دول بريكس تدرس تقنين عملة مُشفرة بديلة للدولار في التبادل التجاري
عملة مشفرة بديلة للدولار.. تشهد الساحة الاقتصادية العالمية تحولات جذرية في ظل السعي المتزايد لبعض الدول للتحرر من هيمنة الدولار الأمريكي على التجارة الدولية.. وفي هذا السياق، تبرز مجموعة دول البريكس (BRICS) كمحور رئيسي في هذا التحول، حيث تدرس بجدية إمكانية اعتماد العملات المشفرة كبديل للدولار في معاملاتها التجارية.
اقرأ أيضا.. أسعار الذهب تميل للارتفاع بشكل أسرع.. التفاصيل
تقود روسيا هذه المبادرة، مدفوعة برغبتها في تجاوز العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.. وقد قدمت مقترحات طموحة لتعديل نظام المدفوعات عبر الحدود بين دول البريكس، تهدف إلى إنشاء نظام مالي بديل يحمي اقتصادات هذه الدول من الضغوط الخارجية.
عملة مشفرة بديلة للدولار
من بين الحلول المطروحة، يبرز استخدام تقنية السجلات الموزعة (DLT) كأحد أهم الابتكارات.. هذه التقنية تتيح إنشاء منصة متعددة الجنسيات تسمح بإجراء التسويات باستخدام الرموز المشفرة.. الميزة الرئيسية لهذا النموذج هي القدرة على تحييد مخاطر الائتمان المرتبطة بالنظام المصرفي التقليدي، بالإضافة إلى تقليل أوقات المعالجة والتكاليف بشكل كبير.
وفقًا للتقديرات الواردة في تقرير أعدته وزارة المالية الروسية وبنك روسيا المركزي، فإن اعتماد هذه التقنية في نصف إجمالي التحويلات عبر الحدود بين دول البريكس قد يوفر ما يصل إلى 15 مليار دولار سنويًا، هذا الوفر الكبير يأتي نتيجة إلغاء الحاجة إلى الكيانات الوسيطة وفحوصات الامتثال للقوانين التي تتطلبها الأنظمة التقليدية.
إلى جانب العملات المشفرة، تتضمن المقترحات الروسية أيضًا إنشاء شبكة من البنوك التجارية قادرة على إجراء المعاملات بالعملات المحلية، وبناء روابط مباشرة بين البنوك المركزية لدول البريكس، كما تشمل الخطة إنشاء مراكز للتبادل التجاري للسلع الأساسية مثل النفط والغاز الطبيعي والحبوب والذهب، مما قد يشكل تحديًا كبيرًا لهيمنة الدولار في أسواق السلع العالمية.
رغم الحماس الروسي لهذه المبادرات، تجدر الإشارة إلى أن باقي دول البريكس لا تزال تعطي الأولوية للوصول إلى النظام المالي القائم على الدولار فعلى المستوى العالمي، لا يزال الدولار الأمريكي يهيمن على 58% من المدفوعات الدولية و54% من الفواتير التجارية الخارجية حتى نهاية عام 2022.
مع ذلك، فإن توسع مجموعة البريكس لتشمل دولًا جديدة مثل إيران والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا ومصر قد يعزز من فرص نجاح هذه المبادرات.. ومن المتوقع أن تكون هذه القضايا محور نقاش رئيسي خلال القمة السنوية لدول البريكس المقرر انعقادها في مدينة كازان الروسية من 22 إلى 24 أكتوبر الجاري.
يبدو أن التحول نحو العملات المشفرة في التبادل التجاري بين دول البريكس هو احتمال وارد بقوة، خاصة مع الضغوط المتزايدة على بعض هذه الدول للتحرر من هيمنة الدولار.. ومع ذلك، فإن نجاح هذا التحول سيعتمد على مدى استعداد جميع الأطراف للمشاركة في هذه المبادرات الجديدة، وقدرتها على التغلب على التحديات التقنية والتنظيمية المرتبطة بتبني هذه التقنيات الحديثة في المعاملات الدولية.