دعوة للحوار وحل توافقي في الصحراء.. هل تبدأ صفحة جديدة بين المغرب والجزائر؟
ألقى العاهل المغربي الملك محمد السادس مساء الثلاثاء، بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لجلوسه على العرش، كلمة شملت رسائل داخلية وخارجية، أبرزها تجديد دعوته إلى الجزائر من أجل “حوار صريح ومسؤول”، بالتوازي مع تأكيده على تمسك المملكة بمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي للنزاع في الصحراء الغربية.
ويأتي الخطاب في لحظة إقليمية دقيقة تتقاطع فيها المصالح والرهانات، وسط استمرار القطيعة الدبلوماسية بين الرباط والجزائر منذ أغسطس 2021، وتجميد المفاوضات الأممية حول النزاع الصحراوي منذ عام 2019.
ملك المغرب يمد يده لـ الجزائر مجددًا
وقال الملك محمد السادس إن المغرب “دائم الاستعداد للحوار الجاد والمسؤول مع الجزائر”، مبرزًا أن هذا التوجه ينبع من “إيمان راسخ بوحدة الشعوب المغاربية وقدرتها على تجاوز الخلافات والظروف الصعبة”، في إشارة واضحة إلى دعوة مفتوحة لاستئناف العلاقات.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يوجه فيها العاهل المغربي هذه الدعوة، إذ سبق أن أطلق مبادرات مماثلة منذ عام 2018، من دون أن تلقى استجابة من الجانب الجزائري الذي اتهم الرباط حينها بـ”أعمال عدائية”، وهو ما تنفيه المملكة باستمرار وتصفه بـ”الادعاءات المجانية”.
ورغم انقطاع العلاقات الدبلوماسية، حافظت الرباط على خطاب يدعو إلى التهدئة والتعاون، معتبرة أن استقرار المغرب العربي لا يمكن أن يتحقق إلا بإعادة بناء الثقة بين البلدين الأكبر في المنطقة.
الصحراء الغربية بين الجزائر والمغرب
وفي ملف الصحراء الغربية، أكد الملك تمسك بلاده بـ”حل توافقي يرضي الجميع ويحفظ ماء الوجه”، مضيفًا أن مبادرة الحكم الذاتي تبقى “الأساس الوحيد والجاد والواقعي” لحل هذا النزاع الطويل.
وأعرب عن ارتياحه لما وصفه بـ”تزايد الدعم الدولي” لمقترح الحكم الذاتي، مشيرًا إلى أن دولًا مثل المملكة المتحدة والبرتغال أعلنت مؤخرًا دعمها للمبادرة المغربية، لتنضما بذلك إلى الولايات المتحدة التي اعترفت بسيادة المغرب على الصحراء في 2020، وفرنسا التي ساندت المقترح صراحة هذا العام.
ويرى مراقبون أن هذا الدعم يعزز من موقف المغرب داخل الأمم المتحدة وفي المفاوضات المحتملة، في حين لا تزال جبهة البوليساريو تطالب باستقلال الإقليم، بدعم سياسي ولوجستي من الجزائر.
المفاوضات مجمدة منذ 2019
رغم التحركات الدبلوماسية المتسارعة، لا تزال الأمم المتحدة تعتبر الصحراء الغربية من “المناطق غير المتمتعة بالحكم الذاتي”، وتدعو كافة الأطراف إلى العودة لطاولة الحوار “من دون شروط مسبقة”، في محاولة للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول.
ويُتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تحركات أممية جديدة، خصوصًا مع ازدياد الضغوط الغربية لاستئناف المفاوضات المتوقفة منذ نحو ست سنوات، ما يفتح الباب أمام احتمال إعادة إطلاق العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة.
عفو ملكي استثنائي يشمل أكثر من 19 ألف معتقل
وفي بُعد داخلي لافت، أعلنت وزارة العدل المغربية عن إصدار عفو ملكي استثنائي شمل أكثر من 19,600 شخص، ما بين معتقلين وملاحقين أمام القضاء، بمناسبة عيد العرش.
ويُعد هذا العفو الأوسع منذ عام 2009، حين شمل نحو 25 ألف شخص، ويعكس – بحسب المراقبين – رغبة المؤسسة الملكية في تعزيز الثقة بين المواطن والدولة، وتخفيف العبء عن السجون، وفتح صفحة جديدة مع عدد من الفئات الاجتماعية.
اقرأ أيضا
زلزال مدمر وتسونامي.. ماذا حدث في كامتشاتكا بـ روسيا وما علاقة أمريكا | شاهد