دعا لانتخابات مباشرة.. هل ينجح الدبيبة في مواجهة الغضب الشعبي بـ ليبيا؟

في خضم تصاعد الاحتجاجات الشعبية، أطلق رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، دعوة مفاجئة لإجراء انتخابات مباشرة في ليبيا، مؤكدًا رفضه لأي مراحل انتقالية جديدة.

ورغم الطابع الإصلاحي الظاهري لهذه الدعوة، إلا أن توقيتها، وظروف إعلانها، وتركيبة المشهد الليبي المتأزم، تطرح تساؤلات جوهرية حول قدرة الدبيبة على تجاوز العاصفة، وتهدئة الشارع الغاضب الذي يطالبه بالرحيل.

تفاصيل دعوة الدبيبة لـ إجراء انتخابات في ليبيا

في لقاء جمعه بعدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، أكد الدبيبة أن رؤيته تقوم على “إنهاء المراحل الانتقالية عبر الذهاب المباشر إلى الانتخابات”، محذرًا من “التمديد غير الشرعي” للمؤسسات عبر تشكيل مراحل مؤقتة جديدة، في إشارة ضمنية إلى مساعي مجلس النواب لتشكيل حكومة بديلة.

ورغم تأكيده على دعم توحيد المؤسسات وتعزيز سلطة الجيش والشرطة، فإن سياق الخطاب جاء في لحظة حرجة، تتصاعد فيها دعوات الإقالة، وتتجدد فيها الاشتباكات المسلحة داخل العاصمة، ما دفع كثيرين للتشكيك في نوايا الدبيبة الحقيقية، واعتبار خطابه محاولة للهروب إلى الأمام.

احتجاجات غاضبة في طرابلس

في الأيام الأخيرة، شهدت العاصمة طرابلس مظاهرات ليلية غاضبة، رفع خلالها المحتجون شعارات تطالب بإقالة حكومة الوحدة، متهمين إياها بالفشل في تحسين الأوضاع المعيشية، والتورط في ممارسات فساد، والتقاعس عن تنظيم الانتخابات التي طال انتظارها.

واتهم المتظاهرون حكومة الدبيبة باستغلال حالة الانقسام السياسي للبقاء في الحكم، مطالبين بتشكيل حكومة مؤقتة جديدة، تتولى الإشراف على استحقاق انتخابي حقيقي ينهي سنوات من الفوضى والصراعات المسلحة.

مجلس النواب يرد على دعوة الدبيبة

من جهته، اعتبر رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، أن دعوة الدبيبة للانتخابات تفتقر إلى المصداقية، في ظل تجاوز حكومته المدة الزمنية المنصوص عليها لتسليم السلطة.

وخلال جلسة عقدها البرلمان في بنغازي، شدد صالح على أن تشكيل حكومة وطنية موحدة بات أولوية قصوى لضمان إجراء الانتخابات، مشيرًا إلى أن البرلمان أنجز القوانين الانتخابية بالتوافق مع المجلس الأعلى للدولة.

كما أعلن أن لجنة مشتركة بدأت بالفعل فرز ملفات المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، في خطوة تهدف إلى استباق أي محاولة للتمديد السياسي من قبل حكومة طرابلس، محذرًا من أن استمرار الوضع الراهن سيقود البلاد إلى الفوضى، ويهدد وحدتها واستقرارها.

هل يمكن اجراء انتخابات في ليبيا ؟

في الوقت الراهن، تستمر حالة الانقسام بين حكومتين متوازيتين: حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس بقيادة الدبيبة، والحكومة المكلفة من البرلمان في بنغازي برئاسة أسامة حماد والمدعومة من الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

هذا الانقسام السياسي والإداري جعل من مسار الانتخابات ساحة جديدة للصراع، بدلاً من أن يكون حلًا نهائيًا له.

ويصر الدبيبة على أن حكومته هي الجهة الشرعية الوحيدة المخولة بالإشراف على الانتخابات، بينما يعتبر البرلمان أن شرعيته انتهت، وأن البدء بمرحلة جديدة يتطلب تشكيل حكومة محايدة تشرف على الاستحقاق القادم.

هل يحاول الدبيبة كسب الوقت بالدعوة لـ انتخابات في ليبيا؟

رغم الطابع التصالحي لدعوة الدبيبة، إلا أن كثيرًا من المحللين يرون أنها تفتقر إلى خطة تنفيذية واضحة، وتأتي في وقت تسود فيه حالة من انعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين.

ويُخشى أن تكون هذه الدعوة محاولة لفرض أمر واقع سياسي، وقطع الطريق أمام تشكيل حكومة جديدة، ما قد يؤدي إلى تأجيج الصراع بدلًا من حله.

ويرى آخرون أن اللجوء إلى خطاب الانتخابات قد يكون وسيلة لكسب الوقت، خاصة مع تنامي الضغوط الشعبية، وتراجع الدعم الدولي لحكومة الوحدة، مقابل تصاعد الأصوات المطالبة بإعادة ترتيب المشهد التنفيذي قبل أي استحقاق انتخابي.

الدبيبة ومحاولة احتواء الغضب الشعبي

وفق مراقبون فإن دعوة عبد الحميد الدبيبة للانتخابات المباشرة، رغم ما تحمله من مضامين إصلاحية، لم تنجح حتى الآن في تهدئة الشارع، أو في إقناع خصومه السياسيين بجدية نواياه.

ومع غياب التوافق السياسي، وتراجع الأوضاع الأمنية، تبدو فرص النجاح محدودة، بل إن بعض المراقبين يرون أن هذه الدعوة قد تكون آخر ورقة يلعبها الدبيبة للبقاء في المشهد، قبل أن تجرفه موجة الغضب الشعبي، أو توافقات سياسية جديدة تقلب موازين السلطة في ليبيا.

اقرا أيضا

تدمير آخر طائرة.. لماذا تصر إسرائيل على استهداف مطار صنعاء باليمن؟

زر الذهاب إلى الأعلى