دول العالم تخاطب أمريكا لتخفيض الرسوم الجمركية.. هل يستجيب ترامب؟

القاهرة (خاص عن مصر)- تواصلت أكثر من 50 دولة مع البيت الأبيض، معربةً عن اهتمامها ببدء محادثات تجارية، لتخفيض الرسوم الجمركية، وفقًا لكيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني الأمريكي.
في مقابلة مع برنامج “هذا الأسبوع” على قناة ABC News، أكد هاسيت أن هذه الدول تسعى لبدء مفاوضات مع الولايات المتحدة، مدفوعةً بقضية الرسوم الجمركية الملحة.
الرسوم الجمركية: دوافع التواصل
تعكس تعليقات هاسيت تحولًا عالميًا كبيرًا في ديناميكيات التجارة. وأشار إلى أن العديد من الدول تسعى لإجراء محادثات تجارية لأنها تدرك العبء المالي الذي تتحمله بسبب الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة. وأوضح أن هذه الرسوم مصممة لتشجيع الدول الأخرى على معالجة الحواجز التجارية غير العادلة.
مع ذلك، أكد هاسيت أن هذه التعريفات، التي قد تصل إلى 50%، قد لا تؤثر بشكل مباشر على المستهلكين في الولايات المتحدة، إذ تعاني هذه الدول من “عرض غير مرن للغاية” وتلجأ إلى إغراق السوق بالسلع لخلق فرص عمل، لا سيما في الصين.
ورغم التحولات الاقتصادية التي أحدثتها هذه التعريفات، نفى هاسيت أن تكون جزءًا من استراتيجية أوسع نطاقًا للرئيس ترامب لتدمير الأسواق المالية أو الضغط على الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة. وأكد أنه لن يكون هناك “إكراه سياسي” للبنك المركزي.
التعريفات الجمركية وتداعياتها على الاقتصاد
أثارت التعريفات الجمركية جدلاً حادًا حول آثارها طويلة المدى. تواجه السلع المستوردة من عشرات الدول ضرائب أعلى، مع احتمال ارتفاع تكلفة كل شيء من المركبات إلى الإلكترونيات. وفي حين أن هذه التعريفات مصممة لمعاقبة الدول على ما يُفترض أنها اختلالات تجارية، وخاصة تلك التي تحد من الصادرات الأمريكية، إلا أن استمرارها لا يزال غير مؤكد.
توقعت شركات التجزئة الأمريكية العملاقة ارتفاع أسعار المستهلك على الأرجح، لا سيما بعد فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الصادرات من المكسيك إلى الولايات المتحدة. ويتزايد القلق بشأن آثار هذه الرسوم، حيث يحذر الخبراء من ركود محتمل يغذيه ارتفاع التضخم وتراجع التجارة العالمية.
النقاش الاقتصادي: المكاسب قصيرة الأجل مقابل المخاطر
جادلت إدارة الرئيس ترامب بأن أي صدمة اقتصادية قصيرة الأجل ستُعوّضها الفوائد طويلة الأجل لإعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة وزيادة الإيرادات الضريبية. ومع ذلك، يحذر المنتقدون من أن هذه الاستراتيجية قد تأتي بنتائج عكسية.
اقرأ أيضًا: كيف وحدت رسوم ترامب الجمركية العالم ضد أمريكا ؟ نظام تجاري عالمي جديد
مخاوف من ركود محتمل وتداعيات سياسية
أثارت حالة عدم اليقين المحيطة بالرسوم الجمركية قلقًا حتى داخل الحزب الجمهوري. وحذر السيناتور تيد كروز من تكساس مؤخرًا من أن فرض هذه الرسوم الجمركية لفترات طويلة قد يدفع البلاد إلى ركود حاد، مما قد يكون له عواقب وخيمة على الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي المقبلة لعام 2026.
في ظهور له على بودكاست “فيرديكت”، أعرب كروز عن مخاوفه من حرب تجارية عالمية قد “تدمر الوظائف” في الولايات المتحدة و”تُلحق ضررًا حقيقيًا بالاقتصاد”.
أقرّ بأن الولايات المتحدة تتمتع بنفوذ أكبر مما كانت عليه في الماضي، لكنه حذّر من وجود أصوات داخل إدارة ترامب تدعو إلى استمرار هذه الرسوم الجمركية إلى أجل غير مسمى، مما قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد.
دفعة من الحزبين لرقابة الكونجرس على السياسة التجارية
يعكس تحذير كروز دفعًا متزايدًا من الحزبين لرقابة أكبر من الكونغرس على قرارات الرسوم الجمركية. قدّم السيناتور الجمهوري تشاك غراسلي، إلى جانب السيناتور الديمقراطية ماريا كانتويل، تشريعًا من شأنه أن يمنح الكونغرس سلطة أكبر للموافقة على الرسوم الجمركية المفروضة على الدول التجارية.
رغم أن هذا القانون رمزي إلى حد كبير، إلا أنه يُشير إلى تزايد القلق بين المشرعين بشأن التداعيات الاقتصادية لهذه السياسات.
مع تزايد المخاوف بشأن الخسائر الكبيرة التي لحقت بسوق الأسهم، يخشى بعض الجمهوريين من أن يؤدي التأثير الاقتصادي لرسوم ترامب الجمركية إلى خسائر انتخابية، كما يتضح من سلسلة من المرشحين الجمهوريين ذوي الأداء الضعيف في السباقات الانتخابية الأخيرة.
أكد كروز أنه في حال استمرار الرسوم الجمركية والإجراءات الانتقامية، فقد تكون العواقب السياسية وخيمة.
مستقبل السياسة التجارية الأمريكية
في حين لا يزال كروز حذرًا بشأن الآثار طويلة المدى لهذه الرسوم الجمركية، فقد عرض حلاً وسطًا: تخفيض الرسوم الجمركية على الخارج مقابل تخفيض مماثل في الرسوم الجمركية الأمريكية. وجادل بأن هذا سيعود بالنفع على العمال والشركات الأمريكية، وسيؤدي إلى النمو والازدهار.
مع استمرار النقاش، يبقى أمر واحد واضحًا: يشهد المشهد التجاري العالمي تغيرًا كبيرًا، وستشكل القرارات التي سيتخذها البيت الأبيض في الأشهر المقبلة المستقبل الاقتصادي للولايات المتحدة وبقية العالم.
إن نتيجة هذه الحرب التجارية، سواء كانت تؤدي إلى صفقات أفضل أو صراع اقتصادي أعمق، لا تزال غير مؤكدة، والوقت وحده هو الذي سيخبرنا ما إذا كانت استراتيجية الرئيس ترامب سوف تؤدي إلى الفوائد الموعودة أم أنها سوف تضر في نهاية المطاف بالصناعات ذاتها التي تسعى إلى حمايتها.