخاصة روسيا وأوكرانيا – بشكل مكثف في تطوير هذا السلاح، إلى جانب إجراءات مضادة له.

طائرات مسيرة
استخدام الطائرات المسيرة FPV خلال العمليات العسكرية
وفي ظل التهديدات الأمنية التي تمثِّلها سهولة الوصول إلى مسيَّرات (FPV)، وإمكانية توظيفها في عمليات قد تمس الأمن الوطني، يرجَّح تشديد قيود تصدير المسيَّرات المتاحة واستيرادها تجاريًّا، مع إخضاع مشغليها لمراقبة مستمرة.

ورغم الاستخدام المتزايد لمسيَّرات FPV، فإن دخولها للمعارك لا يزال حديثًا نسبيًّا، ولم تتضح بعد كافة صور تأثيرها في الاستراتيجيات العسكرية الكبرى. ما يجعلها سلاحًا واعدًا.

اقرأ أيضاً.. “عملية الويب”.. مسيرات FPV تضرب عمق الأراضي الروسية.. هل تمتلكها دول عربية؟

زر الذهاب إلى الأعلى