دولة عربية تطالب بـ10 مليارات دولار لدعم جيشها.. ما ترتيبها عالميًا؟

أطلق الرئيس اللبناني جوزاف عون نداءً واضحًا وصريحًا للمجتمع الدولي من أجل تقديم دعم مباشر ومستدام للجيش اللبناني، في إطار خطة طموحة تستهدف إعادة بناء المؤسسة العسكرية وتعزيز سيطرتها على القرار الأمني والعسكري في البلاد، في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تُثقل كاهل الدولة اللبنانية.

جاءت دعوة عون خلال كلمة ألقاها من مقر وزارة الدفاع بمناسبة عيد الجيش، حيث أكد ضرورة توحيد السلاح تحت راية الدولة، مطالبًا كافة القوى السياسية، وفي مقدمتها “حزب الله”، بتسليم سلاحها إلى المؤسسة العسكرية، وتغليب منطق الدولة على منطق الميليشيات.

رئيس لبنان يعلن دعم الجيش بـ10 مليارات دولار

كما أعلن عن نية بلاده التقدم بمبادرات إلى مجلس الوزراء تتضمن وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية المحتلة، وترسيم الحدود البرية والبحرية مع سوريا بدعم أمريكي وفرنسي وسعودي، فضلًا عن خطة دعم دولي مباشر للجيش بقيمة مليار دولار سنويًا ولمدة عشر سنوات، ليبلغ إجمالي الدعم المرتقب 10 مليارات دولار.

القدرات العسكرية للجيش اللبناني وترتيبه عالميًا

وفقًا لمؤشر “جلوبال فاير باور” لعام 2025، يحتل الجيش اللبناني المرتبة رقم 115 من بين 145 جيشًا حول العالم، ويصنف في المرتبة 42 آسيويًا و15 إقليميًا على مستوى الشرق الأوسط.

ورغم أن هذه المرتبة تعكس محدودية قدراته مقارنة بجيوش دول الجوار، إلا أن الجيش اللبناني يبقى المؤسسة السيادية الوحيدة التي تحظى بثقة شريحة واسعة من اللبنانيين، ما يجعله حجر الزاوية في أي مشروع لإعادة بناء الدولة.

الجيش يضم نحو 160 ألف عنصر، بينهم 60 ألف فرد في الخدمة الفعلية، و35 ألف عنصر احتياطي، بالإضافة إلى 65 ألف عنصر شبه عسكري، ما يجعله من حيث العدد قوة معتبرة على الصعيد الوطني، خاصة بالنظر إلى عدد سكان لبنان البالغ 5.3 مليون نسمة، منهم نحو 1.7 مليون فرد يصلحون للخدمة العسكرية.

القوات الجوية .. محدودية في التسليح والمهام

تصنف القوات الجوية اللبنانية في المرتبة 74 عالميًا، وتضم نحو 80 طائرة متنوعة، بينها 36 طائرة هجومية و64 طائرة تدريب و68 مروحية عسكرية.

لبنان سلاح الجو طائرات
طائرات A-29 سوبر توكانو الهجومية العاملة بالجيش اللبناني

إلا أن معظم الطائرات تعود إلى طرازات قديمة نسبياً، وتعتمد في صيانتها وتسليحها على المساعدات الأجنبية، ما يحدّ من فعاليتها القتالية، خاصة في ظل غياب منظومات دفاع جوي حديثة أو طائرات مقاتلة متطورة قادرة على فرض السيادة الجوية في أوقات الأزمات.

القوات البرية .. قوة محدودة في القدرات الثقيلة

تمتلك القوات البرية اللبنانية 116 دبابة، تجعلها في المرتبة 64 عالميًا في هذا المجال، إلى جانب 4538 مركبة عسكرية تُستخدم في النقل والدعم، وهي مصنفة في المرتبة 70 عالميًا.

كما يملك الجيش 12 مدفعًا ذاتي الحركة (المرتبة 64)، و353 مدفعًا مقطورًا (المرتبة 32)، إضافة إلى 11 راجمة صواريخ (المرتبة 66)، وهي أرقام تعكس ضعف القدرة النارية الثقيلة، خصوصًا في مواجهة أي تهديدات خارجية أو عمليات واسعة النطاق.

القوات البحرية .. دور أمني أكثر منه قتالي

على مستوى البحرية، يملك لبنان أسطولًا صغيرًا مكونًا من 64 وحدة بحرية، بينها 61 سفينة دورية، ما يجعله يحتل المرتبة 44 عالميًا، متقدماً عددياً على البحرية الإسرائيلية التي تحتل المرتبة الـ49 عالمياً ب62 قطعة بحرية ولكنها تتفوق في نوعية القطع ما بين فرقاطات وكورفيتات وغواصات.

قطع بحرية لبنانية – أرشيفية

كما تتفوق البحرية اللبنانية على نظيرتها السعودية في الترتيب، حيث تحتل الرياض المرتبة الـ67 عالمياً بـ32 قطعة بحرية فقط.

هذا الأسطول موجه بالدرجة الأولى لمهام المراقبة الساحلية وحماية الموانئ، دون امتلاك فرقاطات أو غواصات أو زوارق صاروخية متطورة. ومع ذلك، يمثل هذا الأسطول عنصرًا مهمًا في مكافحة التهريب وضبط الحدود البحرية.

البنية التحتية والدعم اللوجستي

يمتلك لبنان 8 مطارات، وشبكة سكك حديدية تمتد على أكثر من 400 كيلومتر، إلى جانب شبكة طرق عامة تُقدر بـ 22 ألف كيلومتر.

كما يشغل أسطولًا تجاريًا يضم 51 سفينة تعمل عبر خمسة موانئ كبرى، ويُعد هذا الأسطول من مكونات الدعم اللوجستي الاستراتيجي للدولة، لا سيما في حالات الطوارئ أو الأزمات الممتدة.

الإنفاق العسكري .. فجوة بين الطموح والواقع

بالرغم من الطموحات الكبرى، فإن ميزانية الجيش اللبناني لا تتجاوز 768 مليون دولار سنويًا، ما يضعه في المرتبة 97 عالميًا من حيث الإنفاق الدفاعي.

هذا الرقم يعكس هشاشة الموارد العسكرية، ويُفسّر اعتماد المؤسسة العسكرية على الدعم الخارجي في التدريب والتسليح والصيانة، الأمر الذي يجعل أي مبادرة دولية لضخ تمويل مستدام – كما دعا عون – بمثابة رافعة حيوية لإعادة تأهيل الجيش.

هل الدعم الدولي كافٍ لإنهاء هيمنة “السلاح خارج الدولة”؟

في ظل الوضع القائم، يبدو أن أي مشروع لإعادة الاعتبار إلى الجيش اللبناني لا يمكن أن ينجح دون ثلاثة شروط أساسية ومنها تدفق دعم مالي حقيقي ومنتظم لإعادة تسليح الجيش وتحديث معداته.

وكذلك وجود إجماع داخلي على حصرية القرار العسكري بيد الدولة، وهو ما يتطلب تفكيك البُنية العسكرية الموازية لحزب الله، فضلاً عن دعم سياسي دولي وإقليمي لتثبيت الشرعية اللبنانية وردع التهديدات الإسرائيلية المحتملة.

مبادرة تصطدم بعقبات داخلية

المبادرة التي تقدم بها الرئيس عون، والتي تشمل دعمًا ماليًا مباشرًا بقيمة مليار دولار سنويًا، تمثل خطوة استراتيجية مهمة نحو استعادة الدولة اللبنانية لوظائفها السيادية.

غير أن التطبيق العملي لهذا المقترح سيصطدم بعقبات داخلية تتعلق بالتوازنات الطائفية والسياسية، وأخرى خارجية ترتبط بالانقسام الدولي حول مستقبل حزب الله ودوره في لبنان.

لكن يبقى الثابت أن أي نهضة لبنانية حقيقية تبدأ من جيش قوي وموحّد، قادر على فرض السيادة، وتأمين الحدود، وضمان الأمن الداخلي دون الحاجة لسلاح خارج عن إطار الدولة.

اقرأ أيضًا.. دولة عربية تتفاوض على صواريخ متطورة من هذه البلد رغم فشل منظومتها في حربها الأخيرة

زر الذهاب إلى الأعلى