دعت لانتخابات رئاسية.. هل تفرض واشنطن خارطة طريق جديدة في ليبيا؟

تعيش ليبيا مرحلة دقيقة من عمرها السياسي، مع تصاعد الضغوط الأمريكية على مختلف الأطراف لإنهاء المرحلة الانتقالية، والتوجه لصندوق الانتخابات التي طال انتظارها منذ سنوات.
وتدفع واشنطن بقوة نحو إطلاق عملية انتخابية تبدأ باقتراع رئاسي مباشر، يتبعه استحقاق برلماني، باعتباره المسار الوحيد القادر على إخراج البلاد من حالة الانسداد التي تعصف بها منذ ديسمبر 2021.
وتأتي هذه التحركات في ظل تضاؤل قدرة الأطراف الرافضة للانتخابات على المناورة، وسط إدراك متزايد في العواصم الغربية بأن استمرار الوضع القائم لم يعد مقبولًا.
مستشار ترامب يدعو لانتخابات رئاسية في ليبيا
في تطور لافت، دعا مسعد بولس، المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشؤون الإفريقية، إلى ضرورة بدء العملية الانتخابية من الرئاسة، على أن تتبعها انتخابات برلمانية، معتبرًا أن هذا الترتيب يمثل المخرج العملي من حالة الشلل التي أصابت المشهد السياسي الليبي.
وقال بولس، في تصريحات صحفية، إن المرحلة الانتقالية أضحت عبئًا ثقيلًا على مستقبل ليبيا واستقرارها، مؤكدًا أن تنظيم انتخابات نزيهة تستند إلى إرادة الليبيين هو السبيل الوحيد لاستعادة المسار السياسي.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تتزايد فيه الدعوات إلى كسر الجدل المزمن حول أولوية الرئاسة أو البرلمان، والذي استخدم مرارًا لتبرير التأجيل، والإبقاء على حالة الجمود التي أنهكت الليبيين.
حكومة الدبيبة تواجه ضغوطًا متصاعدة
تواجه حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، انتقادات متزايدة من الداخل والخارج. ففي الوقت الذي يطالب فيه البرلمان بتشكيل حكومة جديدة.
وشهد الشارع الليبي تحركات احتجاجية تطالب برحيل الحكومة، خصوصًا بعد الاشتباكات الدامية الأخيرة في طرابلس، والتي أسفرت عن مقتل عبدالغني الككلي، الشهير بـ”غنيوة”، أحد أبرز القادة الأمنيين في العاصمة.
ورغم تصاعد الأصوات المعارضة، يواصل الدبيبة التمسك بموقفه الرافض لتغيير السلطة التنفيذية، داعيًا إلى الذهاب مباشرة نحو الانتخابات، ومحذرًا من محاولات “خلق مراحل انتقالية جديدة” تهدف إلى إطالة عمر المؤسسات الحالية.
دور أممي مرتبك وتحرك أمريكي مباشر
أداء بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لم يسلم من الانتقادات، إذ وُجّهت لها اتهامات من أطراف عدة، بينها الحكومة الموازية في الشرق، بالعجز عن حسم المسار السياسي، وبالغموض في دعم الاستحقاقات الانتخابية.
هذا الفراغ، بحسب مراقبين، هو ما دفع واشنطن إلى التحرك بشكل مباشر، من خلال لقاءات عقدها مسؤولون ليبيون مع نظرائهم الأمريكيين، إضافة إلى رسائل علنية واضحة أكدت أن بقاء الوضع الحالي لم يعد خيارًا واقعيًا.
فشل انتخابات 2021 في ليبيا
تعود جذور الأزمة الحالية إلى فشل إجراء الانتخابات الليبية التي كانت مقررة في 24 ديسمبر 2021، نتيجة الخلافات حول القوانين الانتخابية وشروط الترشح. ومنذ ذلك الحين، دخلت ليبيا في دوامة من الجمود والانقسام، تغذيها ترتيبات انتقالية غير مكتملة ومؤسسات منقسمة.
وقد ساهم هذا الوضع في انفلات أمني متكرر، تمثّل مؤخرًا في المواجهات المسلحة داخل العاصمة، ما دفع المبعوثة الأممية هانا تيتيه إلى التحذير من هشاشة الهدنة القائمة، وإمكانية انهيارها في أي لحظة.
الانتخابات أو العزلة الدولية
وفق تقارير فإن الموقف الأمريكي بات أكثر حزمًا، ويعكس قناعة واضحة بأن استمرار الوضع الراهن يُهدد الاستقرار في ليبيا والمنطقة.
وتشير التحركات الأمريكية إلى استعداد واشنطن للضغط على كافة الأطراف من أجل الدفع نحو تسوية سياسية تفضي إلى انتخابات شاملة.
وفي المقابل، تجد الأطراف الرافضة للاستحقاق الانتخابي نفسها أمام تحديات متصاعدة، خاصة مع تنامي الغضب الشعبي، واتساع الهوة بينها وبين الشارع الذي يُطالب بتغيير جذري يعيد للدولة مؤسساتها وشرعيتها.
مفاوضات جديدة على الأبواب؟
وتشير التطورات الراهنة إلى أن ليبيا مقبلة على مرحلة تفاوض سياسي جديدة، برعاية دولية وأمريكية، تهدف إلى إنهاء الانقسام، والتوصل إلى تفاهم حول القوانين الانتخابية، وجدولة الاستحقاقات.
ويرى مراقبون أن هذه المرحلة قد تكون الفرصة الأخيرة لتجنب الانهيار الكامل، ووضع البلاد على سكة الاستقرار، في حال التزمت الأطراف الليبية بمتطلبات المرحلة، وتخلت عن منطق المناورة والمكاسب الوقتية.
اقرا أيضا.. محاكمة بشار الأسد.. هل اقترب الرئيس السوري السابق من دفع فاتورة جرائمه؟