دولة إسلامية تساعد روسيا بطائرات مسيرة في حربها على أوكرانيا.. ما هي ومدى قوتها وتطورها؟

كشفت الدفاعات الأوكرانية مؤخرًا عن نسخة روسية متطورة من الطائرة المُسيّرة “شاهد-136″، مزودة بأنظمة ذكاء اصطناعي وقدرات ملاحة واتصال متقدمة .. وهذا التطوير اللافت يُجسّد مسعى روسيا للتحوّل من الاعتماد على المسيرات الإيرانية المستوردة إلى إنتاج محلي ذي طابع معياري منخفض الكلفة، قادر على تحدي الدفاعات الجوية المتقدمة حول العالم.
المسيرة شاهد تُنتج في روسيا تحت رعاية “إيران”
رغم التحوّل الظاهري نحو الإنتاج المحلي، فإن إيران “الدولة الإسلامية” تُشكّل ركيزة أساسية في البرنامج الروسي للطائرات المسيّرة، خصوصًا في مراحل التصميم والتطوير الأولي.
فطائرة “شاهد-136” هي بالأساس مسيرة إيرانية التصميم، وتشير المصادر إلى أن طهران نقلت إلى موسكو خطوط إنتاج كاملة، بما في ذلك المعدات الهندسية والبرمجيات المرتبطة بأنظمة التوجيه والملاحة.
وتشير تقارير استخباراتية غربية إلى أن خبراء إيرانيين يعملون في منشآت الإنتاج الروسية مثل “ألابوغا”، لتقديم الدعم الفني وضمان استمرارية التصنيع، في تحدٍ مباشر للعقوبات الدولية.
ويُرجّح أن إيران لا تكتفي بتوريد التكنولوجيا فحسب، بل تقدم أيضًا التدريب الفني والخبرة التشغيلية، مما يُعزّز قدرة روسيا على تطوير نماذج محسّنة من الطائرات المُسيّرة، ويوسّع في الوقت ذاته نفوذ طهران في قلب الصراع الأوروبي.
وقد أنشأت روسيا خلال عام 2023 مرافق إنتاج ضخمة في المنطقة الصناعية الخاصة بـ”ألابوغا” في تتارستان، قبل أن توسّع الإنتاج إلى منشأة “كوبول” في إيجيفسك، مما أدى إلى إنتاج أكثر من 26,000 طائرة حتى منتصف 2025.
وتشير التقديرات إلى قدرة يومية تصل إلى 190 طائرة، وهو رقم يكشف عن نضوج الصناعة العسكرية الروسية.
وتميّزت الطائرات المنتجة بعلامات تسلسلية مختلفة، ما يدل على لا مركزية مدروسة لتقليل خطر الاستهداف، بينما أظهرت صور الأقمار الصناعية توسعًا لافتًا للمنشآت، شمل تغطية نحو 1.39 كيلومتر مربع بأبنية جديدة.
مكونات محلية واتصالات هجومية داخل أوكرانيا
اعتمدت النسخ الأخيرة من “شاهد-136” على بطاقات SIM روسية غير موسومة للتخفي، ما يسمح لها بالاتصال بشبكات الهاتف المحمول الأوكرانية ونقل بيانات فورية، في تكتيك يستهدف جمع معلومات استخباراتية حية عن الدفاعات الجوية.
ورغم هذا التقدّم، لا تزال بعض المكونات تُستورد عبر أسواق رمادية من دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا وتايوان، مما يطرح تساؤلات عن استدامة الإنتاج تحت الضغط الغربي.

قفزة تكنولوجية: شاهد النسخة الروسية الحديثة
شهدت النسخة الروسية الجديدة، المعروفة باسم “MS”، تحسينات كبيرة شملت أنظمة تصوير حراري، معالجات ذكاء اصطناعي من نوع Nvidia Jetson Orin، وهوائيات CRPA مقاومة للحرب الإلكترونية، تُمكنها من التنقل وتحديد الأهداف حتى دون إشارات GPS.
وأصبح بالإمكان تجهيزها برؤوس حربية متنوعة تتراوح بين 50 و90 كجم، منها متفجرات ومواد حارقة، ما يتيح ضرب أهداف محصنة أو بنى تحتية حيوية.
حرب غير متكافئة: 20 ألف دولار مقابل 4 ملايين
تكلفة كل طائرة “شاهد-136” تتراوح بين 20 و200 ألف دولار، وهو جزء يسير مقارنة بصواريخ الدفاع الجوي مثل “باتريوت” الذي يصل سعره إلى 4 ملايين دولار.
وتعتمد روسيا على تكتيك الإغراق بأسراب ضخمة، كما حدث في هجوم 17 يونيو 2025 حين أطلقت 104 طائرات دفعة واحدة.
رغم إسقاط معظمها، إلا أن الضغط الاقتصادي على أوكرانيا كان واضحًا، حيث يتطلب التصدي لها ذخائر باهظة الثمن، ما يُظهر الفعالية الاقتصادية والتكتيكية لهذه المنصات.
شاهد كمنصة معيارية: تعددية المهام والتصدير المحتمل
تحوّلت “شاهد-136” من ذخيرة متسكعة انتحارية إلى منصة مرنة تُستخدم في الاستطلاع، أو الطلعات الانتحارية، أو حتى كطُعم دفاعي. هذا يجعلها مغرية للأسواق الدولية، خاصة في الدول التي تعاني من العقوبات أو محدودية الميزانيات.
رغم عدم وجود عقود تصدير مُعلنة حتى الآن، إلا أن سجلها القتالي في أوكرانيا يُشكل ورقة تسويق قوية، رغم مخاطر العقوبات الغربية التي قد تعيق انتشارها خارجياً.

من الاستيراد إلى التصنيع المحلي
يشير التحوّل الروسي من الاستيراد إلى الإنتاج المحلي، بالتوازي مع إدماج مكونات عالية التقنية، إلى تنامي قدرات موسكو الصناعية.
إلا أن غياب براءات اختراع ملموسة، والاعتماد الجزئي على إلكترونيات غربية، يعكس أن هذا الابتكار لا يزال قائمًا على التكيّف والتحسين أكثر من كونه تطويرًا أصيلاً.
العالم في عصر الطائرة الرخيصة القاتلة
مع قدرة روسيا على إنتاج 190 طائرة شاهد يومياً، يتزايد التهديد الذي تمثّله هذه الطائرات منخفضة التكلفة.
في الوقت ذاته، يُشكّل هذا الاتجاه تحديًا استراتيجيًا للدول الغربية التي تعتمد على أنظمة دفاع جوي عالية الكلفة.
ولعل أبرز ما يُمثله هذا التحوّل، هو إدخال “الديمقراطية” إلى الحرب الجوية، عبر تمكين دول غير متقدمة تقنيًا من امتلاك قوة نيرانية فعّالة، ومربكة، وذكية.
اقرأ أيضاً.. دولة عربية تمتلك أفضل طائرة مقاتلة شبحية| مفاجأة غير متوقعة