دراسة عالمية: 10% فقط من علاجات مشاكل الظهر تقضي على الألم

كشفت دراسة عالمية شاملة أن معظم علاجات مشاكل الظهر غير الجراحية لا تُقدم سوى القليل من الراحة، حيث أظهرت 10% فقط منها تأثيرات تخفيف الألم.
تشير النتائج، المنشورة في مجلة الطب القائم على الأدلة الطبية (BMJ)، إلى أنه على الرغم من التنوع الكبير في العلاجات المتاحة، إلا أن القليل منها فقط يُقدم فوائد متواضعة.
يُعد ألم أسفل الظهر حالة شائعة، حيث يُصيب ستة من كل عشرة بالغين في المملكة المتحدة في مرحلة ما من حياتهم. وبينما يتعافى البعض في غضون أسابيع، يعاني آخرون من ألم مزمن لسنوات، مما يؤثر على قدرتهم على العمل والتفاعل الاجتماعي.
علاجات مشاكل الظهر: نتائج المراجعة
حلل البحث، الذي قاده الدكتور إيدان كاشين في مركز أبحاث علوم الأعصاب في أستراليا، 301 تجربة عشوائية مُحكمة نُشرت سابقًا في 44 دولة. قيّمت هذه التجارب 56 علاجًا غير جراحي مختلفًا، بما في ذلك مسكنات الألم، والوخز بالإبر، والتمدد، والتدليك، والأدوية المضادة للالتهابات، والعلاج بالليزر، وعلاج العمود الفقري.
كانت النتيجة الرئيسية أن ستة علاجات فقط من أصل 56 علاجًا خضعت للدراسة وفرت تخفيفًا ملموسًا للألم، وحتى تلك العلاجات لم تقدم سوى فوائد “ضئيلة” تتجاوز تأثير الدواء الوهمي. وتبين أن غالبية العلاجات غير فعالة، بل إن بعضها فاقمت الألم.
ما هي العلاجات الفعّالة؟
في حالة آلام أسفل الظهر الحادة، وجد الباحثون أن الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات (NSAIDs) هي العلاج الفعال الوحيد. في الوقت نفسه، أظهرت خمسة علاجات لآلام الظهر المزمنة درجة معينة من الفعالية:
- التمارين الرياضية
- العلاج التلاعبي بالعمود الفقري
- اللصقات اللاصقة
- مضادات الاكتئاب
- أدوية مستقبلات الفانيليويد 1 المحتملة العابرة (TRPV1)
علاجات غير فعالة وربما ضارة
حددت الدراسة أيضًا العديد من العلاجات غير الفعالة. في حالات آلام الظهر الحادة، وُجد أن التمارين الرياضية وحقن الجلوكوكورتيكويد والباراسيتامول غير فعالة. أما في حالات آلام الظهر المزمنة، فلم تُجدِ المضادات الحيوية والمخدرات نفعًا في تخفيف الألم.
الأهم من ذلك، وُجد أن علاجين يُحتمل أن يزيدا الألم:
- العلاج بالموجات الصدمية خارج الجسم
- دواء الكولشيسين المضاد للالتهابات
لاحظ الباحثون أن الأدلة غير قاطعة فيما يتعلق بـ 45 علاجًا آخر، مما يُصعّب تحديد فعاليتها الحقيقية.
النقاش حول العلاجات الشائعة
في حين وُجد أن العديد من العلاجات الشائعة ذات تأثير ضئيل، إلا أن بعض التدخلات أظهرت تخفيفًا متوسطًا للألم. وتشمل هذه:
- العلاج الحراري
- الوخز بالإبر
- التلاعب بالعمود الفقري
التحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد (TENS)
قد تُقدم العلاجات التقويمية العظمية، ومرخيات العضلات، ومزيج من مضادات الالتهاب غير الستيرويدية ومرخيات العضلات، أيضًا تخفيفًا طفيفًا للألم.
ومع ذلك، تُشكك هذه النتائج في الممارسات الطبية الشائعة، حيث وُجد أن التدخلات الطبية، مثل العلاج الطبيعي والتدليك ومسكنات الألم – التي يعتمد عليها المرضى غالبًا – محدودة الفعالية ما لم تُستخدم كجزء من خطة علاجية أوسع.
اقرأ أيضًا: هجرة العقول.. بريطانيا على وشك الإفلاس والانهيار المالي بسبب ترامب
ردود فعل الخبراء الطبيين
أشارت البروفيسورة كاميلا هوثورن، رئيسة الكلية الملكية للأطباء العامين، إلى أن أطباء الأسرة غالبًا ما يُحيلون مرضى آلام الظهر إلى العلاج الطبيعي كعلاج أولي. وصرحت قائلةً: “يُبلغ العديد من المرضى عن شعورهم ببعض الراحة من التدخلات – سواءً كانت طبية أم لا – التي نقترحها”.
رحب تيم باتون، رئيس الجمعية البريطانية لتقويم العمود الفقري، بالنتائج التي تُشير إلى أن علاج العمود الفقري واللصقات اللاصقة من بين العلاجات الفعالة.
قال: “يرى أعضاؤنا بشكل متزايد مرضى يعانون من آلام الظهر، وغير قادرين على العمل، وعالقين في قوائم انتظار هيئة الخدمات الصحية الوطنية”. وأضاف: “في حين أن هذا قد لا يكون دائمًا “علاجًا سحريًا”، إلا أنه بنفس فعالية العلاجات غير الجراحية الأخرى، ويساعد الناس على العودة إلى العمل والحياة الطبيعية في وقت أقرب”.
أكد متحدث باسم الجمعية المعتمدة للعلاج الطبيعي أن آلام الظهر غالبًا ما تكون متعددة العوامل، وتتراوح أسبابها بين التوتر وقلة الحركة وقلة النوم والتدخين والسمنة. وأكدوا أن ممارسة الرياضة تظل العلاج الأكثر فعالية لآلام الظهر، ويجب إدراجها في خطة رعاية شاملة إلى جانب العلاجات الأخرى.
الحاجة إلى نهج شمولي
على الرغم من هذه النتائج، يؤكد الخبراء على أنه لا يوجد علاج واحد يضمن الشفاء التام من آلام الظهر. بل إن الجمع بين عدة علاجات – بما في ذلك التمارين الرياضية الموجهة، وتعديلات نمط الحياة، واستراتيجيات إدارة الألم – قد يحقق أفضل النتائج لمن يعانون من الألم المزمن.
مع استمرار آلام الظهر كواحدة من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا في جميع أنحاء العالم، تؤكد الدراسة على أهمية العلاجات القائمة على الأدلة، والحاجة إلى مزيد من البحث في التدخلات غير الجراحية الفعالة.