دودة القز تحول قرية مصرية من الفقر المدقع للاكتفاء الذاتي
خضعت قرية نجع عوني، وهي قرية صغيرة في محافظة البحيرة في مصر، لتحول ملحوظ على مدى العقد الماضي، بفضل مشروع لحصاد دودة القز. وبعد أن كانت تعتمد على المساعدات الخارجية، أصبحت الآن مثالاً على كيف يمكن لمبادرات التنمية المحلية تحسين سبل العيش والحد من الفقر وخلق فرص عمل مستدامة.
وبحسب تقرير صحيفة تشاينا ديلي نيوز، من بين المحركات الرئيسية وراء هذا التحول مشروع حصاد دودة القز الذي قاده الصياد السابق رجب عوض، والذي وفر فرصًا جديدة للنمو الاقتصادي والاكتفاء الذاتي في القرية.
من الاعتماد إلى الاكتفاء الذاتي: مشروع دودة القز – رؤية للتغيير
عام 2016، لجأ رجب عوض، سعياً منه إلى تنشيط نجع عوني، إلى مصدر إلهام غير متوقع: دودة القز. وأدرك عوض أن نقاط القوة الزراعية في القرية يمكن الاستفادة منها من خلال زراعة أشجار التوت، المصدر الغذائي الأساسي لدودة القز، لإنتاج الحرير.
أقرا أيضا.. ثلاثة أصناف مصرية ضمن قائمة أفضل 20 طبق حلوى حول العالم
كان هدف رجب عوض النهائي هو خلق فرص العمل، وخاصة للشباب، والحد من الفقر. وأوضح عوض، “لا نريد أن نكون عبئًا على المجتمع. نريد بناء مجتمعنا وخلق فرص العمل”، مما يعكس رغبة عميقة الجذور في التمكين المحلي.
بدأ مشروع عوض بشراء 18000 بيضة دودة القز، وعلى الرغم من الخسائر الأولية بسبب قلة الخبرة، فقد استمر. وقد أثمر منحنى التعلم الخاص به، بمساعدة مشاهدة مقاطع فيديو عبر الإنترنت لمزارعين صينيين، في النهاية. وبحلول عام 2024، كانت ورشة عمل عوض تنتج 720 كيلوجرامًا من الحرير سنويًا، وهو إنجاز كبير لقرية كانت تعتمد ذات يوم على المساعدات الخارجية لتلبية الضروريات الأساسية.
المشاركة المجتمعية والتأثير الاقتصادي
لا يقتصر نجاح عوض على نجاحه؛ بل أصبح جهدًا جماعيًا. فمن مارس إلى يوليو من هذا العام، قام بتربية 125000 دودة قز وحتى التبرع بمئات منها لربات البيوت المحليات. هذه النساء، اللواتي كانت فرصهن الاقتصادية محدودة في السابق، يبيعن الآن شرانقهن إلى عوض، ويكسبن دخلاً مستدامًا.
لم تعمل هذه المبادرة على تمكين المرأة فحسب، بل خلقت أيضًا تأثيرًا مضاعفًا في الاقتصاد المحلي، حيث أصبحت العديد من الأسر قادرة الآن على تحمل تكاليف التعليم والاحتياجات الأساسية الأخرى.
تشير آراء الخبراء إلى أن مشاريع التنمية المحلية، مثل مبادرة دودة القز، تلعب دورًا حاسمًا في التخفيف من حدة الفقر من خلال تزويد القرويين بمصدر دخل مرتبط بشكل مباشر ببيئتهم الطبيعية ومهاراتهم الزراعية، فإن مشاريع مثل هذه تخلق سبل عيش مستدامة تكسر حلقة الفقر.
دور الحكومة المصرية: مبادرة حياة كريمة
لفت تحول نجع عوني انتباه الحكومة المصرية. في ظل مبادرة حياة كريمة للرئيس عبد الفتاح السيسي، التي أطلقت في عام 2019، تلقت القرية دعمًا حكوميًا كبيرًا. تم بناء الطرق والمدارس والعيادات، وتم تمديد الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء وأنظمة الصرف الصحي إلى القرية. إن هذا الاستثمار في البنية الأساسية يكمل المبادرات المحلية مثل مبادرة عوض، مما يساعد في دعم التنمية طويلة الأجل.
إن دعم الحكومة يتماشى مع الاستراتيجيات الوطنية الأوسع نطاقاً التي تهدف إلى التنمية الريفية. تهدف مبادرة الحياة اللائقة إلى تحسين الظروف المعيشية في أكثر من 4000 قرية في جميع أنحاء مصر. في نجع عوني، كان التأثير ملموساً، حيث يعيش القرويون الآن في منازل مطورة مصنوعة من الطوب والأسمنت، وهو تناقض صارخ مع منازل الطوب اللبن في الماضي.
نجاح هذه الجهود يتجلى بشكل أفضل في القصص الشخصية للقرويين مثل إسماعيل إبراهيم وفرح عبد الملك. إبراهيم، وهو قروي يبلغ من العمر 32 عامًا، يتأمل التغييرات الدرامية: “لقد عشنا في فقر مدقع لسنوات عديدة، وحتى وقت قريب، كان من الصعب تحمل تكاليف الطعام أو دفع تكاليف تعليم أطفالي. إن رعاية الديدان بسيطة وسهلة، والإنتاج سخي”.
عبد الملك، عامل يبلغ من العمر 19 عامًا في ورشة عمل عوض، يشاطرنا مشاعر مماثلة. بعد أن تركت المدرسة بسبب القيود المالية، تكسب الآن راتبًا ثابتًا من خلال تدريب الآخرين على حياكة الحرير. تقول: “إن رؤية السجادة كمنتج نهائي هي لحظة سعادة بالنسبة لي”، معربة عن أملها في عرض منتجاتها يومًا ما في المعارض الدولية. وتؤكد هذه القصص كيف يمكن لمشاريع التنمية المحلية أن تحول حياة الناس، ولا تقدم الوظائف فحسب، بل والكرامة والشعور بالهدف.