دمشق وتل أبيب على طاولة واحدة.. هل بدأ مسار التطبيع العلني بين سوريا وإسرائيل؟

في خطوة مفاجئة وغير مسبوقة، اجتمع مساء الخميس في العاصمة الفرنسية باريس كل من وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، على طاولة واحدة، بوساطة مباشرة من المبعوث الأمريكي إلى سوريا توم براك، في مؤشر مثير لاحتمال انطلاق مسار تطبيع علني بين دمشق وتل أبيب.

وأعلن المبعوث الأمريكي، توم براك، في منشور له على منصة “إكس” أنه التقى “المسؤولين السوريين والإسرائيليين في باريس”، مشدداً على أن اللقاء هدفه “الحوار وتهدئة الأوضاع”.

ولم يتطرق براك إلى تفاصيل إضافية، إلا أن مصادر دبلوماسية فرنسية رفيعة كشفت لوكالة “فرانس برس” أن الاجتماع تم بتنسيق مباشر من الجانب الأمريكي، مع اطلاع رسمي من وزارة الخارجية الفرنسية.

وأكد المصدر الفرنسي أن اللقاء جاء كخطوة أولى ضمن سلسلة مشاورات يجري الترتيب لها بهدف خفض التصعيد في جنوب سوريا، خاصة بعد اندلاع موجة عنف غير مسبوقة في محافظة السويداء.

اشتباكات السويداء تدفع نحو الحوار بين سوريا وإسرائيل

الاشتباكات التي اندلعت في محافظة السويداء، منذ 13 يوليو الجاري، بين مسلحين من أبناء الطائفة الدرزية وآخرين من البدو، تطورت سريعاً إلى مواجهات مفتوحة تدخلت فيها القوات الحكومية ومسلحو العشائر، وأسفرت عن مقتل أكثر من 1200 شخص خلال أسبوع واحد، بحسب منظمات محلية.

وزادت الأوضاع تعقيداً بعدما نفذت إسرائيل سلسلة ضربات جوية استهدفت مقار رسمية في دمشق وأهدافاً عسكرية في السويداء، في محاولة منها – وفق تحليلات – لتقويض النفوذ الإيراني وحلفائه في الجنوب السوري.

سوريا الجديدة وإسرائيل

منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، وتولي حكومة انتقالية بقيادة أحمد الشرع إدارة البلاد، بدأت ملامح تحول استراتيجي تظهر في السياسات الخارجية السورية.

اللقاء مع وزير إسرائيلي، ولو خلف الأبواب المغلقة، يشير إلى أن الخطاب التقليدي المعادي لإسرائيل قد لا يكون ثابتا في المرحلة المقبلة.

ويرى مراقبون أن الحكومة الجديدة تسعى لإعادة صياغة علاقاتها الإقليمية والدولية، في ظل اشتراطات أمريكية واضحة تتعلق بالتطبيع مع إسرائيل كمدخل محتمل لتخفيف العقوبات وإعادة دمج سوريا في النظام الدولي.

هل بدأ التطبيع العلني بين سوريا وإسرائيل

رغم أن اللقاء لم يُعلن كخطوة تطبيعية رسمية، إلا أنه يطرح تساؤلات جدية حول ما إذا كانت سوريا الجديدة بصدد الدخول في مسار تفاوضي طويل الأمد مع إسرائيل، على غرار ما جرى مع دول عربية أخرى خلال السنوات الماضية.

ويؤكد مقربون من دوائر دبلوماسية غربية أن واشنطن وباريس ترغبان في تحويل الجنوب السوري إلى “نقطة توازن”، بعيداً عن النفوذ الإيراني، تمهيداً لتسويات أوسع تشمل ملفات أمنية وسياسية واقتصادية.

 جس نبض أم اختراق حقيقي؟

ما جرى في باريس ليس مجرد اجتماع عابر، بل يمثل مؤشراً على تغير في قواعد اللعبة داخل سوريا وخارجها. فهل كانت طاولة باريس منصة لجس النبض؟ أم بداية اختراق حقيقي في جدار الصراع السوري-الإسرائيلي؟

الإجابات ربما لا تكون فورية، لكن من الواضح أن التحالفات القديمة تتفكك، ومسارات التطبيع تتسلل من خلف الكواليس نحو الضوء.

اقرأ أيضا: انسحاب أمريكي يطيح بآمال الهدنة.. إلى أين تتجه غزة؟

زر الذهاب إلى الأعلى